صدمة في السودان لاجتماع البرهان بنتنياهو.. ووزراء: لا علم لنا باللقاء

صدمة في السودان لاجتماع البرهان بنتنياهو.. ووزراء: لا علم لنا باللقاء

بعد يوم واحد من اتصال هاتفي بين رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، صدم الشارع السوداني، مساء اليوم الإثنين، بلقاء جمع البرهان برئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا.
وعلى الرغم من كشف الاحتلال الإسرائيلي عن اللقاء، إلا أن الحكومة السودانية ما زالت تعيش حالة من الصمت، ولم تعلق أية جهة حكومية بشكل رسمي على ما ذكره نتنياهو، الذي أكد، عبر “تويتر”، أنه اتفق مع البرهان على تطبيع العلاقة بين تل أبيب والخرطوم، فيما كشفت مصادر لـ”العربي الجديد” عن أن رئيس حكومة الاحتلال طلب، خلال اللقاء، من البرهان السماح كخطوة مبدئية للطيران الإسرائيلي بعبور الأجواء السودانية.

ويعيد اجتماع البرهان بنتنياهو إلى الأذهان لقاءً مشابهاً تم في مدينة نيروبي الكينية في ثمانينات القرن الماضي، جمع الرئيس السوداني الأسبق جعفر محمد النميري بأرييل شارون، رئيس حكومة الاحتلال الأسبق، انتهى بالاتفاق على موافقة الخرطوم على عملية نقل اليهود الفلاشا الموجودين في إثيوبيا إلى فلسطين المحتلة عبر الأراضي والمطارات السودانية.


يعيد لقاء البرهان بنتنياهو إلى الأذهان حادثة لقاء مشابه تم في مدينة نيروبي الكينية في ثمانينات القرن الماضي، جمع الرئيس السوداني الأسبق جعفر محمد النميري بأرييل شارون، رئيس حكومة الاحتلال الأسبق


وبدأ التكتم الرسمي في السودان على لقاء البرهان بنتنياهو بعدم الإعلان مسبقاً، كما هي العادة، عن زيارة رئيس مجلس السيادة إلى أوغندا.

وكان لافتاً أن وزراء بارزين في حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، تحدثت إليهم “العربي الجديد”، أكدوا عدم علمهم مسبقاً بأهداف زيارة رئيس مجلس السيادة لأوغندا ولا بلقائه رئيس حكومة الاحتلال، مؤكدين أنهم سمعوا بالأخبار مثل غيرهم في وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وأنه من غير المؤكد أيضاً معرفة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بالخطوة، إذ يتواجد، خلال اليوميين الماضيين، في جييوتي في زيارة رسمية، ومتوقع وصوله اليوم إلى الخرطوم.

وخلال السنوات الماضية، اقترح أكاديميون وسياسيون فكرة التطبيع مع إسرائيل، لكنها لم تجد صدى في الشارع السوداني، أبرزها دعوة نائب رئيس الوزراء مبارك الفاضل المهدي في عهد المعزول عمر البشير.

وبعد تداول أخبار لقاء البرهان بنتنياهو، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي رافضة للخطوة، بينما تأنت أحزاب سياسية مشاركة في الحكومة في التعبير عن موقفها، غير أن كمال بولاد، رئيس المجلس المركزي لتحالف الحرية والتغيير الحاكم، قال إنهم لم يسمعوا بـ”أي تخطيط للقاء يجمع رموز الكيان الصهيوني بقيادات السلطة الانتقالية، أو محاولة خلق علاقة مع الدولة المغتصبة للحق الفلسطيني، خصوصاً في هذه الأيام التي يتحالف فيها دونالد ترامب، كاهن الامبريالية العالمية مع الكيان الصهيوني، ممثلاً في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بهدف إجهاض الحقوق الفلسطينية”، مبدياً “أسفه الشديد” أن يكون اللقاء “جزءاً من سيناريو “صفقة القرن” التي رسمها ترامب لمصادرة الحق الفلسطيني”.

وأضاف بولاد، لـ”العربي الجديد”، أنه “لا يعقل لثورة سودانية رفعت شعارات “الحرية والسلام والعدالة” أن تسعى لخطب ود الكيان الصهيوني، وتغض الطرف عن القضية الفلسطينية”، مشيراً إلى أن “تحالف الحرية والتغيير لم يجتمع بعد لتحديد موقفه من اللقاء، وسيفعل ذلك بعد التأكد من صحته”.

من جانبه، قال كمال عمر، القيادي بحزب المؤتمر الشعبي المعارض، إن “اللقاء بين البرهان ونتنياهو يمثل فاتورة كان على النظام الجديد بعد الثورة أن يدفعها ليكون جزءاً من محاور إقليمية معروفة، والتي ربما هي دفعت باللقاء”.

وأضاف عمر، لـ”العربي الجديد”، أن “اللقاء في حد ذاته جاء مفاجئاً للواقع السوداني، وأظهر حكومة البرهان وحمدوك بأنها تعمل بدون مؤسسات”، متسائلاً: “من فوض البرهان وتحالف الحرية والتغيير لمثل هذا اللقاء الذي ما كان سيتم إلا في ظل حكومة ديمقراطية ومنتخبة”.

وأشار إلى أن “السودان ظل منذ الاستقلال داعماً للقضايا العربية، مشاركاً في توحيد الموقف العربي الرافض لإسرائيل”، مبرزاً أن “اللقاء سيكون له ما بعده، وستكون موجة الرفض الشعبي للتطبيع مع العدو الصهيوني أكبر مما يتصور الكثيرون، وستكون الحكومة هي الخاسرة، بعد أن صارت تلهث إقليمياً ودولياً للحصول على دعم مالي خارجي”.

من جهته، أكد خالد أحمد، الصحافي السوداني المقيم في العاصمة الأوغندية، أن “اللقاء جاء مفاجئاً بكل ما تعني الكلمة”، ولم يستبعد أن يكون “نتيجة تفاهمات قديمة منذ عهد المعزول عمر البشير، حيث وقتها أصبح الحديث عن التطبيع متداولاً، وخرجت إشارات إيجابية من رموز في النظام السابق بشأنه”.

وقال أحمد إن “تلك السياسة السابقة استمرت وأثمرت عن هذا اللقاء الذي ستكون له تأثيرات داخلية وخارجية كبيرة، كما يمكن الربط بينه وبين دعوة الإدارة الأميركية للبرهان لزيارة واشنطن”.

وأوضح السوداني أن اجتماع نتنياهو البرهان “ستكون له تأثيرات على الوضع السياسي الهش في السودان، وربما ساعد التعاون بين الخرطوم وتل أبيب في قضية رفع العقوبات والخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وسيمثل في الوقت ذاته انتصاراً كبيراً لإسرائيل في محاولتها للتطبيع مع دولة عربية وإسلامية ناصبتها العداء في السابق”.

عبدالحميد عوض

العربي الجديد