في ظل الأزمات العالمية ومنها فيروس كورونا .. هل البتكوين ملاذ آمن للثروات

في ظل الأزمات العالمية ومنها فيروس كورونا .. هل البتكوين ملاذ آمن للثروات

الباحثة شذى خليل *

لانتشار فيروس كورونا الجديد في الصين وتواصل الاضطرابات العالمية وخاصة الصراع بين واشنطن وطهران، هناك نمو للعملات المشفرة.
يعتقد بعض الخبراء اليوم أنه يمكن لبيتكوين (العملة الإلكترونية الأشهر) التي من الممكن ان تقوم بوظيفة حماية الأصول، في حال تحولت إلى أصل وقائي.
أثارت العملات الرقمية موضوعا ساخناً في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد الشهر الماضي في مدينة دافوس السويسرية، لبحث كيفية إدارة شؤون العالم، وتم التطرق الى الكريبتو (بيتكوين واخواتها) والعملات الرقمية في البنوك المركزية.
و تم طرح مجموعة أدوات للعملات الرقمية للبنك المركزي (CBDC)، الأدوات موجهة للجميع سواء للدول الغنية أو الفقيرة كبيرة كانت أم صغيرة، و تسمح بتسريع المعاملات أمام المستخدمين أو لإجراء معاملات عبر الحدود من بنك إلى آخر، وإنشاء مجموعة أدوات CBDC بالتعاون مع أكثر من عشرة من البنوك المركزية، ومجموعة من المؤسسات المالية والأكاديميين والمنظمات الدولية الأخرى.
بنك تايلاند وبنك البحرين المركزي يستخدم هذه الأدوات وذلك وفقا لبيان المنتدى الاقتصادي العالمي، كما أعلن بنك تايلاند أنه أنهى تجارب مع هونج كونج للحصول على نموذج أولي.
في سنغافورة تم الإعلان عن اول منصة تداول وساطة جديدة للكريبتو تهدف إلى جذب المستثمرين المؤسسات التقليديين إلى سوق الكريبتو، تحت مسمى منصة Huobi للعملاء والمؤسسات سوف تقدم رسوم معاملات تنافسية وبأقل الأسعار.
وتستفيد منصة من إستراتيجية “توجيه الطلبات الذكية”، مما يعني أنها سترتبط مع المنصات التداولية الأخرى ومكاتب OTC للحصول على العملات بأرخص الأسعار.

