الانترنت فائق السرعة هو أداة تنافس قوية في سباق الفضاء

الانترنت فائق السرعة هو أداة تنافس قوية في سباق الفضاء

بقلم
أ.د. غادة عامر
وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحوث – جامعة بنها

أعلنت شركة أمازون -ومن قبلها شركة اسبيس اكس- عن أنها سوف تطلق آلاف من الأقمار الصناعية للإنترنت الفضائي خلال الفترة القادمة، ضمن مشروع اطلقت عليه اسم مشروع “كويبر”، وشركة أمازون لمن لا يعرف هي واحدة من الشركات الرئيسية التي تعمل مع سلاح الفضاء الأمريكي والتي قال عنها نائب وزير الدفاع “بات شاناهان” عندما أعلن عن سلاح الفضاء الأمريكي في أغسطس الماضي “أن البنتاغون يعتزم التعاون والاستفادة من التقنيات العمالقة لشركات مثل أمازون ومايكروسوفت وشركة بلو اورجن”، وليست شركة أمازون -التي تمثل جزء من تنفيذ خطة قوة الفضاء الأمريكية – فقط التي تعتزم ذلك، فهناك الكثير من الدول تعتزم ذلك، مثل الصين التي أعلنت في يوليو الماضي أنها تنوي إطلاق 72 قمرا صناعيا للإنترنت في السنوات الثلاث المقبلة. والتي سيقوم بتنفيذهم شركة “كومسات” للأقمار الصناعية الخاصة، والتي تم تمويلها من قبل معهد شيان للبصريات والميكانيكا الدقيقة في إطار الاستراتيجية الصينية للمساعدة الوطنية لامتلاك التقنيات الفائقة. وأيضا أعلنت موسكو في 22 مايو الماضي إن شركة أنظمة الفضاء الروسية (جزء من شركة الفضاء الحكومية روس كوسموس) تخطط لتنفيذ مشروع لإنشاء شبكة اتصالات فضائية عالمية والتي ستتطلب 288 قمرا صناعيا بحلول عام 2025، كجزء أساسي من خدمات للاقتصاد الرقمي الروسي، وهذه بعض الأمثلة للدول التي تريد وبقوة امتلاك أنظمة الانترنت افضائي. لكن لماذا؟!
دعني أولا قبل أن أقول لك لماذا امتلاك أنظمة انترنت الفضاء مهمة لدرجة التنافس بين الدول العظمى علي امتلاكها، أن أحدثك عن حجم اقتصاد الفضاء المتوقع، حسب الكثير من التقارير وعلي رأسهم تقرير بنك الاستثمار “يو بي اس UBS”، من المقرر أن ترتفع قيمة اقتصاد الفضاء من 340 مليار دولار -حاليًا- إلى 805 مليار دولار بحلول عام 2030 -مدفوعة بمزيج من انخفاض التكاليف لإطلاق الصواريخ في المدار، فضلاً عن التقدم في تكنولوجيا الأقمار الصناعية- في حين أن الابتكار في مجالات مثل الأقمار الصناعية التقليدية والتطبيقات الفضائية والحكومية العسكرية من المقرر أن ينمو، وحسب التقرير أنه من أهم الأنشطة التي سوف تزيد من أهمية اقتصاد الفضاء ستكون علي سبيل المثال: التعدين حيث انه يمكن مثلا استخراج معادن مثل الذهب والفضة والتيتانيوم ونظير يُعرف باسم الهليوم -3 يمكن استخدامه في الاندماج النووي من القمر، ولهذا السبب تخطط إدارة ترامب لإرسال رواد فضاء إلى القمر في عام 2024 ، وهي أول مهمة من نوعها منذ عام 1972، لكن ليس القمر فقط الذي يحتوي علي المعادن النفيسة، حيث تقدر ناسا أن هناك 700 مليون دولار من الذهب والحديد والنيكل في حزام الكويكب بين المريخ والمشتري، والأنشطة المهمة الأخرى التي سوف تزيد من حجم اقتصادات الفضاء بقوة -حسب نفس التقرير – هي أنظمة الانترنت الفضائي (أنظمة الاتصالات فائقة السرعة).
أن أهمية امتلاك انترنت عبر الفضاء تكمن في توفير الانترنت السريع، خاصة مع النمو الهائل في استخدام بيانات الهاتف المحمول في السنوات الأخيرة، وكذلك توفير حوالي مليار معاملة حكومية واقتصادية وشخصية يوميًا، والأهم أن هذه الاتصالات سوف تكون عبر قنوات آمنه. ستكون الدولة التي تمتلك أنظمة الانترنت الفضائي قادرة على تنفيذ اتصالات الطوارئ الخاصة بالإدارات المتنقلة على كامل أراضيها، وعلى تطوير خدمات لجميع الإدارات الحكومية والمنشآت الصناعية والتجارية وسوف تمكنها من التحكم عالي الدقة في الأنظمة الحديثة مثل الطائرات بدون طيار. والأهم استخدام الانترنت الفضائي لتطوير الاتصالات في الأنظمة الدفاعية، فمثلا تستخدم القوات الجوية في عمليات الاتصال الإنترنت الفضائي لاتخاذ قرارات عالية السرعة لتوزيع المعلومات بين القوات البرية والبحرية والجوية، وهذا يتم من خلال نطاق ترددي عالي يصعب تتبعه. ووفقًا “لآدم جيلمور” الرئيس التنفيذي لشركة “جيلمور سبيس تكنولوجيز”، أنه مع ارتفاع سباق الفضاء العالمي، من المقرر إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية في المدار من قبل مختلف الشركات العاملة في هذا القطاع، وهذا سوف يزيد من نمو الابتكار في مجالات مثل الأقمار الصناعية التقليدية والتطبيقات الفضائية الحكومية والعسكرية. وأنه من المتوقع أن يعمل في حدود 16000 قمر صناعي في مدار أرضي منخفض ليوفر الوصول إلى الإنترنت لأي شخص حول العالم. وسيتم ربط اقمار الإنترنت الصناعية بشبكة عالمية تضم سلسلة من المحطات الأرضية الموجودة حول العالم. إن هذا النمو المتوقع في خدمات الإنترنت العالمية سيكون له تأثير عميق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأنه سوف يضيف ما يقدر بنحو 4 مليارات مستخدم محتمل إلى الإنترنت العالمي كعملاء وكمستخدمين للإنترنت، وسيعمل على سد الفجوة الرقمية من خلال توفير الوصول إلى الإنترنت إلى المناطق البعيدة عن الخدمات.
الخلاصة التي اريدها أن تصل: إن امتلاك أنظمة الانترنت الفضائي بالنسبة للدول النامية (مثل الدول العربية) يوفر فرصة واعدة لها ان سعت وبقوة لامتلاك مثل تلك الأنظمة!

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية