خروج مصر إلي الإقليم‮ .. ‬السؤال الإيراني

خروج مصر إلي الإقليم‮ .. ‬السؤال الإيراني

2015-635771421739673672-967

في الخروج المصري إلي الإقليم فرص مفتوحة علي أدوار ممكنة،‮ ‬ومخاطر كامنة في تورطات محتملة‮. ‬لا يمكن أن تكون الحسابات دقيقة دون أن يمتد البصر فوق الجغرافيا السياسية المشتعلة بالنيران علي اللاعبين الرئيسيين‮.‬

‬وفي كل حساب،‮ ‬نجد أن إيران لاعب رئيسي لا يمكن تجاهله‮. ‬للحديث معه ضروراته الملحة،‮ ‬الآن وليس‮ ‬غدا‮. ‬هناك طرف خيط في الحديث،‮ ‬لكنه يتقطع كلما امتد،‮ ‬ويتوقف في الخطوط الخلفية دون أن يخرج إلي العلن الدبلوماسي‮. ‬ورغم أن دول الخليج جميعها تربطها علاقات دبلوماسية كاملة مع طهران،‮ ‬فإنها تلح علي ألا تكون للقاهرة علاقات مماثلة،‮ ‬وهذا يستحق المراجعة بجدية‮.‬
فإذا لم تتحرك مصر الآن،‮ ‬وتزيح الحواجز،‮ ‬وتعلن عن حضورها،‮ ‬وتتحدث مع الأطراف الرئيسية الأخري،‮ ‬أيا كانت حدة الخلافات،‮ ‬فما معني أي تحرك تال بعد أن تأخذ الأزمات مدي قد يقوض الإقليم كله؟‮.‬
طلب التوازن الإقليمي طبيعي ومشروع،‮ ‬غير أن تكبيل الدبلوماسية المصرية قضية أخري تقوض كل فرصة في اكتساب أية أدوار إقليمية محتملة‮.‬
أولا‮- ‬توغل إيران والفراغ‮ ‬الاستراتيجي‮:‬
هناك أخطاء فادحة توغلت فيها إيران بطموح زائد يحرض عليه الفراغ‮ ‬الاستراتيجي في الإقليم،‮ ‬لكن هذه مسئوليتنا قبل‮ ‬غيرنا‮.‬
انسحبت القاهرة من الإقليم وقضاياه،‮ ‬إثر معاهدة السلام مع إسرائيل عام‮ (‬1979‮)‬،‮ ‬وهو العام الذي خرجت فيه إيران بعد ثورتها‮ “‬الإسلامية‮” ‬إلي مسارحه بخطاب مغاير لما كان يتبناه الشاه محمد رضا بهلوي‮. ‬وعندما تتخلي عن أدوارك،‮ ‬فإن هناك من يتقدم لملء الفراغ‮. ‬والحديث مع إيران لا يعني إغفال الأزمات والفجوات،‮ ‬فهذا موضوع أي حديث جدي علي قاعدة الندية الكاملة،‮ ‬والمصالح المشتركة‮. ‬والسؤال الآن‮: ‬لماذا الحديث معها عاجل وضروري؟
هناك‮ – ‬أولا‮ – ‬اتفاق إطار سياسي بشأن المشروع النووي الإيراني،‮ ‬جري توقيعه في‮ “‬لوزان‮” ‬السويسرية نهاية مارس الماضي،‮ ‬وكان ينتظر‮ – ‬عند كتابه هذا المقال‮ – ‬حسما نهائيا قد ترفع بمقتضاة العقوبات الاقتصادية والمالية الدولية عن طهران،‮ ‬وتترتب عليه حقائق قوة جديدة علي شاطئ الخليج،‮ ‬وفي الإقليم كله‮.‬
رغم تطمينات الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقادة الخليج في قمة‮ “‬كامب ديفيد‮”‬،‮ ‬فإن أحدا ليس بوسعه أن يطمئن‮. ‬القمة المثيرة للجدل أسفرت عن صفقات سلاح باهظة لنظم دفاعية،‮ ‬دون أن تكون الولايات المتحدة مستعدة أن تخفض من رهاناتها علي دور إيراني جديد‮. ‬كل ما طلبته واشنطن من طهران أن تحاول بناء إجراءات ثقة مع الخليج القلق،‮ ‬ولا شيء أكثر من ذلك‮. ‬وبمعني آخر،‮ ‬استثمرت الولايات المتحدة في القلق الخليجي دون أن تطمئنه‮.‬
وهناك‮ – ‬ثانيا‮ – ‬الأزمة اليمنية المتصاعدة علي حدود السعودية بالقرب من مضيق باب المندب الذي يدخل مباشرة في استراتيجية البحر الأحمر من منظور الأمن القومي المصري‮.‬
