ترامب جر الخليج إلى شفا الحرب

ترامب جر الخليج إلى شفا الحرب

قال الدبلوماسي الإيراني السابق سيد حسين موسافيان إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دفع “بشكل متهور” منطقة الخليج نحو حافة الحرب إثر إصداره أوامر بقتل قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني مطلع الشهر الجاري.

وأضاف موسافيان في مقال بمجلة ناشونال إنترست، أنه لا يخالجه أدنى شك في أن أثر اغتيال القائد العسكري الإيراني لن يقتصر على العلاقات الأميركية الإيرانية فحسب، بل سيطال المنطقة وما وراءها.

وكان سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي لقيا مصرعهما يوم 3 يناير/كانون الثاني الحالي في غارة بطائرة مسيرة أميركية استهدفت سيارة كانا يستقلانها بالقرب من مطار العاصمة العراقية بغداد.

12 عاقبة
ويزعم موسافيان -الذي يعمل الآن باحثا بجامعة برينستون الأميركية- في مقاله أن اغتيال سليماني ورفيقه المهندس ستنجم عنه 12 عاقبة.

أولا: إن “الأوهام والوساوس” التي تنتاب ترامب منعته من الإقرار بالواقع والحقائق الموضوعية ما قد تفضي إلى حدوث “كوارث حقيقية”.

وأورد موسافيان أن ديفد وورمسر -الذي يعمل مستشارا بمجلس الأمن القومي الأميركي- كان قد أوعز للبيت الأبيض بأن العديد من الإيرانيين سوف يرحبون بتوجيه ضربة لقائد عسكري إيراني كبير مثل سليماني.
اعلان

ثانيا: إن “الجموع الهادرة” من الجماهير التي شاركت في تشييع جثماني قاسم سليماني في إيران وأبو مهدي المهندس في العراق، تظهر ببساطة أن فيلق القدس وقوات الحشد الشعبي يتمتعان بدعم “اجتماعي هائل”، وهو ما تفتقر إليه القوات الأميركية في المنطقة، بحسب مقال ناشونال إنترست.

ثالثا: إن حقيقة أن فيلق القدس وقوات الحشد الشعبي في طليعة من يقاتلون التنظيمات “الإرهابية” مثل تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة، لم تكن خافية حتى على ترامب وغلاة السياسيين المناوئين لإيران.

ومن اليوم فصاعدا -والحديث لا يزال لموسافيان- لن تصدق غالبية الإيرانيين والعراقيين “ادعاءات” الولايات المتحدة بمحاربة تنظيم الدولة، بل سيعتبرونها في حقيقة الأمر “حليفا خفيا أو غافلا” له.

تشغيل الفيديو

رابعا: يُعد اعتراف واشنطن علنا بمسؤوليتها عن اغتيال قائد عسكري إيراني كبير لأول مرة “سابقة” في تاريخ العلاقات بين البلدين، مما دفع طهران لضرب قاعدتين أميركيتين كبيرتين داخل العراق. ويزعم موسافيان أن ما من دولة في العالم نجحت في مهاجمة قاعدة أميركية منذ الحرب العالمية الثانية.

خامسا: قال الرئيس الأميركي عقب رد إيران على مقتل سليماني، إن على واشنطن وطهران “تبني السلام”، وإن باستطاعتهما العمل معا. غير أن موسافيان يصف ذلك بأنه ضرب من “الوهم وسوء التقدير”، ذلك أن اغتيال سليماني جعل الدبلوماسية أكثر صعوبة، والتوصل إلى صفقة “مجدية” مع إيران أمرا بعيد الاحتمال.

سادسا: لطالما تبادلت الولايات المتحدة وإيران الاتهامات بسفك دماء بعضهما بعضا. غير أن أميركا بقتلها أحد كبار القادة العسكريين الإيرانيين أثبتت بما لا يدع مجالا للشك -برأي الكاتب- أنها هي التي تريق الدم الإيراني.

سابعا: يرى الكاتب أن إدارة ترامب جعلت حياة الإيرانيين بائسة بتسببها في مصاعب اقتصادية غير مسبوقة لهم عبر تبنيها سياسة “الضغوط القصوى” على بلدهم. وقد أدى ذلك إلى اضطرابات عمت العديد من المدن في إيران.
اعلان

ولكن بعد قتلها سليماني، خرج الإيرانيون إلى الشوارع “للتعبير عن تعاطفهم وتضامنهم”، وهو ما حدا بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إلى اعتبار ذلك بمثابة “إحياء للوحدة الاجتماعية والتضامن” بين أبناء الشعب الإيراني التي يتعين المحافظة عليها.

ثامنا: إن الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق وليبيا، ودعم واشنطن للحرب التي شنها صدام حسين ضد إيران، وتحالفها مع السعودية في اليمن، وتأييدها للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، كلها عوامل ساعدت في شد أزر قوى المقاومة.

إن “استشهاد” سليماني والمهندس أحدث “ندوبا في قلوب شعوب” المنطقة، مما ساهم في ترسيخ ضغينة دائمة في النفوس ضد الولايات المتحدة، وفقا لموسافيان الذي يصر على أن أميركا لم تربح قط “ولن تربح ” حرب عصابات أو حربا غير نظامية على الإطلاق.

تاسعا: برأي الكاتب أن أوروبا وحلف الناتو ارتكبا أخطاء فادحة بالفعل بدعمهما غير المباشر أو مشاركتهما المباشرة في حروب واحتلالات عسكرية بالشرق الأوسط.

وفي المقابل -يضيف الباحث والدبلوماسي السابق- انتهزت القوى الشرقية، لا سيما روسيا والصين والهند، الفرصة فنالت القبول والاستحسان بإدانتها الاغتيال وتعاطفها مع دولتي إيران والعراق.

عاشرا: قبيل اغتيال سليماني والمهندس من قبل الولايات المتحدة، كانت إيران قد طرحت في سبتمبر/أيلول 2019 “مبادرة هرمز للسلام” الرامية لتخفيف حدة الصراع وإقامة حوار بين دول المنطقة، إلا أن تلك الفرصة “قد أُجهضت بشكل دراماتيكي”، حسب وصف الكاتب.
اعلان

وأشار المقال إلى أنه تكشف فيما بعد أن حلفاء أميركا في المنطقة، خاصة إسرائيل، شاركوا في عملية اغتيال سليماني والمهندس.

إحدى عشرة: بعد مهاجمة إيران قواعد عسكرية تابعة للولايات المتحدة في العراق، وإسقاطها طائرة أميركية مسيرة في عام 2018، سيدرك حلفاء واشنطن الآن أنهم سيكونون الضحايا الرئيسيين في حال نشوب حرب بين إيران وأميركا.

اثنتا عشرة: في حقبة ما بعد خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي مع إيران)، عمد الغرب إلى مضايقة طهران “بإلحاح” لاحتفاظها بقدراتها الصاروخية، مستخدما ذلك ذريعة للضغط عليها.

وبقول موسافيان إن الغرب لمس رفض إيران “القاطع” التخلي عن قدراتها الصاروخية، رغم علمه بأهميتها في إستراتيجية طهران الدفاعية.

الجزيرة