ما هو البتكوين:
هو عملة رقمية تعمل على تعزيز نظام مالي مفتوح يمكن لأي شخص المشاركة فيه، يتم استخدامها وتوزيعها إلكترونيًا، واسم بيتكوين هي شبكة ند لند لامركزية، ولا تخضع لسيطرة مؤسسة أو شخص واحد، كما لا يمكن طباعة تلك العملة ومقدارها محدود جدًا -فقط ٢١ مليون بيتكوين وهذا كل ما يمكن إنشاؤه.
تم تقديم بيتكوين لأول مرة كبرنامج مفتوح المصدر من قبل مبرمج مجهول، أو مجموعة من المبرمجين، تحت الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو في عام ٢٠٠٩. وقد كان هناك الكثير من الشائعات حول الهوية الحقيقية لمنشأ بيتكوين، ولكن كل الأشخاص الذين ذُكروا في تلك الشائعات قد نفوا علنًا كونهم ناكاموتو.
وكان ناكاموتو قد ادعى مرة واحدة أنه يبلغ من العمر ٣٧ عامًا ويعيش في اليابان، ومع ذلك، فبسبب لغته الإنجليزية المتقنة وبرامجه التي لا يوجد بها أي وصف باللغة اليابانية، فهناك شكوك معقولة حول هذه المعلومة .
ففي حوالي منتصف عام ٢٠١٠، تحول ناكاموتو إلى أشياء أخرى، وترك بيتكوين في أيدي عدد قليل من الأعضاء البارزين في مجتمع بيتكوين، كما قام ساتوشي بتعيين “غافن أندرسن” كمطور رئيس.
من الذي يتحكم في بيتكوين؟ اللامركزية حيث أراد أندرسن أن يستمر وجود بيتكوين بشكلٍ مستقل، حتى وإن “تعرّض هو لحادث”.
تعد الميزة الرئيسة لبيتكوين استقلالها عن البنوك والشركات وحكومات العالم، حيث لا يمكن لسلطة واحدة أن تتدخل في معاملات بيتكوين، أو تفرض رسوم معاملات أو تستولي على أموال الناس، إضافة الى ذلك، فإن حركة بيتكوين شفافة للغاية -حيث يتم تخزين كل معاملة في دفتر حسابات عام موزع واسع النطاق يُدعى بلوكتشين.
و لا يتم التحكم في بيتكوين كشبكة، فإنها تعطي المستخدمين السيطرة الكاملة على أموالهم.
وتعمل بتكوين حيث يرى المستخدم فقط كمية من بيتكوين على محفظته ونتائج المعاملات، ووراء الكواليس، تتقاسم شبكة بيتكوين دفتر حسابات عام يسمى “سلسلة الكتل”، ويحتوي دفتر الحسابات هذا على كل معاملة تتم معالجتها في أي وقت، ومن ثم يتم دمج السجلات الرقمية للمعاملات في صورة “كتل”.
فإذا حاول شخصٌ ما تغيير حرف واحد فقط أو رقم في مجموعة من المعاملات، فإنه سيؤثر أيضًا على كافة الكتل التالية، وبسبب كونه دفتر حسابات عام، فإن أي خطأ أو محاولة للغش يمكن رصدها وتصحيحها بسهولة من قبل أي شخص.
ويمكن لمحفظة المستخدم التحقق من صحة كل معاملة، كما يتم حماية صحة كل معاملة من قبل التوقيعات الرقمية المقابلة لعناوين الإرسال، فقد يستغرق إتمام معاملات بيتكوين بضع دقائق للتعدين.
العملات الرقمية بين مؤيد ومعارض
يرى المؤيدون ان للعملات الرقمية إيجابية تكمن بحرية التصميم لبيتكوين، مع وضع الحرية في الاعتبار، والأهم من ذلك، التحرر من السلطات الحاكمة التي تسيطر على المعاملات، وتفرض الرسوم وتسيطر على أموال الناس، فعندما يتعلق الأمر بشراء الأشياء، أصبحت العملات الرقمية شرعية تمامًا مثل العملة الورقية في السنوات الأخيرة، وبالنظر إلى وجود العديد من الأسواق العميقة على شبكة الإنترنت التي تقبل فقط بيتكوين، فقد يمكنك شراء بعض الأشياء بشكلٍ أسهل مع بيتكوين مقارنةً بأية عملة أخرى.
وسرعة النقل، وهذا يعني أنه ينبغي أن يكون من السهل حمله واستخدامه، ونظرًا لأن بيتكوين رقمية تمامًا، فمن الناحية العملية يمكن حمل أي مبلغ من المال على محرك أقراص سريع أو حتى تخزينها على الإنترنت.
والعملات الرقمية تعطي الناس حرية إرسال واستقبال الأموال بمجرد مسح رمز الاستجابة السريعة أو نقرة للمحفظة على الإنترنت، لأتأخذ وقتا، ولا توجد رسوم باهظة، والمال يذهب من شخص إلى آخر دون أي وسيط، وكل ما تحتاجه هو الاتصال بالإنترنت.
حرية اختيار مبلغ رسوم المعاملة، أو اختيار عدم دفعها على الإطلاق، حيث يتم استلام رسوم المعاملة من قبل القائم بالتعدين، بعد إنشاء كتلة جديدة مع هامش ناجح، وعادةً ما يدفع المرسل الرسوم كاملةً، في حين أن خصم هذا الرسم من المستلم يمكن اعتباره دفعة غير كاملة.
وتكون رسوم المعاملات اختيارية تمامًا، وهي بمثابة حافز للقائمين بالتعدين للتأكد من أن المعاملة الخاصة ستدرج في الكتلة الجديدة التي يتم توليدها، ويعمل هذا الحافز أيضًا كمصدر للدخل للقائمين بالتعدين.
