شهادة المرأة في المحكمة تؤكد مبدأ إقصائها في مجتمعاتها

شهادة المرأة في المحكمة تؤكد مبدأ إقصائها في مجتمعاتها

المرأة العربية تحاول إثبات كفاءتها لنيل حظوظها من المساواة مع الرجل، غير أن العقلية المقصية والمهمشة لها تحول دون ذلك وتجعل من كل ما يتعلق بها قضايا تثير جدلا باستمرار، من ذلك مسألة إدلائها بالشهادة أسوة بالرجل في المحاكم والتي لا يزال عدد كبير من الناس يتعامل معها عن جهل على أنها نصف رجل.

حققت المرأة العربية الكثير من الإنجازات وتبوأت مناصب عدة واعتلت منصات صنع القرار في بعض البلدان، وهي اليوم القاضية والعدل المنفذ والمحامية…، بل شغلت أيضا مناصب كانت إلى وقت قريب حكرا على الرجال مثل قيادة الطائرة والمشاركة في الخدمات العسكرية الجوية، ومع ذلك فإن شهادتها في المحكمة ما زالت موضع شك في عرف بعض الناس ولا تعادل شهادة الرجل، لأنها لا تزال فريسة استخدام مجتمعاتها لتحريفات ومفاهيم خاطئة تجعل منها مصدرا لنقاشات وجدل لا ينتهيان.

ففي معركتها الأزلية لانتزاع اعتراف بأنها نصف المجتمع كثيرا ما تصطدم بمحاولات مستميتة لجعلها دائما ظل رجل. ويستمد المناهضون لها في معالجة بعض القضايا من الخطابات المستندة على الشريعة الإسلامية السلاح الذي يحاربون به مناصريها، لاسيما إذا كانت المسألة حمالة أوجه تتباين فيها الآراء وتختلف حولها الفتاوى، كقضية الشهادة.

وهذه القضية لا تزال ملفا ساخنا يتداول الدعاة والمشايخ على تبريره بوصفه جدلا يثار بين الحين والآخر، لما يطرحه من تساؤلات تتطلب إعادة التفكير فيها بعيدا عن أي تجاذبات.

وعلى الرغم من أن الكثير من قصص الصحابيات والمحدثات اللاتي كانت لهن مساهمة كبيرة في نقل علمهن إلى المسلمين من أبناء عصرهن وحتى من الأجيال اللاحقة، تدل على ما حققته المرأة في مجال الفقه ونقل الحديث النبوي، فإن هناك من يشكك في قدراتها العلمية والفقهية ويقلل من الثقة فيها وفي آرائها، معتبرا إياها ناقصة عقل ودين، لذلك فإن شهادتها نصف شهادة الرجل.

تنبع معظم الانتقادات التي تهزّ الثقة في المرأة من آية في القرآن تتطلب وجود شاهدتين للإدلاء بشهادتهما في غياب أحد الشهود الذكور، وهي الآية 282 من سورة البقرة “واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممّن ترضون من الشُّهداء أَن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأُخرى”.

ويذهب الكثير ممن قدموا تفسيرا لهذه الآية إلى التأكيد على الدونية البيولوجية أو النفسية للمرأة، مستندين على الطبيعة الفسيولوجية للنساء المختلفة عن طبيعة الرجال لإثبات حجتهم بدلا من أي اقتباسات كتابية من القرآن أو الحديث، وكان العالم أبو بكر الرازي شرح المغزى من الآية قائلا ”(أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأُخرى) والمعنى أَنّ النّسيان غالب طباع النّساء لكثرة البرد والرّطوبة في أَمزجتهنّ“. كما أن عددا من العلماء يعتبر أن النساء أصلا أقل جدارة بالثقة مقارنةً بالرجال.