بالمعنيين السياسي والعسكري،‮ ‬تقف مصر في الخندق ذاته مع دول الخليج،‮ ‬بينما إيران تمول،‮ ‬وتسلح،‮ ‬وتدرب‮ “‬الحوثيين‮”‬،‮ ‬وتكتسب علي الأرض نفوذا لم يكن لها من قبل‮. ‬والحسم العسكري يبدو شبه مستحيل،‮ ‬والحل السياسي يبدو مراوغا‮. ‬وقد كان لافتا نفي الخارجية المصرية أن تكون التقت حوثيين جاءوا إلي القاهرة ضمن وفود يمنية تبحث عن مخارج للأزمة،‮ ‬وهو نفي يضعف،‮ ‬ولا يقوي‮.‬
فالحوثيون طرف في الأزمة،‮ ‬وطرف في الحل‮. ‬وأيا كانت السيناريوهات المحتملة،‮ ‬فإن فكرة الاجتثاث مستحيلة‮.‬
ورغم أن القاهرة تتمتع بقبول الأطراف اليمنية أكثر من أي طرف إقليمي آخر،‮ ‬وهذا يعود للدور الذي لعبته في الخروج باليمن من ظلمات القرون الوسطي إلي مشارف العصور الحديثة في حقبة الستينيات،‮ ‬فإنها تتعرض لما يشبه الإقصاء في أية حسابات سياسية لأية تسويات محتملة‮.‬
وهناك‮ – ‬ثالثا‮ – ‬الأزمة السورية التي أخذت منحي خطيرا بسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية‮ “‬داعش‮” ‬علي نحو نصف الأراضي السورية،‮ ‬بينما يتمركز منافسوه من التنظيمات الإسلامية الأخري كـ”جبهة النصرة‮”‬،‮ ‬التي تعمل تحت عباءة‮ “‬القاعدة‮”‬،‮ ‬في مساحات كبيرة نسبيا،‮ ‬ويتراجع نفوذ المعارضة المسلحة التي تحظي بدعم‮ ‬غربي،‮ ‬وتركي،‮ ‬وقطري،‮ ‬وسعودي‮. ‬وبالنسبة لمصر،‮ ‬فإن ما يحدث في سوريا من انهيارات تنذر بتفكيكها يعد مسألة أمن قومي علي درجة عالية من الخطورة‮. ‬وبالنسبة لإيران،‮ ‬فإنها مسألة حياة أو موت تفوق أهميتها الاستراتيجية المشروع النووي كله‮.‬
والحديث مع إيران حول التسوية السياسية المقترحة في جنيف،‮ ‬وطبيعة الدولة السورية الجديدة مسألة لا يصح أن تغيب تحت أي ظرف،‮ ‬وهذا يستدعي حديثا صريحا آخر مع السعودية حول موقفها من الأزمة السورية،‮ ‬بعد أن وصلت إلي مربع السقوط في قبضة‮ “‬داعش‮”.‬
وهناك ـ رابعا ـ العراق وأزمته،‮ ‬ومستقبل وحدة ترابه الوطني،‮ ‬وأثر صراعاته المذهبية والحرب المعقدة مع‮ “‬داعش‮”‬،‮ ‬حيث عجزت الولايات المتحدة عن بناء أية استراتيجية شبه متماسكة،‮ ‬واتسع نطاق الدور الإيراني في القتال علي الأرض‮.‬
هذا التدخل تعثر بعمق،‮ ‬ونجحت‮ “‬داعش‮” ‬في إحراز مكاسب عسكرية قد تطيل الحرب لسنوات طويلة مقبلة‮. ‬ولا يصح أن يكتفي العالم العربي بإبداء ضيقه مما هو منسوب لإيران من تجاوزات علي المسرح العراقي،‮ ‬دون أن يدخل طرفا مباشرا،‮ ‬يحاور،‮ ‬ويعترض،‮ ‬ويطرح التساؤلات الجوهرية عما بعد الحرب،‮ ‬ومستقبل العراق كدولة،‮ ‬وإمكانية تقويض النزاعات المذهبية،‮ ‬وجرائمها المتبادلة علي نطاق واسع‮.‬
وهناك‮ – ‬خامسا‮ – ‬الأزمة في لبنان،‮ ‬وقلق مواطنيه من تداعيات الحرب في سوريا‮.‬
لا تملك أي عين تطل علي بيروت الآن‮ ‬غير أن تري المدي الذي وصل إليه الحضور الإيراني‮. ‬فإذا ما ترك لبنان لمصيره،‮ ‬فإنها كارثة تلوح في الأفق‮. ‬وإذا ما ترك مستقبل مؤسساته الدستورية إلي قرارات الآخرين،‮ ‬بعد الانتهاء من المفاوضات الأمريكية‮ ‬– الإيرانية،‮ ‬فأي حديث عن دور للعالم العربي يصبح لغوا فارغا‮.‬