وهناك رائي اخر هو ان التعامل بالعملات الرقمية لايخلو من السلبيات والمخاوف من تداولها والعمل بها ، فالمسائل القانونية تختلف في وضع بيتكوين القانوني بشكل كبير من بلد إلى آخر، ففي بعض البلدان، يتم تشجيع استخدام وتداول بيتكوين، في حين يحظر استخدامها في بلدان أخرى ويحظرها القانون بشكل مباشر.
بسبب إمكانية جذب بيتكوين للخارجين عن القانون، وقد ذكرت بعض وسائل الإعلام حتى أن شعبيتها ترجع كليًا إلى القدرة على إنفاقها على السلع غير المشروعة، وبالفعل عندما أغلقت السوق السوداء سيئة السمعة “سيلك رود”، انخفضت بيتكوين على الفور في القيمة.
المفاتيح الضائعة:
المفتاح هو كلمة مرور أبجدية رقمية فريدة ضرورية للوصول إلى محفظة بيتكوين، وفقدان هذا المفتاح يعني بشكلٍ رئيس فقدان محفظتك، ومع ذلك، فإن معظم المحافظ الحالية لديها آليات نسخٍ احتياطي واستعادة، ولكن يلزم أن يقوم المستخدم بإعدادها قبل أن يكون قادرًا على استخدامها.
بالإضافة الى ما يعانيه سعر بيتكوين من التأرجح صعودًا وهبوطًا، حيث مر بدورات مختلفة من الارتفاع الهائل ومن ثم الهبوط، والتي يشير إليها البعض بأنها فقاعات وسجلت فترات كساد على طول تاريخها .
بيتكوين نجحت في تسجيل ارتفاعات قياسية جديدة، فقط لتنخفض بشكلٍ هائل بعدها مباشرةً، كما لا يمكن التنبؤ بقيمتها، وهي تتغير بسرعة وبشكلٍ كبير، مما يمكن أن يتسبب في ضرر مالي كبير لأي مستثمر طائش.
وفي ذات السياق، في تقرير نشره موقع “نيوز ري” الروسي، قال الكاتب ميخائيل إسماعيلوف، إن المنظمين حول العالم ما زالوا غير قادرين على تحديد ما تعنيه العملات المشفرة وجوهرها.
ويعتقد البعض أن جزء من هذه العملات قوة حقيقية وكاملة، ويعتبرها البعض الآخر مجرد وسيلة للدفع، بينما يظنها آخرون خطرا يؤدي إلى تفاقم الأنشطة الإجرامية في جميع أنحاء العالم.
ومع كل هذا.. فإن ارتفاع وانخفاض قيمة العملات الرقمية لم يؤثر على عقول المتداولين المبتدئين فحسب، بل على الأطراف الفاعلة ذات الخبرة في السوق.
السؤال هنا.. هل من الممكن ان تلعب العملة الرقمية دورا وقائيا ضد الازمات؟
الترويج لفكرة أن عملة بيتكوين تلعب دورا وقائيا في المقام الأول من قبل أولئك الذين يتاجرون بالعملات المشفرة، ولكن ليس تماما كما يروجون، حيث يحتاج الى عملية تنظيم وضع العملة الرقمية على المستوى التشريعي، وبالتالي فإن جميع التكهنات التي تصب في هذا الاتجاه تبدو غير واقعية أو متحيزة.
يحتاج للأصل الوقائي الى ثلاث خصائص أساسية تتمثل في ضرورة أن يكون “تقليديا ومألوفا، معترفا به” من قبل جميع المنظمين في العالم، بالإضافة إلى ضرورة وجود سيولة عالية، لا تملك العملات الرقمية هذه الخصائص بعد.
هناك تجربة في سنغافورة وسويسرا مثيرة للاهتمام بشكل خاص، ولكن يبقى الدافع الحقيقي للاعتراف بالعملات المشفرة يتمثل في التأكد من وضع هذه العملات داخل الولايات المتحدة.
والأمن واحترام حقوق الملكية من الأمور المهمة بالنسبة للأصول الوقائية.
يعتقد الخبراء في هذا المجال أن العملات الرقمية في النهاية لن تحل محل الأدوات الاستثمارية بقدر ما ستعوض وسائل الدفع، غير أن هذه المسألة ما زالت قيد المناقشة والتطوير، وان البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم سوف تبحث عن توافق في الآراء بطريقة أو بأخرى.
توقعات:
من الواضح أن عملة بيتكوين ستشهد بعض التقلبات في الفترات القادمة، وقد تنخفض قيمتها، وعامل التقلبات الرئيس سيكون حول تداول معلومات حول أساليب تنظيم العملات المشفرة في بلدان مختلفة.
وختاما.. إن العملة المشفرة كأداة تهم مجموعة معينة من المضاربين المتحمسين او الخارجين عن القانون، وليس المستثمر العادي على المدى الطويل، ومن الممكن جدا يتضاعف استخدام العملات الرقمية في ظل ظروف معينة كالتهرب من المسائلات القانونية او غيرها، وسوف ينمو هذا الاستخدام بكميات كبيرة حتى في ظل غياب التشريعات التي تنظم عمليات التبادل مقابل العملات المشفرة.

وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية