الرابحون والخاسرون من رفع العقوبات عن إيران

الرابحون والخاسرون من رفع العقوبات عن إيران

ايران1

أدى تشديد العقوبات على إيران عام 2012 إلى انهيار وضعهـــا الاقتصـــادي، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي الإسمي من نحـــو 565 بليون دولار عام 2011 إلى نحو 419 بليوناً في 2012، أي ما يعادل 26 في المئة، وأدى ذلك إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي من 7511 دولاراً إلى 5512 دولاراً، أي ما يعادل 36 في المئة بين العامين المذكورين.

وجاء هذا الانهيار بسبب انخفاض إنتاج النفط من 3.6 مليون إلى حوالي 3.2 مليون برميل يومياً وانخفاض صادرات النفط من مليوني برميل إلى 1.5 مليون برميل بين العامين 2011 و2012. إضافة الى ذلك، انخفضت إيرادات الحكومة الايرانية من نحو 27 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي إلى 14 في المئة، وصاحب ذلك ارتفاع معدل التضخم قياساً الى مؤشر سعر التجزئة من 21.5 إلى 30.5 في المئة.

إذا كانت العقوبات والقيود على إيران قد حدت من قدراتها الاقتصادية والمالية، فإن رفع العقوبات ذات العلاقة ببرنامجها النووي في اطار الاتفاق بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن مع المانيا (5 + 1) وإيران في 14 تموز (يوليو) الماضي، ستكون له انعكاسات مهمة على الاقتصاد الايراني وشركاء إيران التجاريين وسوق النفط العالمية.

فعــــودة إيـــران إلى الانخراط في الاقتصاد العالمي عبر سوق النفط العالمي وتـــزويده بنحـــو مليون برميل يومياً من الصادرات الايـــرانية الاضـــافية، سيـــزيد المعروض النفطي في ظل طلب نفطـــي عالمــي محدود، ويــــؤدي إلى انخفاض أسعار النفط نحو 14 فـــي المئـــة أو ما يعادل 10 دولارات عام 2016، وفقاً لما أعلنــــه البنــك الدولي في «الموجز الاقتصـــادي الفصـــلي لمنطقــــة الشرق الأوسط وشمال افريقيا»، عن الأثر الاقتصادي لرفع العقوبات عن إيران الصادر في تموز (يوليو) من العام الحالي.

وبإفتراض ان متوسط سعر النفط عام 2016 سيبلغ 72 دولاراً للبرميل الواحد من دون الاتفاق النووي بين إيران والدول الست، تصدر إيران 1.5 مليون برميل في اليوم أي ما يعادل 39.42 بليون دولار سنوياً. وبعد الاتفاق، ستجني إيران من صادرات النفط نحو 56.675 بليون دولار في السنة (2.5 ضرب 62 ضرب 365 = 56675 مليون دولار) أي أن إيران ستجني من مثل هذا التطور نحو 17.3 بليــــون دولار . والرابحون الآخرون من تطور سوق النفــط العالمية وانخفـــاض اسعار النفط هي البلدان المستوردة للـــنفط مثل الصين والهند والبلدان الاوروبية والولايات المتحدة الاميـــركية والاردن ولبنان وتركيا ودبي. فالصين التي استوردت 7.4 مليون برميل في اليــوم من النفط الخام في نيسان (ابريل) مـــن العـــام الحــالي يمكن ان توفر من فاتورة استيراد النفط نحو 27 بليون دولار في السنة. ومثلها يمكن للولايات المتحدة الأميركية ان توفر من فاتورة استيراد النفط نحو 25.5 بليون دولار بإعتبار أن صافي استيرادها من النفط الخام يعادل 7 ملايين برميل يومياً.

الخاســـرون من تطور سوق النفط العالمية كنتيجة لرفع العقـــوبات عـــن إيران هم مصدرو النفط الآخرون في منطقة الخليـــج وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجي الذين يصدرون نحـــو 15.7 مليون برميل في اليوم. فخسارتهم الناجمة عن انخفـــاض سعر برميل النفط 10 دولارات تقدر بنحو 57.3 بليون دولار منـــها نحـــو 25.4 بليـــون خســـائر السعودية لوحدها، ونحـــو 8.3 بليـــون دولار خسرتها دولة الامارات العربية المتحدة.

استفادة إيران من رفع العقوبات عنها لا تنحصر في الايرادات النفطية الإضافية من صادرات النفط التي أشرنا اليها أعلاه. ومن المتوقع، بعد رفع العقوبات، أن يتلقى الاقتصاد الإيراني دفعاً قوياً يعيد حيويته ونشاطه، من الموارد المالية سواء كانت استثمارات أجنبية أو من أموالها المجمدة في الخارج التي تقدر بنحو100 بليون دولار. وبطبيعة الحال ستستفيد إيران من خفض تكاليف المعاملات التجارية مع شركائها التجاريين، كما ان هؤلاء يستفيدون من رفع العقوبات نظراً الى كبر السوق الإيرانية القائمة على نحو 80 مليون شخص. ونظراً الى العلاقات التجارية القديمة والقرب الجغرافي بين الإمارات وإيران، فإن الفائدة ستكون كبيرة للبلدين وبخاصة إمارة دبي التي تعتبر مركزاً اقليمياً لوجستياً بين آسيا وأوروبا وأفريقي.

علي توفيق الصادق

جريدة الحياة