في لبنان،‮ ‬كل شيء معطل،‮ ‬انتخابات الرئاسة،‮ ‬ومهام الحكومة التي تكاد تصرف الحد الأدني من مهامها،‮ ‬وأعمال البرلمان الذي ينتظر إشارة خضراء من القوي الدولية والإقليمية ليبدأ حسم السؤال الرئاسي كـ‮ “‬البلدوزر‮”‬،‮ ‬بتعبير رئيسه نبيه بري‮.‬
الحديث مع إيران لا يعني القفز إلي المصالحة قبل استكمال مقوماتها،‮ ‬ولا يعني‮ ‬غض الطرف عن أية أزمات في ميادين المواجهات‮.‬
ما هو مطلوب وملح خفض التوترات في المنطقة بأكبر قدر ممكن،‮ ‬والتوصل إلي تفاهمات وتسويات تحوز قبول العالم العربي والإيرانيين معا،‮ ‬وأن تُختبر النيات والسياسات علي موائد التفاوض بالدبلوماسية قبل القوة،‮ ‬وبالمصالح المشتركة قبل الأحلاف العسكرية‮.‬
ثانيا‮- ‬أسئلة القوة العربية المشتركة‮:‬
أحاديث القوة العربية المشتركة ملغمة بأسئلة حرجة‮.‬
أولها من العدو،‮ ‬وثانيها‮: ‬أين الجبهة؟‮. ‬إذا لم يكن هناك أفق سياسي لحركة السلاح خارج حدوده،‮ ‬فإننا قد نتعرض لأزمات محتملة في وقت حرب مع الإرهاب تنال من مستوي الثقة العامة‮. ‬ولا يوجد طرف دولي أو إقليمي واحد يقول إنه يمكن حسم الأزمة اليمنية،‮ ‬علي سبيل المثال،‮ ‬بالسلاح وحده‮.‬
ونحن سنري أن للولايات المتحدة حسابات ومصالح مع إيران تتجاوز الخليج إلي الإقليم كله‮. ‬وبحسابات القوة الراهنة،‮ ‬فإن إيران اللاعب الإقليمي الأول في الحرب علي‮ “‬داعش‮”‬،‮ ‬وفي أزمتي العراق وسوريا،‮ ‬ودورها ممتد بقوة إلي لبنان‮.‬
وفي قلق اللحظة،‮ ‬تحاول الإدارة الأمريكية تطويع إيران بمظاهرات السلاح في اليمن،‮ ‬لكن مصالحها تفرض عليها أن تضع خطوطا حمرا في الهواء لحدود التدخل،‮ ‬ومداه الزمني،‮ ‬حتي لا تفسد طبخة اتفاق المشروع النووي الإيراني الذي تراه تاريخيا،‮ ‬وتتعطل تفاهمات كبري تراهن عليها‮. ‬وبتوصيف البيت الأبيض لاتجاهات الحركة المقبلة‮: “‬ليس من الحكمة رفع العقوبات عن إيران في اليوم الأول من تطبيق اتفاق نهائي‮”. ‬والمعني واضح،‮ ‬وهو وضع إيران تحت الاختبار والضغط،‮ ‬وفق ما تراه الإدارة الأمريكية من أدوار وترتيبات‮.‬
واللافت في أحاديث العمل العسكري العربي المشترك أنه لا توجد رؤية واحدة تصوغ‮ ‬أهدافه وأولوياته،‮ ‬كل شيء تقريبا محل تنازع من حقيقة الأزمة مع إيران،‮ ‬وحدودها،‮ ‬إلي طبيعة العلاقات مع تركيا وتعقيداتها،‮ ‬إلي إدارة الأزمتين السورية والعراقية‮.‬
لا توجد توافقات حقيقية في أي من هذه الملفات،‮ ‬وهذا يستدعي حوارا جادا ومصارحة بالحقائق،‮ ‬فلا يمكن تأسيس حلف عسكري علي أرض سياسية هشة‮.‬
بمعلومات شبه مؤكدة،‮ ‬فإن مصر لم تكن لها مشاركة أساسية،‮ ‬تخطيطا أو تنفيذا،‮ ‬في عمليات القصف الجوي لمواقع وتمركزات الحوثيين،‮ ‬وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح،‮ ‬التي أطلق عليها‮ “‬عاصفة الحزم‮”. ‬وقد أخطرت بتلك العمليات قبل وقت وجيز للغاية من انطلاقها‮.‬
ونحن نفهم أن أي تغول علي الحقوق والأراضي العربية لا يصح التهاون فيه،‮ ‬فقد أصبح الضعف العربي مادة لاستهزاء عام معلن‮. ‬غير أنه ينبغي التحوط من عدم الانخراط علي أي نحو في منازعات مذهبية لم تألفها مصر،‮ ‬طوال تاريخها الحديث،‮ ‬أو أن تدخل بأية طريقة في حرب مفتوحة مع إيران‮.‬