ويرى الشيخ بدري المدني، وهو باحث تونسي في الفكر الإسلامي، أن كل ما “يثار حول موقف الإسلام من عدة قضايا لا تزال تدور عند المسلمين في منظومتهم الفكرية البالية المتكلّسة خصوصا تلك المتعلقة بالمرأة، بمثابة شبهة زائفة، يتعمّد أصحابها البحث عن كلّ أشكال انتقاص المرأة وخاصة إشكالية الشهادة التي يقول مثيروها: إن الإسلام قد جعل المرأة نصف إنسان، وذلك عندما جعل شهادتها نصف شهادة الرجل، مستدلين على ذلك بالآية 282 من سورة البقرة”.

وبين المدني لـ”العرب” أن “مصدر الشبهة التي حسب مثيروها أن الإسلام قد انتقص من أهلية المرأة، بجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل، هو دون شكّ الخلط بين ‘الشهادة’ وبين ‘الإشهاد’ الذي تتحدث عنه هذه الآية الكريمة”.

ويشاطر الباحث المصري بالأزهر الشريف، سعيد كشك، الباحث التونسي، هذا الرأي، حيث قال إن الآية تتحدث عن “الإشهاد” على العقود، وليس عن “الشهادة” في عمومها.

وتابع كشك أن الدكتور محمد معروف الدواليبي لخص ذلك بالقول إن “الشريعة الإسلامية اتجهت إلى تعزيز الشهادة في القضايا المالية بصورة مطلقة بشهادة رجل آخر، إلى جانب الرجل الأول، حتى لا تكون الشهادة عرضة للاتهام. ولم يعتبر أحد تنصيف شهادة الرجل هنا وتعزيزها بشهادة رجل آخر مسّا بكرامته ما دام ذلك التعزيز أضمن لحقوق الناس”.

وأضاف “زيادة على ذلك فإن شهادة الرجل لم تقبل قط (وحده) حتى في أتفه القضايا المالية. غير أن المرأة قد امتازت على الرجل بسماع شهادتها (وحدها)، دون الرجل، فيما هو أخطر من الشهادة على الأمور التافهة، وذلك كما هو معلوم في الشهادة على الولادة وما يلحقها من نسب وإرث، بينما لم تقبل شهادة الرجل (وحده) في أتفه القضايا المالية وفي هذا رد بليغ على مَن يتهم الإسلام بتمييز الرجل عن المرأة في الشهادة”.

وهذا الخلط يعد مذهب عموم الناس من السلف والتابعين لهم والناقلين عنهم من الخلف وذلك للعلة الظاهرة في الآية وهي احتمال ضلال المرأة، وقد تبنوا ذلك، لأنه يصيب وطرا في نفوسهم وهواهم وعمموه واتخذوه ذريعة لعلو شأن الرجال. وشكل ضعف التمثيل الاجتماعي والثقافي للمرأة في السابق مناخا غذى ذلك.

وأوضح المدني أن “الشهادة التي يعتمد عليها القضاء في اكتشاف العدل المؤسس على البينة، واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارا لصدقها أو كذبها، ومن ثمّ قبولها أو رفضها”.

وأكد الباحث التونسي أن “الصدق هو معيار تحقق اطمئنان القاضي للشهادة بصرف النظر عن جنس الشاهد، ذكرا كان أو أنثى، وبصرف النظر عن عدد الشهود.. فالقاضي إذا اطمأن ضميره إلى ظهور البينة يمكن أن يعتمد شهادة رجلين، أو امرأتين، أو رجل وامرأة، أو رجل وامرأتين، أو امرأة ورجلين، أو رجل واحد أو امرأة واحدة.. ولا أثر للذكورة أو الأنوثة في الشهادة التي يحكم القضاء بناء على ما تقدمه له من البينات”.

وفسر كشك في حديثه لـ”العرب” أن “الشهادة تكليف ومسؤولية، وعندما يخفف الله عن المرأة في الشهادة فهذا إكرام لها، وعلينا أن ندرك أن الشروط التي تراعى في الشهادة، ليست عائدة إلى وصف الذكورة والأنوثة في الشاهد، ولكنها عائدة إلى أمرين في الإسلام؛ الأول: عدالة الشاهد وضبطه، والثاني: أن تكون بين الشاهد والواقعة التي يشهد بها، صلة تجعله مؤهلا للدراية بها والشهادة فيها”.

