رسالة إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المترددين بشأن الاتفاق مع إيران

رسالة إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المترددين بشأن الاتفاق مع إيران

obama-state-union-senate-congress-overhead-198x132

تهانينا، حضرة أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي. لقد صددتم المدافعين عن الاتفاق النووي الإيراني ومنتقديه على حدٍ سواء وأنتم من بين القليلين الذين لا يزالون “متردّدين”. لقد بنيتم نفوذكم، فكيف ستستخدمونه؟

بما أنكم متردّدين، فأنتم لا تعتبرون أنّ الاتفاق رائع ولا أنه أحمق. وبدلاً من ذلك، تعترفون بإنجازاته وتوافقون على أنّ فيه عيوباً. سمعتم الحجة القائلة إنّ الاتفاق قد يجعل أمريكا في النهاية أكثر عزلةً من إيران نفسها، لكنّكم تعلمون أيضاً، بفضل سنوات العمل التي قضيتموها في لجان العلاقات الخارجية والاستخبارات والقوات المسلحة، أنّ الاتفاق ينطوي على مخاطر كبيرة تًحيق بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

وفي قرارة نفسكم، ترغبون في تحسين الاتفاق عبر سدّ الثغرات وتعزيز الردع الذي تآكلته الإدارة الأمريكية في حرصها على عبور خطّ النهاية. لقد أثارت إعجابكم الاقتراحات حول كيفية تحقيق الحكومة الأمريكية هذا الهدف من جانب واحد أو بالاشتراك مع حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، أي حتى من دون فتح باب إعادة التفاوض.

وتشمل هذه الاقتراحات:

*سدّ ثغرة في الاتفاق عبر التوصّل إلى تفاهمات مفصَّلة مع الحلفاء الأوروبيين بشأن فرض عقوبات على الانتهاكات الإيرانية التي لا تشملها “العودة المفاجئة” إلى عقوبات الأمم المتحدة – التي تشكّل الملاذ الأخير. وبما أنّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال أنّه يعارض نشر هذه التفاصيل، يكفيكم أن يقدّم كامل المعلومات إلى رؤساء لجان الكونغرس ذات الصلة، مع إصدار بيانٍ علني لا يقدّم فيه سوى الخطوط العريضة لنهج الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

*دفع إيران إلى التفكير مرتين في تحويل المكاسب غير المتوقعة الناتجة عن تخفيف العقوبات إلى وكلائها الإرهابيين من خلال التوصّل الآن إلى تفاهمات مع شركاء الولايات المتحدة حول العقوبات التي ستُفرَض على إيران مقابل أيّ مبلغٍ هامشي ترسله إلى “حزب الله” وتنظيماتٍ أخرى، بما يتخطّى الإعانة السنوية التقليدية التي تقدّمها طهران.

*الحد من أثر شروط الانقضاء التدريجي على أجهزة الطرد المركزي والتخصيب عبر التأكيد على أنّ الولايات المتحدة سوف تستخدم “جميع الوسائل الضرورية” لمنع إيران من تكديس اليورانيوم العالي التخصيب، الذي يُعدّ هدفه المفيد الوحيد هو صنعَ سلاح نووي. وإذا ما أقر الكونغرس مثل هذا البيان، فإنه قد يتجاوز الصيغة القائلة إنّ “جميع الخيارات مطروحة على الطاولة”، وهي للأسف صيغة فقدت فعاليتها كعامل ردع.

*تكملة الردع الخاص بالولايات المتحدة عبر تعزيز قدرات إسرائيل المستقلة ضدّ احتمال امتلاك إيران سلاحاً نووياً، وذلك عبر عرض قيام واشنطن بنقل قنبلة “العتاد الخارق الضخم” إلى إسرائيل، وهي قنبلة تدكّ الجبال ويبلغ وزنها 30000 باوندٍ (نحو 13600 كيلوغرام)، فضلاً عن الطائرة الضرورية لحمل هذه القنبلة.