وقبل أي خطوة بالسلاح،‮ ‬فإن الأولوية للسياسة‮. ‬وأي عمل عسكري هو عمل سياسي،‮ ‬وحديث القوة هو حديث في السياسة،‮ ‬وأهدافها،‮ ‬ومصالحها‮. ‬ولابد أن نلاحظ هنا أنه بالنسبة لأطراف عربية رئيسية تدعم مشروع القوة العربية المشتركة،‮ ‬فإن العدو هو إيران،‮ ‬حيث يتمدد نفوذها‮. ‬وبالنسبة لأطراف أخري،‮ ‬فإن الأولوية للحرب علي الإرهاب وتنظيماته التكفيرية،‮ ‬أينما وجدت،‮ ‬فوق تضاريس المنطقة المشتعلة بالنيران‮.‬
وحيث ترتبك الإجابة،‮ ‬يصعب الرهان علي مستقبل مشروع القوة المشتركة كله‮. ‬فالحرب المفتوحة مع إيران حماقة سياسية بلا حد،‮ ‬وانجراف إلي صراعات مذهبية بلا تعقل‮. ‬وهناك فارق جوهري بين مناهضة تغول الدور الإيراني بأكثر مما هو طبيعي ومحتمل،‮ ‬وبين إعلان حرب مفتوحة تمتد من الدولة إلي المذهب،‮ ‬ومن الاختلاف إلي الوجود نفسه‮.‬
إيران ليست إسرائيل،‮ ‬ومن‮ ‬غير المقبول،‮ ‬بأي قياس قومي،‮ ‬استبدال الأولي بالثانية،‮ ‬فهذا خلط مريع في الأوراق يقوض نهائيا أي تطلع لعمل عربي وعسكري مشترك‮.‬
وفي الوقت نفسه،‮ ‬لا يوجد تعريف متفق عليه للإرهاب،‮ ‬وبعض الدول المرشحة للانضمام إلي القوة المشتركة تدعم جماعات تعدَها دول أخري إرهابية‮.‬
ومع ذلك،‮ ‬فإن أي تردد في الالتزام بأمن الخليج خطيئة سياسية،‮ ‬غير أن الشطط في الخصومة مع إيران خطيئة أخري‮. ‬وبالإضافة إلي ذلك،‮ ‬فإن الحرب المفتوحة مع إيران ليست قرارا عربيا محضا،‮ ‬فللدول الغربية الكبري مصالحها،‮ ‬وحساباتها،‮ ‬وصفقاتها المحتملة مع طهران‮. ‬ورغم كل التعقيدات والمناورات،‮ ‬فإن العودة لموائد التفاوض من جديد بين الأطراف اليمنية المتنازعة مرجحة تماما بضغط‮ ‬غربي،‮ ‬تؤيده روسيا والصين،‮ ‬فضلا عن إيران نفسها‮. ‬وبالنسبة للسعودية،‮ ‬فإن الأزمة اليمنية وجودية،‮ ‬حيث وصلت قوات الحوثيين الموالين لطهران إلي حدودها المباشرة‮. ‬وفي هذه اللحظة،‮ ‬تقف إيران علي الباب السعودي،‮ ‬تطرقه بقوة،‮ ‬وتهدده بعنف،‮ ‬بعدما أخذت مساحات علي حسابه في‮ “‬بيروت‮”‬،‮ ‬و”دمشق‮”‬،‮ ‬و”بغداد‮”. ‬ولذلك،‮ ‬فإن خسارة اليمن تعني بالضبط احتمال انهيار السعودية كدولة‮. ‬ولهذا السبب،‮ ‬نزعت نخبة الحكم الجديدة في السعودية إلي فتح صفحة جديدة مع تركيا،‮ ‬بحثا عن وثائق تأمين إضافية لمواجهة صعود النفوذ الإيراني،‮ ‬المرشح لمزيد من القوة‮.‬
وللسبب نفسه،‮ ‬فكرت نخبة الحكم الجديدة في بناء تحالف سياسي يضمها إلي تركيا ومصر،‮ ‬ويواجه تحالفا آخر،‮ ‬تقوده إيران‮.‬
والسؤال هنا‮: ‬هل كان طرح مشروع القوة العربية المشتركة،‮ ‬بينما الرئيس التركي في الرياض،‮ ‬محاولة لقطع الطريق علي أية تأثيرات سلبية في المصالح المصرية،‮ ‬جراء هذا التقارب؟‮. ‬وإذا مددنا الخيط إلي آخره من الأزمة اليمنية إلي أزمات المنطقة الأخري الأكثر خطورة واشتعالا،‮ ‬فإن القوي الدولية النافذة لا يمكن أن تترك أحاديث القوة المشتركة تمضي وفق ما يقرره العرب دون تدخل وضغط لإعادة تكييف الفكرة،‮ ‬وفق مصالحها‮. ‬وأي كلام آخر هو الوهم نفسه‮.‬