بحسب بعض القراءات لمسألة الشهادة كما وردت في كتاب القرآن الكريم، فإن الآية 282 من سورة البقرة تعتبر الحالة الوحيدة التي تم التفصيل فيها والتحديد في شأن طلب شهادة الرجل والمرأة، إذ هناك نصوص قرآنية أخرى واضحة تستوي فيها شهادة المرأة مع شهادة الرجل، وقد تفوق شهادته.

وحول ذلك لفت الباحث المصري إلى أن “من الحقائق التي قد نص القرآن عليها في قضية الشهادة أن شهادة المرأة تستوي مع شهادة الرجل سواء بسواء كما في اللعان على سبيل المثال، وهو ما شرعه القرآن بين الزوجين حينما يقذف الرجل زوجته وليس له على ما يقول شهود”، واستدل بقول الله تعالى ﴿والّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنَّه لمن الصّادقين * والخامسة أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرأُ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنَّه لمن الكاذبين * والخامسةَ أنّ غضب الله عليها إن كان من الصّادقين﴾.

وأوضح كشك الآيات من 6 إلى 10 من سورة النور قائلا إن “أربع شهادات من الرجل يعقبها استمطار لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وتقابلها وتُبطِل عمَلها أربعُ شهادات من المرأة يعقبها استمطار غضب الله عليها إن كان من الصادقين”.

وأجمع الفقهاء على أن هناك من القضايا ما تُقبل فيها شهادة المرأة وحدها دون الرجال، وهي القضايا التي لم تجرِ العادة بإطلاع الرجال على موضوعاتها، قال ابن قدامة في المغني “ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال مثل الرضاعة والولادة والحيض والعدة وما أشبهها شهادة امرأة عدل. ولا نعلم بين أهل العلم خلافًا في قبول شهادة النساء المنفردات في الجملة”، وفقا لقول كشك.

وأضاف أن الشيخ الحنبلي أوضح الحكم في موضع آخر فيقول “تقبل شهادة النساء وحدهن -منفردات عن الرجال- في: الولادة، الاستهلال، الرضاع، العيوب التي تحت الثوب كالرتق، والقرن، والبكارة، والثيبوبة، والبرص”.

وهذا ما أشار إليه بعض العلماء الذين قالوا إن إحلال امرأتين مقابل رجل أمر غير عام، وأنه مرتبط تطبيقه بمجالات قانونية معينة، بينما في مجالات أخرى من القانون، يمكن اعتبار شهادة النساء أعلى من شهادة الذكر، في أمور مألوفة للنساء.

وأكد المدني “نص الفقهاء على أن من القضايا ما تقبل فيه شهادة المرأة وحدها، وهي القضايا التي لم تجر العادة بإطلاع الرجال على موضوعاتها، كالولادة والبكارة، وعيوب النساء والقضايا الباطنية.. فهذه عدالة الإسلام في توزيع الحقوق العامة بين الرجل والمرأة، وهي عدالة تحقق أنهما في الإنسانية سواء”.

أما آية سورة البقرة والمسمّاة بآية الدين، فإنها تتحدث عن أمر آخر غير “الشهادة أمام القضاء.. تتحدث عن الإشهاد الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دَيْنه، وليس عن الشهادة التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين”، وفقا للباحث التونسي.

وأضاف “الآية موجهة لصاحب الحق الدَّيْن وليس إلى القاضي الحاكم في النزاع بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حق دَيْن ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود في كل حالات الدَّيْن.. وإنما توجهت بالنصح والإرشاد فقط؛ النصح والإرشاد إلى دائن خاص، وفي حالات خاصة من الديون، لها ملابسات خاصة نصت عليها الآية واتفق عليها العلماء المجتهدون”.

وتابع “حقيقة المسألة أن هذه الآية إنما تتحدث عن “الإشهاد” في دَيْن خاص، وليس عن الشهادة.. وإنها نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّيْن ذي المواصفات والملابسات الخاصة وليست تشريعاً موجهاً إلى القاضي الحاكم في المنازعات”.

