احتجاجات في طهران بسبب إسقاط الطائرة الأوكرانية وسط هتافات “حادة”

احتجاجات في طهران بسبب إسقاط الطائرة الأوكرانية وسط هتافات “حادة”

نظم طلاب إيرانيون أمام عدة جامعات في العاصمة طهران، تجمعات احتجاجية، مساء اليوم السبت، ضد إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية والتأخير في الإعلان عن الحادث وملابساته، وسط صدمة كبيرة في الشارع الإيراني بسبب ذلك.

أضاء المشاركون في التجمعات الاحتجاجية الطلابية في العاصمة الإيرانية، الشموع داخل وأمام الجامعات، لضحايا إسقاط الطائرة


وأفادت وكالتا أنباء “إيسنا” و”إيلنا” الإصلاحيتان، بأن الطلبة الإيرانيين أطلقوا خلال تجمعاتهم هتافات احتجاجية على أسلوب الإعلان عن الحادث وعدم الشفافية والتأخير في ذلك، داعين السلطات المعنية إلى تحمل المسؤوليات واستقالة المسؤولين المعنيين ومحاكمتهم.

وبحسب مقاطع فيديو، نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، فإن غضب المحتجين بسبب التأخر في الإعلان عن إسقاط الطائرة، وسط نفي رسمي له، وتأكيد وجود عطل فني بها، على مدى الأيام الماضية، قبل أن تعلن الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، فجر اليوم السبت، أنها أسقطت بـ”خطأ بشري غير متعمد”.

وفيما عزا محتجون إيرانيون على شبكات التواصل الكشف عن السبب الحقيقي إلى عدم إمكانية التستر عليه بسبب وجود ضحايا أجانب وضغوط دولية، إلا أن قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زادة، نفى اليوم السبت، أن يكون “الحرس والقوات المسلحة قد كتمت الحقيقة”، مضيفا أن “هذا المسار كان ينبغي أن يستكمل”.

وفي تقرير لها، أفادت وكالة “فارس”، المحسوبة على الخط المحافظ، بأن المحتجين في طهران، أطلقوا هتافات ضد كبار المسؤولين الإيرانيين، مشيرة إلى أن عددهم أمام جامعة “أمير كبير” الصناعية، وسط البلاد، بلغ ما بين 700 وألف شخص.

وأضافت أن المعترضين خرجوا من الجامعة نحو الشارع مطلقين هتافات “حادة”، مشيرة إلى أن هذه الهتافات “حرّضت أفرادا ليقوموا بتمزيق صورة الحاج الشهيد قاسم سليماني على الجدران”.

كما أن وكالة “إرنا” الرسمية التابعة للحكومة، أوردت أيضا في تقرير لها، أن المواطنين الإيرانيين في الشوارع التحقوا بالطلاب المحتجين.

في الأثناء، أضاء المشاركون في التجمعات الاحتجاجية الطلابية في العاصمة الإيرانية، الشموع داخل وأمام الجامعات، لضحايا إسقاط الطائرة.

وبحسب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، الأربعاء الماضي، فإن 176 شخصا كانوا على متن الطائرة المنكوبة، منهم الطاقم المكون من 9 أعضاء و167 مسافرا. وقال ربيعي إن 147 منهم إيرانيون، والآخرون من الجنسيات الأوكرانية والكندية والأفغانية والبريطانية والسويدية. إلا أن هناك تضاربا في جنسيات الضحايا، وهذا يعود إلى أن الكثير من الإيرانيين القتلى مزدوجو الجنسية، إذ إن نحو 60 شخصا منهم يحملون أيضا الجنسية الكندية.