ثالثا‮- ‬كيف تقترب مصر من الملف الإيراني؟
كان السؤال مباغتا تماما،‮ ‬والإجابة عليه شبه مستحيلة‮: ‬من يضمن منكم أن يتوقف الأمريكيون عن طرح طلبات جديدة،‮ ‬إذا استجبنا لكل ما طرحوه حتي الآن؟‮”.‬
لم يجب أحد من فريق التفاوض الإيراني علي سؤال المرشد آية الله خامنئي،‮ ‬وران صمت علي الاجتماع الذي جرت وقائعه،‮ ‬قبل ست سنوات،‮ ‬حسب رواية قيادة بارزة في حزب الله‮.‬
التوجس نفسه يأخذ صيغة سؤال جديد بلا تأكيد نهائي علي إجابته‮: “‬من يضمن رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة منذ اثني عشر عاما في اليوم التالي لتوقيع الاتفاق النهائي بخصوص المشروع النووي الإيراني؟‮”. ‬للتوجس أسبابه،‮ ‬فقد تمدد نفوذ إيران الإقليمي بأكثر من طاقتها علي التمركز بثقة،‮ ‬والحفاظ علي ما اكتسبته باطمئنان‮.‬
هدفها الرئيسي من رفع العقوبات بأسرع وقت ممكن تثبيت مكتسباتها الإقليمية،‮ ‬قبل إزاحة الضغوط الاقتصادية من علي كاهل مواطنيها‮. ‬والمشروع الإقليمي حكم كل شيء تقريبا في السياسة الإيرانية،‮ ‬بما في ذلك مشروعها النووي‮. ‬وفي سعيها لامتلاك القوة النووية،‮ ‬عملت علي بناء قاعدة إجماع وطني تؤكد شرعية نظام الحكم،‮ ‬وهيبة القوة ساعدت علي تمدد دورها في الإقليم‮.‬
تقدمت إيران إلي مشروعها النووي في التوقيت ذاته الذي تمددت فيه أدوارها الإقليمية،‮ ‬وراهنت علي نسج الحقائق في الإقليم المشتعل بالنيران دون تعجل كأي نساج سجاد إيراني يأخذ وقته الطويل،‮ ‬قبل أن ينتهي من عمله‮.‬
وهنا،‮ ‬فإن القوة العربية المشتركة تضفي علي الدبلوماسية هيبتها‮. ‬غير أن التورط في الصدام مع إيران قضية أخري‮. ‬والاقتراب المصري من الملف الإيراني يفتح المجال أمام تفاهمات ممكنة تمنع أية تقسيمات جديدة فوق خرائط الإقليم،‮ ‬بعد دحر‮ “‬داعش‮”.‬
تقسيم العراق لثلاث دويلات،‮ ‬شيعية وسنية وكردية،‮ ‬محتمل،‮ ‬غير أنه ينطوي علي انفجارات أشد وأعنف،‮ ‬وتصفية حسابات دموية،‮ ‬وإعادة إنتاج‮ “‬داعش‮” ‬بأسماء جديدة‮. ‬والمثير أن التقسيم سوف يناقض طموح إيران لقيادة الإقليم،‮ ‬ويحصر نفوذها في المناطق ذات الأغلبية الشيعية،‮ ‬والنزعة العروبية سوف تنهض لمقاومة التغول الفارسي‮. ‬كما أن المناطق الأخري سوف تناصبها العداء،‮ ‬وتسودها روح الانتقام‮. ‬واللافت هنا أنه لا توجد سياسة أمريكية يعتد بها في النظر إلي مستقبل العراق،‮ ‬بمعني أن من يطلب تطويع إيران،‮ ‬لا يعرف بالضبط ما الذي يريده،‮ ‬وأين خطوته التالية‮.‬
الأمر نفسه في الشأن السوري،‮ ‬فالإيرانيون يعرفون خياراتهم،‮ ‬والأمريكيون شبه متخبطين،‮ ‬والدول العربية منقسمة بضراوة بشأن متي تبدأ التفاهمات الإيرانية‮ ‬– الأمريكية،‮ ‬وأين تستقر الحقائق علي الأرض‮.‬
هذا السؤال هو صلب أية حوارات خلفية بين واشنطن وطهران،‮ ‬قبل حسم رفع العقوبات الاقتصادية،‮ ‬فيما يغيب العرب بصورة شبه كاملة‮.‬