بين القانوني والديني
وضعت الأستاذة مفيدة سليم المحامية والمستشارة لدى المؤسسات الاقتصادية بتونس، إشكالية شهادة المرأة في المحكمة، في إطارها القانوني، قائلة “القانون التونسي إن تناول مسألة الشهادة ونظمها طبق أحكام مجلة المرافعات المدنية والتجارية”.

وعرفت الشهادة بأنها تصريح بالقول صادر عن أحد الأشخاص الذي مكنته الظروف من أن يعيش الواقعة القانونية أو التصرف القانوني ويعلم محتواه وظروف حصوله سواء كان ذلك بالمشاهدة أو بالسمع أو حتى ببلوغ العلم له عن طريق الغير، مشيرة إلى اشتراط القانون أن يكون الشاهد مميزا ويتمتع بالأهلية القانونية وبمعنى أدق يكون رشيدا وراشدا.

وتابعت سليم في حديثها لـ”العرب” أن “القانون لم يتعرض لجنس الشاهد واعتبر أن الشهادة المتلقية من الغريب أفضل عن الواقعة القانونية والتصرف القانوني وسيلة ثانوية للإثبات تضاف إلى قرائن القضية المتوترة حتى تكون دليلا قانونيا معتمدا.. ولطالما اعتبر القانون التونسي شهادة الشهود من الأدلة غير الفاصلة في القضايا الهامة والمتعلقة خاصة بتعمير الذمة المالية.. غير أنه في حالات استثنائية يقع اعتماد شهادة الشهود طالما كانت هي الدليل الوحيد أو اليتيم الذي يستند إليه المدعي كعقود الشغل والكراء”.

وأضافت “أما بالنسبة إلى إشكالية شهادة المرأة فقد تعتبر فاصلة فيما يتعلق بالمسائل التي لا يطلع عليها إلا النساء وهي إمكانية مفتوحة لاجتهاد القاضي وكذلك قابلة للدحض والرد من كل الوسائل الأخرى الأقوى حظا في الإثبات كالاختبارات والاعترافات”.

ولفتت إلى أنه “يمكن باختصار أن نلاحظ البون الشاسع بين قيمة شهادة المرأة أمام المحكمة في القانون وقيمتها من المنظور الاجتماعي فقط ولا يخفى أن بعض العقليات ما زالت تدين بقاعدة ‘فرجل وامرأتان’ وهو منحى ديني وموثوق المصدر باعتباره صادرا عن مشرع أعلى جل جلاله، لكن هذه القاعدة الدينية قد تمت إزاحتها لفائدة القانون الوضعي الذي لا يشترط توفر امرأتين في غياب رجل بل يعتمد شهادة المرأة طالما كانت هذه المرأة راشدة ورشيدة ومميزة وطالما استطاع المدعي الاستناد إلى قرائن أخرى”.

من المفكرين أمثال المفكر الإصلاحي التونسي، الطاهر الحداد، من يرى أن الآية إيجابية للمرأة على عكس ما يذهب إليه عامة الناس، حيث أنها تمكن النساء من الإشهاد في زمن لم يكن لهن فيه تمكين لا اقتصاديا ولا سياسيا ولا اجتماعيا، ولا ولاية لهن، إلى جانب ارتباطها بالملكية والمواريث مما يجعلها تتنزل في سياق فيه خطوة إيجابية نحو العدل والمساواة.

ومع تطور العصر وخروج المرأة للعمل ودخولها المعترك الاقتصادي تغيرت مجريات الأمور، وكان المنتدى الاقتصادي العالمي قال في تقريره السنوي منذ أيام إن هناك تطورات إيجابية بينها الازدياد العام في حصة النساء بين العاملين من ذوي المهارات وذوي المناصب المهنية العليا، وأن النساء أحرزن تقدما في بعض المجالات.

وخلص التقرير إلى أن 55 بالمئة فقط من النساء البالغات موجودات حاليا في سوق العمل، مقارنة مع 78 بالمئة من الرجال، وهي نسبة قابلة للارتفاع في السنوات المقبلة.

