بروكسل تتقبل “الجرح” بإنجاز الطلاق مع لندن

بروكسل تتقبل “الجرح” بإنجاز الطلاق مع لندن

صوت البرلمان الأوروبي الأربعاء على اتفاق بريكست الذي يحدد تفاصيل مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، في آخر مرحلة كبرى لإنجاز الانفصال قبل يوم من خروج البريطانيين من التكتل.

ووافق 621 نائبا أوروبيا على الاتفاق، بينما عارضه 49 آخرون وامتنع 13 عن التصويت.

وقال رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي الأربعاء في تعليق على مغادرة المملكة للتكتل الأوروبي “إنه جرح لنا جميعا، لكن علينا احترام مشيئة المواطنين البريطانيين”.

وقدم ممثل المملكة المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي تيم بارو صباح الأربعاء إلى المجلس الأوروبي الوثيقة الرسمية التي تعلن استيفاء لندن جميع واجباتها القانونية للخروج من الاتحاد.

وتقضي المرحلة الأخيرة بموافقة مجلس الدول الأعضاء بموجب آلية خطية الخميس على الاتفاق، ليصبح بريكست نافذا في الساعة الحادية عشرة بتوقيت غرينتش ليل الجمعة، بعد 47 عاما من العلاقة التي اتسمت في غالب الأحيان بالصعوبة.

وقبل أسبوع أوصت اللجنة البرلمانية المكلفة بالملف -بغالبية كبيرة جدا- بالتصويت لصالح الاتفاق.

وكرست عملية التصويت التي أجراها النواب الأوروبيون الأربعاء خروج النواب البريطانيين من البرلمان الأوروبي، دون أن يدري الاتحاد حقا كيف يودعهم.

وهذه لحظات صعبة على التكتل والنواب البريطانيين معا، إذ أنها أول مرة يخرج فيها أحد أعضاء الاتحاد، بعد سنوات من التوسع.

وفي إشارة إلى بريطانيا، قال النائب جاي فيرهوفشتات -وهو منسق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي- “سنفتقدك”، وحث البرلمان على الموافقة على التشريع لتفادي بريكست “قاس” على بريطانيا.

وأضاف النائب الليبرالي الهولندي “من المحزن أن نرى مغادرة دولة حررتنا مرتين، وقدمت الدماء مرتين لتحرير أوروبا”.

ووقعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال اتفاق الانسحاب الأسبوع الماضي وسط ليل الخميس بعيدا عن الأضواء، ما كان له وقع المفاجأة.

وكان مجلس العموم البريطاني قد صوّت في العشرين من الشهر الماضي لصالح مشروع قانون خروج المملكة المتحدة بعد ثلاثة أعوام عاشت خلالها بريطانيا أزمة دستورية وسياسية جرّاء قضية بريكست، وما كان لهذه القضية أن تنتهي على ما انتهت إليه لولا الانتخابات العامّة المبكرة التي شهدتها المملكة المتحدة في الثاني عشر من الشهر الماضي والتي منحت نتائجها حزب المحافظين الحاكم أغلبية في مجلس العموم بنحو 365 مقعدًا من أصل 650 مقعداً.

وبعد هذا التصويت من المنتظر أن يتم إنزال الأعلام البريطانية من أمام المؤسسات الأوروبية دون أي مراسم بروتوكولية.

ولم تتردد النائبة الأوروبية عن حزب بريكست كلير فوكس في وصف هذا الموقف بأنه “جبان”.

وقالت في تصريحات صحافية الأربعاء “من الأجدى لهم أن يكونوا على استعداد لتكريم هذا الرحيل بمراسم بدل أن يرفضوا للناس حق إقامة حفل في هذه اللحظات التاريخية”.

وتركزت احتفالات في الضفة الأخرى من بحر المانش، نظمها حزب بريكست المعروف بعدائه الشديد للمؤسسات الأوروبية.

وبعد إجراء التصويت أعلن رئيس البرلمان ديفيد ساسولي أنه ستتم دعوة النواب الأوروبيين البريطانيين ورؤساء الكتل السياسية بعد العملية إلى “حفل قصير”.

وشاركت المملكة المتحدة الثلاثاء في آخر مجلس وزراء أوروبي تحضره.

وعلق الممثل البريطاني وزير أوروبا والدول الأميركية كريستوفر بينشر قائلا “إنه أسبوع تاريخي للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي”.

وتابع “إننا مسرورون لقيام عالم مختلف جدا وعلاقة مختلفة جدا”. وبعد تبني اتفاق بريكست رسميا تفتتح المملكة المتحدة مرحلة حبلى بالتحديات.

وبهذه الخطوة يغلق فصل وتبدأ المرحلة الجديدة التي ستشهد مفاوضات لا تقل صعوبة عن المفاوضات السابقة، إذ ستستمر المملكة المتحدة طوال الفترة الانتقالية في تطبيق القواعد الأوروبية، وسيتحتم على الاتحاد الأوروبي ولندن التفاهم بشأن علاقتهما المستقبلية والتوصل إلى اتفاق تجاري.

ومساء الثلاثاء حذر كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه من أنه “من الواضح تماما أنه ستكون هناك عواقب سلبية لتنفيذ بريكست”.

وقال “أيا كان الاتفاق الذي سنتوصل إليه حول علاقتنا المستقبلية، فإن بريكست سيبقى على الدوام عملية ترمي إلى الحد من الأضرار”.

وبعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي فعليا، سيتم توزيع 27 من أصل 73 مقعداً، كانت مخصصة للمملكة في البرلمان الأوروبي، وسيقع في مرحلة ثانية توزيع هذه المقاعد على دول أعضاء في التكتّل، فيما سيتم توزيع الـ46 مقعداً المتبقية على دول ستنضم لاحقاً إلى الاتحاد الأوروبي.

وبالرغم من حسمها لبريكست فإن لندن ستكون الآن على موعد مع مواجهة جديدة مع الانفصاليين في أسكتلندا التي تسعى إلى تكثيف الضغوط على المملكة من أجل السماح لها بإجراء استفتاء على مسألة استقلالها.

وبعد حوالي ست سنوات على البتّ في مسألة الانفصال عن المملكة المتحدة في صناديق الاقتراع، أعطى بريكست دفعا جديدا لأنصار استقلال أسكتلندا المصممين على إعادة فتح النقاش بالرغم من موقف لندن الحازم.

ومع اقتراب الموعد المحتوم بعد سنوات من التأجيل، لا يلقى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي قبولا في أسكتلندا وأيرلندا الشمالية، المقاطعتان اللتان صوتتا ضد بريكست في استفتاء 2016، ما يثير مخاوف من حصول شقاقات في وحدة البلاد.

ويرى الاستقلاليون أن هذا الخيار التاريخي يستدعي معاودة استشارة الأسكتلنديين الذين صوتوا بنسبة 55 بالمئة للبقاء ضمن المملكة المتحدة في استفتاء جرى عام 2014.

ويقولون إن بعض سكان المقاطعة الذين صوتوا بنسبة 62 بالمئة ضد بريكست، بدلوا موقفهم وباتوا يؤيدون أن تشق أسكتلندا طريقها بنفسها بعد أكثر من 300 عام من الوحدة.

العرب