في سيولة كتل النيران،‮ ‬لم تكن مصادفة أن تنسق الإدارة الأمريكية العمليات العسكرية في تكريت ضد‮ “‬داعش‮” ‬مع إيران،‮ ‬بينما تنسق عمليات مضادة مع السعودية في اليمن‮.‬
أرادت بالأولي اختبار التفاهمات الممكنة مع اللاعب الإيراني،‮ ‬وحدود التنسيق الميداني علي الأرض،‮ ‬وأرادت من الثانية تهدئة قلق الخليج من أية تفاهمات محتملة‮.‬
وظفت الإدارة الأمريكية العمليات العسكرية في اليمن لتطويع المفاوض الإيراني في الأمتار الأخيرة،‮ ‬قبل التوصل إلي اتفاق نهائي،‮ ‬وضبطت إيران تصرفاتها،‮ ‬حتي لا تفسد طبخة التسوية التي انتظرتها طويلا‮.‬
هاجمت إسرائيل اتفاق لوزان سعيا لصفقات سلاح،‮ ‬وتمويلات أمريكية باسم تهدئة مخاوفها من‮ “‬الخطأ التاريخي‮” ‬الذي ارتكب‮. ‬وهاجمه الجمهوريون في الكونجرس لإبراز تناقضات الإدارة الديمقراطية وضعفها،‮ ‬قبل الانتخابات المقبلة‮. ‬غير أنه من الصعب للغاية وقف تنفيذ اتفاق حين توافق عليه الدول الكبري جميعها بلا استثناء واحد‮.‬
وهكذا،‮ ‬فأمام انقلابات الإقليم الجارية والمحتملة،‮ ‬فإن ما تحتاج إليه مصر الآن أن تنظر حولها بتأمل،‮ ‬وترصد المتغيرات حولها بعمق،‮ ‬كدولة مركزية في المنطقة،‮ ‬لا كلاعب هامشي ينتظر ما يقرره له الآخرون‮.‬
رابعا‮- ‬سباق خماسي علي القوة والنفوذ‮:‬
هناك سباق ضار علي القوة والنفوذ في الإقليم،‮ ‬تشارك فيه خمسة جياد،‮ ‬مصر والسعودية من داخل العالم العربي،‮ ‬وتركيا وإيران في محيطه المباشر،‮ ‬وإسرائيل حاضرة تنتظر فرصتها‮. ‬الجياد الأربعة الأولي وجودها طبيعي بأي معني تاريخي وجغرافي وحضاري،‮ ‬بينما الخامس مصطنع كأنه قلب مزروع في جسد يرفضه،‮ ‬رغم مرضه المزمن‮.‬
وثمة رهانات سياسية متبادلة بين الجيادين العربيين،‮ ‬تلخصها المصالح المشتركة‮. ‬فمصر تراهن علي دور خليجي في تعافيها الاقتصادي الضروري لأي دور إقليمي محتمل،‮ ‬ينفض عنها الانكفاء الطويل‮. ‬والسعودية تراهن علي أن تقوم الدولة العربية الكبري علي قدميها بأسرع وقت ممكن،‮ ‬حتي توازن إيران في معادلات المنطقة،‮ ‬وتوفر للخليج وثيقة ضمان لأمنه بالمعنيين العسكري والسياسي‮. ‬مساحات التوافق في ملفي الخليج واليمن شبه محسومة،‮ ‬غير أن هناك ظلالا كثيفة علي الملفات السورية والعراقية،‮ ‬وطبيعة العلاقات مع تركيا وإيران‮.‬
وبينما تطلب الرياض تحالفا يضمها إلي مصر وتركيا في مواجهة إيران وحلفائها،‮ ‬واقترابا مختلفا من جماعة‮ “‬الإخوان المسلمين‮”‬،‮ ‬فإن القاهرة تتحفظ،‮ ‬فليست لها مصلحة واحدة في دخول مثل هذا الحلف‮. ‬ولهذا السبب بالتحديد،‮ ‬طرحت الرئاسة المصرية مشروع‮ “‬القوة العربية المشتركة‮”‬،‮ ‬قاصدة أن تكون هناك بدائل أخري معروضة علي الحليف السعودي‮.‬
هذه نقطة تستدعي حوارا استراتيجيا صريحا ومباشرا يحاول في وقت واحد خفض التوتر مع تركيا،‮ ‬وفتح قنوات مع إيران‮. ‬وبالنسبة للدبلوماسيين المصريين،‮ ‬فإن‮ ‬غالبيتهم الساحقة تطلب الأمرين معا‮.‬
