العراقيون يتشبثون بانتفاضة إنهاء النفوذ الإيراني

العراقيون يتشبثون بانتفاضة إنهاء النفوذ الإيراني

على وقع المشاورات السياسية المتواصلة في العراق بين مختلف الفصائل السياسية للبحث عن بديل لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، يواصل المحتجون انتفاضتهم ضدّ النفوذ الإيراني في البلاد بعدما أقدموا ليل الثلاثاء على حرق قنصلية إيران في مدينة النجف للمرة الثالثة في أقل من أسبوع، وذلك بالتزامن مع تواجد قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العاصمة بغداد لإجراء مشاورات مكثّفة لتجنب سقوط النظام العراقي.

بغداد – واصل العراقيون سلسلة احتجاجاتهم ضد سلطة بلادهم رغم استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وكذلك تحميلهم مسؤولية الأزمة والتحريض على سفك دمائهم لإيران، وذلك عبر إقدامهم مجددا على حرق قنصلية إيران في مدينة النجف جنوبي البلاد للمرة الثالثة في غضون أسبوع.

وأقدم المحتجون على إضرام النيران بقنصلية إيران بالنجف وذلك بالتزامن مع الزيارة التي يقوم بها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، لمنع سقوط النظام في العراق.

وأفاد مصدر أمني عراقي في هذا السياق بأن محتجين أضرموا النيران مرة أخرى في مقر قنصلية إيران بمدينة النجف.

وأضاف أن المقر كان خاليا تماما عند إشعال النيران به، وأن فرق الدفاع المدني تعمل على إخماد الحريق.

ويحمّل المحتجون العراقيون إيران وميليشياتها مسؤولية المجازر التي تعرضوا لها منذ اندلاع الاحتجاجات رغم التهديد والوعيد من قبل أنصار إيران.

وتعد هذه المرة الثالثة التي يتم فيها إضرام النيران بالقنصلية في غضون أسبوع، حيث أضرم متظاهرون النيران فيها قبل ثلاثة أيام، بينما كانت المرة الأولى ليل الأربعاء-الخميس الماضي.

وفي أعقاب إضرام النيران في القنصلية المرة الأولى، شهدت محافظتا النجف وذي قار، جنوبي البلاد، موجة عنف دامية هي الأكبر منذ بدء الاحتجاجات في العراق مطلع أكتوبر الماضي، حيث قتل 70 متظاهرا في غضون يومين على يد قوات الأمن ومسلحي “ميليشيات” مجهولة.

وتأتي هذه التطورات الجديدة في الوقت الذي تكثّفت فيه المشاورات السياسية في بغداد للبحث عن بديل لرئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي.

ونزلت إيران بكامل ثقلها لتفادي سقوط النظام، عبر مساعيها لإقناع القوى السياسية الشيعية والسنية بالذهاب نحو اختيار مرشح جديد لترؤس الحكومة.

وتحدثت الكثير من المصادر السياسية في العراق عن زيارة قام بها قائد فيلق الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى بغداد لاحتواء الأزمة السياسية في العراق.

ويرى مراقبون أن في تشبث المحتجين بإحراق قنصلية إيران بالنجف بالتزامن مع تواجد سليماني في بغداد رسالة شعبية عراقية مفادها الإصرار على قطع القطيعة بين النظامين العراقي والإيراني.

وقبل أن يعلن البرلمان العراقي الأحد موافقته رسميا على استقالة عبدالمهدي وحكومته، بدأت الأحزاب السياسية اجتماعات و”لقاءات متواصلة” للبحث في المرحلة المقبلة.

وعلى الرغم من أن معظم الشارع العراقي المتظاهر، يندد بالسيطرة الإيرانية على مفاصل الحكم ويطالب بكفّ يد الجارة عن أي سلطة مقبلة، لا يبدو أن لدى طهران عزما على تسجيل سقوط عبدالمهدي، الذي كان يحظى بدعمها، كخسارة في سجل سياساتها في المنطقة.

وتشير مصادر سياسية أخرى إلى أن إيران تستنجد بحليفها حزب الله للخروج من مأزق العراق عبر الدفع بالشيخ محمد كوثراني للعب دور هام لإقناع الفصائل السياسية العراقية السنية والشيعية لإيجاد بديل في أسرع وقت لعادل عبدالمهدي.

وتأتي كل هذه التحركات مع وجود قلق لدى بعض الشخصيات من خلافة رئيس الوزراء المستقيل في وضع سياسي مضطرب.

وبعد حرق قنصلية إيران في النجف، تفاعلت طهران مع الحادثة عبر إصدارها الأربعاء بيانا، نصحت فيه مواطنيها بالابتعاد عن مناطق الاحتجاجات بالعراق خلال تواجدهم هناك لزيارة العتبات المقدسة.

ووفقا لوكالة “فارس” الإيرانية، فقد أصدرت منظمة الحج والزيارة الإيرانية مجموعة توصيات إلى الزوار الإيرانيين المتوجهين إلى العراق تضمنت مطالبتهم بزيارة العتبات المقدسة بشكل جماعي، وعدم التواجد في أماكن الاحتجاجات.

ميدانيا، أكّدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها الأربعاء أن قوات الأمن في جميع أنحاء العراق لا تزال تستخدم “القوة القاتلة” ضد المتظاهرين رغم الأوامر بالتوقف عن ذلك.

وطالبت المنظمة الجهات المختصة في العراق باتخاذ تدابير عاجلة لمنع قوات الأمن من استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين.

ونقل تقرير المنظمة عن سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط بها، القول “ينبغي على الحكومة (حكومة تصريف الأعمال) إنهاء القتل خارج القانون، وتفسير عدم قدرتها على السيطرة على قواتها”، معتبرة أن “التناقض بين تصريحات الحكومة وما تقوم به قوات الأمن على الأرض يوحي بأن القائد الأعلى للقوات العراقية لا يسيطر على قواته”.

وحثت المنظمة حكومة تصريف الأعمال على “إدانة القتل غير المشروع للمتظاهرين، بما في ذلك عمليات القتل الأخيرة في النجف والناصرية، وأن تُحيل جميع قوات الأمن المُتورطة إلى القضاء”.

كما حثت السلطات على التحقيق في كل حالة وفاة ارتكبتها قوات الأمن، بمساعدة خبراء دوليين إذا لزم الأمر. وشددت على ضرورة أن تكون مثل هذه التحقيقات سريعة وعادلة ومستقلة.

العرب