ولفت المدني في هذا السياق إلى أن “الآية جاءت على ما كان مألوفا في شأن المرأة في زمن قديم أمّا اليوم فالحال تغيّر، فيمكن الاستيثاق بالمرأة على نحو الاستيثاق بالرجل متى اطمأنوا إلى تذكرها وعدم نسيانها على نحو تذكر الرجل وعدم نسيانه”.

وأوضحت سليم أن “المسألة قد تجاوزها الزمن في حين ما زالت تراوح مكانها لدى العامة بين قابل ورافض ومتمسك بالأدلة الكريمة أو بالآية الكريمة، لكن الأغلب في التطبيق أمام القاضي هو أن شهادة المرأة توازي شهادة الرجل”.

وختمت بالقول إنها تعتقد أنه “بالنسبة إلى مسألة شهادة المرأة كلما كانت المرأة مختصة في ميدانها وخبيرة في أي مجال علمي أو أدبي، فإن شهادتها لا يمكن أن يدحضها أي دليل آخر مهما تضافر ومهما تكامل، فهنا النظر ليس لجنسها بل لقيمة خبرتها التي وثقتها في شهادة كتابية أو شهادة منقولة مشافهة”.

التفكير بدء الحياة
“التفكير بدء الحياة ولكننا نضع في وجهه سلاح التكفير لنثير عليه الشعب، فمن أين نبدأ الحياة التي نطلبها للشعب؟”، دعوة صريحة من المفكر الراحل الطاهر الحداد لإعمال العقل ومراجعة المرتكزات الأولية، وهو ما ألمح إليه أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود، خالد الرديعان، قائلا “أنا في الحقل الاجتماعي وأدرك أن موقع المرأة ومكانتها محكومان بمنظومة قيم اجتماعية تقصيها وتهمش دورها”.

لكن الرديعان يرى أن “هناك حراكا قويا لتغيير الثقافة.. وهناك وعي متنام بحقوق المرأة، وهناك دعوات إلى فض الاشتباك بين الديني والثقافي”، موضحا أن “الدين ككتاب مقدس وحديث مفتوح على احتمالات، لكن تكمن المشكلة في تأويل النصوص عبر التاريخ. التفسير مؤدلج وذاتي في الغالب”.

وأورد مثالا بأن “الحديث النبوي حول سفر المرأة دون محرم (زوج، أب، إلخ) كان يؤخذ به حرفياً دون تأويل قبل عدة سنوات.. الآن هناك اجتهادات جديدة تنسف التفسيرات القديمة وترى ضرورة سفر المرأة مع بعض الشروط.. هناك تحول”.

وقال الرديعان لـ”العرب” “عندما يكون الاستبداد السياسي هو سيد الموقف وهو ما تعاني منه معظم المجتمعات العربية والإسلامية فإننا لا نتوقع تقدما في فهم عصري للإسلام يتوافق مع متطلبات الحياة وشروطها. تفسير النص الديني والتعامل معه بموضوعية يحتاجان إلى مناخ من الحرية التي تحد من ظاهرة التكفير والتفسيق والتبديع. أغلب من يجتهدون اليوم في فهم النصوص الإسلامية ويؤولونها بطريقة عصرية وعملية (براغماتية) يتم اتهامهم بالهرطقة والخروج وربما الكفر بل ويحذرون العامة من أطروحاتهم”.

ولفت إلى أن “مشكلة الدول الإسلامية أن معظم قوانينها مشتقة من فهم معين للشريعة الإسلامية وهذا معوق. هذا الفهم (المعين) ينسحب على جميع القوانين بما فيها ما يخص المرأة”.

وأضاف أن “المرأة اليوم هي وزيرة وسفيرة ورئيسة وزراء في بعض الدول فكيف نقول بنظرية الشاهدتين؟ هذا يتنافى مع العقل والمهنية. لكن يلزم أن نبتعد عن إهانة الدين أو القول بقصوره فهذا خروج.. نحن نقول بضرورة الاجتهاد وإعمال العقل في النص الديني.. (النص لغة واللغة متحركة)”.

العرب