وبينما تعرقل انحيازات الرئيس التركي أية اقترابات محتملة مع اسطنبول،‮ ‬فإن الطرق شبه مفتوحة أمام الحديث مع إيران‮. ‬ولا يعني الحديث قفزا إلي مصالحة قبل استكمال مقوماتها،‮ ‬أو إضرارا علي أي نحو بأي أمن عربي،‮ ‬فهذا خط أحمر نهائي‮. ‬فبعد احتلال بغداد‮ (‬2003‮)‬،‮ ‬تقدمت كل من تركيا وإيران،‮ ‬في‮ ‬غياب مصري تام،‮ ‬لملء الفراغ‮ ‬الاستراتيجي في المشرق العربي بطريقتين مختلفتين‮.. ‬الأولي بقوتها الاقتصادية البازغة،‮ ‬حيث تحتل المركز السادس علي المستوي الأوروبي،‮ ‬وقوتها الناعمة،‮ ‬حيث تتبدي المشتركات الثقافية‮. ‬أما الأخيرة،‮ ‬فبوضوح أهدافها الاستراتيجية،‮ ‬وقوة تحالفاتها قبل قوة السلاح،‮ ‬وهذا ما افتقدته بفداحة الأطراف الإقليمية الأخري‮.‬
وبسرعة‮ ‬غير متوقعة،‮ ‬تراجعت رهانات اسطنبول علي أن القرن الحادي والعشرين في المنطقة سوف يكون تركيا بحسب المصطلحات التي شاعت في لحظة الصعود وبريقها‮. ‬ومن المثير أن رجب طيب أردوجان،‮ ‬الذي قاد الصعود التركي،‮ ‬ويتحمل الآن مسئولية انكساره،‮ ‬تملكته‮ “‬عقدة السيسي‮” ‬بأكثر مما هو طبيعي في أي قياس لمصالح بلاده الاقتصادية والاستراتيجية في أكثر مناطق العالم حساسية‮.‬
وبقدر الإثارة نفسها،‮ ‬فإن سند القوة في الصعود الإيراني هو نفسه نقطة ضعفه‮.‬
فالتقدم علي أساس مذهبي يفرز الحلفاء بسهولة،‮ ‬لكنه يفجر العداوات بالدرجة نفسها،‮ ‬ويمنع عن الأدوار قدرتها علي الرسوخ لفترة طويلة‮. ‬وهنا،‮ ‬تكمن قوة الدور المصري وقدرته علي الإلهام،‮ ‬إن توافرت سياسة تقنع وتؤثر‮.‬
والأكثر إثارة،‮  ‬في سباق الجياد الإقليمية،‮ ‬أن إسرائيل،‮ ‬رغم قوتها العسكرية الباطشة،‮ ‬تبدو بأضعف حالاتها السياسية‮. ‬فمع تقويض حل الدولتين بصورة كاملة،‮ ‬تبدو السياسة الإسرائيلية في حالة انكشاف‮  ‬تحرج حلفاءها الغربيين،‮ ‬وتنزع أية ادعاءات مراوغة تسوغ‮ ‬الاستيطان،‮ ‬والقمع،‮ ‬وحصار‮ ‬غزة،‮ ‬والتنكيل بكل ما هو فلسطيني‮.‬
بتلخيص رمزي،‮ ‬فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي،‮ ‬بنيامين نتنياهو،‮ ‬أقرب إلي جواد يتصور أن بوسعه الربح دائما بخسارات الآخرين،‮ ‬والتوسع المجاني من ثغرات العجز العربي الفادح‮. ‬وكأي رهان من مثل هذا النوع،‮ ‬لا يمكن الوثوق في تمدده بلا أثمان تُدفع،‮ ‬وهو مرشح لأن يدخل في الحائط مع زيادة منسوب الغضب الغربي،‮ ‬الشعبي أولا،‮ ‬والبرلماني ثانيا،‮ ‬علي السياسات الإسرائيلية‮.‬
خامسا‮- ‬مصر بين الرياض وطهران‮:‬
في المواجهة السعودية‮ – ‬الإيرانية علي الأرض اليمنية،‮ ‬يحاول كل من الطرفين أن يستقطب أنصارا،‮ ‬ويضخ أموالا وسلاحا لإضعاف المعسكر الآخر،‮ ‬لكنهما يدركان أن الأزمة إقليمية بقدر ما هي يمنية‮. ‬وكلاهما يتحسب من أية ترتيبات تالية لمظاهرات السلاح‮.‬
كانت‮ “‬عاصفة الحزم‮” ‬تعبيرا خشنا عن مستوي القلق السعودي من ميل موازين القوي في اليمن لمصلحة المعسكر الذي تدعمه إيران‮.‬
استبقت العمليات العسكرية القمة العربية في‮ “‬شرم الشيخ‮”‬،‮ ‬خشية أن تتحفظ بعض دولها عليها،‮ ‬و”اتفاق لوزان‮”‬،‮ ‬خشية أن يفضي إلي رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران،‮ ‬وترتيبات جديدة في الإقليم علي حسابها‮. ‬وبدأت العمليات دون أدني تنسيق مع الحليفين العسكريين الكبيرين،‮ ‬مصر وباكستان،‮ ‬وقد جري إخطارهما،‮ ‬قبل وقت وجيز من تحرك الطائرات‮.‬