*إنشاء فريق اتصال بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل لتعقّب رصد الاتفاق الإيراني والتحقّق منه. فبخلاف كوريا الجنوبية، التي كانت شريكاً كاملاً في المحادثات النووية الكورية الشمالية، لم تكن إسرائيل جزءاً من المفاوضات مع إيران، على الرغم من أنّ الاتفاق يمسّ بأمنها أكثر من أيّ بلدٍ آخر. صحيحٌ أنّه لا يمكن سدّ هذه الثغرة، لكن ليس هناك سببَ يبرّر عدم مشاركة إسرائيل بشكلٍ كامل في تنفيذ الاتفاق.

وتكمن المشكلة في كيفية دفع الرئيس الأمريكي إلى الموافقة على هذه الأفكار الحسّاسة. لقد رفض حتى الآن أيّ اقتراحٍ بضرورة تحسين الاتفاق. أمّا السبب الأكثر ترجيحاً وراء ذلك، فهو ببساطة أنّه لا يتوجّب عليه القيام بذلك. ففي النهاية، يبقى سقف النجاح السياسي منخفضاً للغاية – أي نصاب الثلث زائد واحد فقط في أيٍ من مجلسَي الكونغرس – وأن البيت الأبيض يعتقد أنّه يفوز.

أمّا السؤال الموجّه إليكم، فهو كيفية الإدلاء بصوتكم لتحسين الاتفاق. وبينما تفكّرون في هذا الموضوع، حذار رجاءً من الوقوع في الفخّ نفسه الذي وقع فيه الرئيس في تعامله مع الإيرانيين.

كيف أبرمت إيران اتفاقاً يمنحها تخفيف العقوبات بشكل كامل في غضون عام واحد، وينهي الحظر على الأسلحة والصواريخ البالستية، ويعبّد لها الطريق إلى ما يقرب من الصفر من تجاوز العتبة النووية لصنع سلاح نووي في المستقبل؟ المسألة كلّها تتعلّق بالنفوذ. ففي اللحظة التي أصبح فيها من الواضح أنّ أوباما يخشى تداعيات عملية عسكرية أمريكية أو إسرائيلية ضدّ إيران، أكثر ممّا يخشى إضفاء الشرعية لما سيصبح في النهاية برنامج نووي إيراني بحجم صناعي، تحدد عندئذ مسار العملية.

أنتم في موقف مماثل، وإذا أردتم أن يأخذكم الرئيس على محمل الجدّ، عليكم الإبقاء على النفوذ الذي بدّده أوباما. ويعني ذلك أنّ إقناع الرئيس بحاجتكم إلى “اتفاق أفضل” يطغى على خوفكم من انهيار الاتفاق. إنّ مطلبكم الحازم بـ “اتفاق أفضل” هو وحده الذي سيجبر الرئيس على مواجهة خيارٍ غير مستساغ: هل يفضّل أوباما تحسين الاتفاق أو مشاهدته يفشل؟ إذا كان الرئيس يؤمن بحجته الخاصة بشأن التداعيات الكارثية للتصويت سلباً على الاتفاق، فسوف يعمد إلى تحسينه.

إنّ الحفاظ على هذا الموقف ليس بالأمر السهل؛ فذلك يعني التلويح بالتصويت إيجاباً على إغلاق النقاش، والتلويح، في النهاية، بالتصويت لرفض الاتفاق. وفي النهاية، قد تحتاجون إلى مواصلة هذه التهديدات. يجب عليكم، على طول الطريق، ألّا تمنحوا الرئيس أيّ سببٍ على الإطلاق للاعتقاد بأنّ التهديد الذي تلوّحون به هو مجرّد خدعة. ويحضرني هنا أحد الإعلانات القديمة هذه إعادة صياغة له: إذا كنتم قد قطعتم هذا الشوط، فتبديد النفوذ أمرٌ فظيع.

روبرت ساتلوف

معهد واشنطن