كورونا في آسيا والجراد في أفريقيا… وترامب في أمريكا!

كورونا في آسيا والجراد في أفريقيا… وترامب في أمريكا!

بعد وفاة 26 شخصا وإصابة المئات (وربما الآلاف)، وفي محاولة لاحتواء تداعيات انتشار فيروس كورونا الجديد، قامت السلطات الصينية بإلغاء الاحتفالات الشعبية لرأس السنة الصينية، كما أعلنت عزل الملايين من مواطنيها في خطوة لم تتخذ من قبل، بحيث توقفت كل القطارات والطائرات من مدينة ووهان، حيث انطلق الوباء، وهو ما حصل في مدن أخرى كهوانغانغ وإزهو، وارتدى الناس جميعهم الأقنعة والكمامات، فيما ارتدت الطواقم الطبية والصحية الملابس الواقية، كما أعلنت سلطات عدة دول بينها الهند، والسعودية، وتايلاند، وفيتنام، والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية واليابان وجود إصابات بالمرض لديها.
وفيما تحاول السلطات في العالم السيطرة على هذا الوباء الصحّي ورغم أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) كانت قد دقّت ناقوس الخطر قبل قرابة عام كامل من احتمال تفشي الجراد الصحراوي في شمال شرق افريقيا والسعودية، فقد انطلقت الجائحة فعلا، مما يهدّد المحاصيل الغذائية لبلدان كثيرة كالسودان واريتريا واثيوبيا والصومال وكينيا (بعد انطلاقها من الربع الخالي وسواحل اليمن والسعودية نحو إيران والهند وباكستان ثم رحلتها رجوعا إلى شرق أفريقيا) وهو ما يعني تفشي المجاعة مجددا في منطقة تضم القرن الأفريقي وجنوب غرب آسيا والبحر الأحمر.
يمكن لأسراب الجراد هذه التي يبلغ عددها عشرات المليارات والتي تعد موجتها الأسوأ من نوعها في العالم منذ 25 سنة أن تصل إلى 150 كيلومترا في اليوم ويستهلك سرب صغير جدا من الجراد في اليوم الواحد ما يعادل كمية الغذاء التي يستهلكها نحو 35000 شخص، وإذا لم تكافح هذه الأسراب فإن أعدادها الحالية قد تنمو 500 مرة خلال أشهر، بشكل يدمر الغذاء لكافة البلدان التي تصل إليها.
ركزت كل البلدان التي وصلت إليها هذه الجوائح على الحالة الطارئة والمخاطر التي تتهدد، وهو الأمر الطبيعي، لكن الأمر الذي يتم تجاهله أو تجنب الحديث عنه، هو علاقة هذه الجوائح الصحّية والطبيعية بالسياسات التي تتبعها السلطات ولا ارتباطها المباشر بالتغيّرات المناخيّة التي تحصل على كوكب الأرض، فكورونا، أو «متلازمة الشرق الأوسط التنفسية»، وهو مرض مستجد اكتشف لأول مرة في السعودية عام 2012، ينتقل من الحيوان إلى البشر، وسبب انبعاثه الجديد من مدينة ووهان يرتبط، كما قال خبراء صحة عالميون، بطرق تغذية وتربية وقتل الحيوانات لأكلها، وهي طرق تسيطر عليها حيثيّات التعسّف والإساءة للحيوان والبشر معا، فيما أن تفشّي الجراد سببه عدم تحرّك سلطات العالم للقضاء عليه بعد الإنذارات الأولى من الجهات الصحية العالمية، وهو يؤدي إلى تفاقم آثار تغير المناخ التي يعاني منها الناس أصلا في المناطق التي ينتشر فيها.
أما ما علاقة ذلك بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب فواضحة فهو بوصفه رئيس أقوى وأغنى اقتصاد في العالم، يتحمّل مسؤولية عظمى في توجيه سياسات العالم للدفاع عن الأرض والبشرية، لكنه، بسياساته المحافظة المتطرّفة، اختار جانب إنكار حقائق تغير المناخ، ووجه الشتائم للمدافعين عن الكوكب معتبرا إياهم «أنبياء الشؤم» الذين يخوفون الناس كذبا من نهاية العالم، وسجل موقفا مخزيا بانسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، وبدعمه لسياسات بائسة، في الوقت الذي يشاهد الناس الحرائق الهائلة في البرازيل وأستراليا ويراقب الناس التغيّرات الكارثية الحاصلة مما دفع عالم اقتصاد حائز على جائزة نوبل للقول إن ترامب «يتكلم كأن ما نراه بأعيننا ليس موجودا».

القدس العربي