بالنسبة لإيران،‮ ‬فإن سلم أولوياتها لا يتصدره اليمن علي عكس السعودية‮. ‬الأولويات تحددها المصالح الاستراتيجية،‮ ‬لا مساجلات الإعلام‮. ‬فسوريا لها الصدارة في أية حسابات إيرانية،‮ ‬وخسارتها تعني بالضبط وضع أمنها في مرمي النيران،‮ ‬وبعدها العراق بكل ثقله،‮ ‬وتعقيداته،‮ ‬وسيناريوهات مستقبله الغامضة،‮ ‬ثم لبنان،‮ ‬حيث تتبدي قوة حضورها في معادلاته من قوة حليفها،‮ ‬حزب الله‮.‬
الحضور الإيراني يستهدف بالأساس‮ “‬المناكفة الاستراتيجية‮” ‬للسعودية عند خاصرتها الجنوبية،‮ ‬وهذه لها صلة وثيقة بميادين الصراع الإقليمية الأخري‮. ‬والمعني أن إيران لن تفرط علي أي نحو بأوراقها في اليمن،‮ ‬دون أن تحصل علي تسوية مرضية تضمن لأنصارها حضورا سياسيا مؤثرا،‮ ‬وتسويات أخري في مناطق تتنازع فوقها مع اللاعب السعودي‮. ‬ورغم قرار مجلس الأمن الذي وفر‮ ‬غطاء دوليا لكل ما طلبته دول الخليج،‮ ‬تبقي الحقائق علي الأرض أساس كل تفاوض‮. ‬ومن المثير أن الأطراف اليمنية المتنازعة بالسلاح تعلن بلا استثناء واحد التزامها بمخرجات الحوار الوطني‮. ‬غير أن أحدا لا يصدق الآخر،‮ ‬فضلا عن أن كل طرف تقف وراءه قوة إقليمية ترسم خطاه،‮ ‬وتحدد مواقفه‮. ‬ولذلك،‮ ‬وبما لا يحتمل أدني لبس،‮ ‬فإن العودة إلي موائد التفاوض تعني بالضبط حوارا سعوديا‮ – ‬إيرانيا‮.‬
وقد كان من الأسباب الجوهرية لوصول الأزمة إلي ما وصلت إليه أن كل لاعب إقليمي حرك أنصاره،‮ ‬وفق مصالحه‮. ‬دعت إيران‮ “‬الحوثيين‮” ‬مدعومين من قوات‮ “‬صالح‮” ‬إلي التمدد الميداني،‮ ‬وتقويض أية فرص للتوافق،‮ ‬بظن أن بناء القوة علي الأرض أهم من صياغة القرارات علي الأوراق‮. ‬وحسب مفاوضين يمنيين،‮ ‬فإن الحوثيين كانوا يستمهلون البت في القرارات المصيرية،‮ ‬حتي استطلاع الرأي الإيراني‮. ‬وللغرض نفسه،‮ ‬اقتربت السعودية من أعداء تاريخيين ناصبتهم العداء طويلا علي المسارح اليمنية لمواجهة الخطر المشترك،‮ ‬وتداخلت في الملف التفاوضي قبل أن ينفجر‮.‬
ولم تكن مصادفة إخفاق الحوار اليمني‮. ‬فاللاعبان الإقليميان فضَّلا،‮ ‬كل لأسبابه،‮ ‬الوصول إلي طريق مسدود‮. ‬وفي المفاوضات المتنظرة،‮ ‬نجد السعودي حاضرا بقوة،‮ ‬والإيراني لا يمكن تجاهله،‮ ‬وتوازن القوة وحده هو الذي سيحكم النتائج‮. ‬وحيث تبدو الفرص متاحة أمام دور جديد للقاهرة في إقليمها من البوابة اليمنية،‮ ‬لا تتسق الحركة المصرية مع التحديات،‮ ‬ولا توجد مبادرات مؤثرة‮. ‬ورغم وجود حوارات مع الحوثيين،‮ ‬وأخري مع الإيرانيين بصورة متقطعة،‮ ‬فهي‮ ‬غير معلنة،‮ ‬خشية حساسية الحليف الخليجي،‮ ‬وهذه لا محل لها،‮ ‬فمصر محام مؤتمن علي أمنه‮.‬
إن أي دور مؤثر‮  ‬يستدعي انفتاحا علي الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن،‮ ‬بدرجة أعلي من الكفاءة،‮ ‬وتفويضا خليجيا،‮ ‬عبر مكاشفة صريحة،‮ ‬وحديثا مع إيران في القضايا الخلافية لتطويق أزمات الإقليم كله‮.‬
 عبدالله السناوي
مجلة السياسة الدولية