وعلى صعيد متصل بالحادث، وفيما انتشرت منذ مساء أمس الجمعة، أنباء على شبكات التواصل عن تهديد الرئيس الإيراني، حسن روحاني بالاستقالة، احتجاجا على إسقاط الطائرة وعدم إبلاغه بذلك إلا أمس الجمعة، وعن استقالة مسؤولين عسكريين في إيران، إلا أن وكالة “فارس”، وصفت هذه الأنباء، اليوم السبت، بأنها “إشاعات تستهدف إيجاد انتظارات كاذبة بين المواطنين”، معتبرة أن “إقصاء قادة عسكريين مخضرمين في أيام، أثبتت فيها إيران قوتها في المواجهة المباشرة” مع الولايات المتحدة، “ليس له نتيجة سوى إرباك الجبهة”، بحسب قولها. وأكدت الوكالة أن “هذا ما يريده الأعداء”.

في غضون ذلك، وجّه نواب برلمانيون ونشطاء إيرانيون، انتقادات لاذعة، لسلوك السلطات في التعامل مع حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية و”كتمان الحقيقة” لأيام، مع تأكيد بعضهم أن هذا السلوك همّش “الإنجازات” التي حققتها إيران بعد مهاجمة أهداف أميركية في العراق، وأثر سلبا على “أجواء الانسجام”، التي عكستها مراسم تشييع قائد “فيلق القدس”، قاسم سليماني، الذي اغتاله سلاح الجو الأميركي في الثالث من الشهر الجاري بالقرب من مطار بغداد الدولي.

وفي السياق، أعلنت كتلة “أميد” (الأمل) الإصلاحية، أنها قررت أن تناقش خلال اجتماع للمجلس المركزي للكتلة يوم غد الأحد، مشروعا لمساءلة روحاني واستجواب وزراء المواصلات والدفاع في البرلمان.

كما أن رئيس الكتلة، محمد رضا عارف، دعا على حسابه في “إنستغرام” إلى ملاحقة قانونية للمتسببين وكاتمي الحقيقة ومحاكمتهم، منتقدا “عدم صدق مسؤولين” إيرانيين.

ودعا عارف السلطات المعنية إلى احترام الرأي العام ومشاعر الشعب الغاضبة تجاه ما حصل.

وانتقد عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، المحافظ أحمد توكلي، تصرف السلطات الإيرانية تجاه الموضوع، مؤكدا “كان ينبغي أن يُكشف عن الحقيقة للشعب من البداية كي لا يتهم مسؤولون بالكذب”.

وكانت الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، قد أعلنت في بيان عسكري، فجر اليوم السبت، أن الطائرة الأوكرانية من طراز بوينغ 737 قد أسقطت “عن طريق خطأ بشري غير متعمد” بعد إصابتها بصاروخ للدفاع الجوي الإيراني، فيما طالبت كل من أوكرانيا وكندا بـ”الشفافية” لإجراء تحقيق “كامل ومعمق” وبتعويض من إيران.

من جهته، أصدر روحاني، بيانا، عبّر فيه عن “الأسف العميق” تجاه ما حصل، مشيرا إلى أنه اطلع على نتيجة تحقيقات الأركان العامة للقوات المسلحة بشأن سقوط الطائرة المدنية الأوكرانية “قبل ساعات”.

وأضاف روحاني أن الطائرة أسقطت في ظروف التهديدات الأميركية ضد بلاده بعد حادثة اغتيال سليماني، قائلا إن القوات المسلحة الإيرانية كانت في حالة “التأهب القصوى” في مواجهة “أي هجمات محتملة للجيش الأميركي”، إلا أنه بحسب قوله، فإن “خطأ بشريا وإطلاقا خاطئا تسبب بمأساة كبرى ومقتل العشرات من الأبرياء”.

إلى ذلك، أكد قائد القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زادة، ظهر اليوم السبت، أنه يتحمل “المسؤولية كاملة”، كاشفا “كنت في غرب البلاد للإشراف على تنفيذ الضربات الصاروخية على القواعد الأميركية (في العراق)، وتمنيت الموت حين سمعت نبأ إسقاط الطائرة”.

كما كشف حاجي زادة أن إسقاط الطائرة حدث بعدما اشتبه المسؤول عن الدفاع الجوي في غرب طهران بأنها صاروخ كروز على بعد 19 كيلومترا، ليتخذ قرارا بالإطلاق “ولم يقم بالتأكد بسبب عطل في جهاز الاتصال”.

العربي الجديد