التباس أوروبي بالتزامن مع تغير المواقف إزاء الأزمة السورية

التباس أوروبي بالتزامن مع تغير المواقف إزاء الأزمة السورية

_62476_46

تصاعدت في الآونة الأخيرة الدعوات الأوروبية المطالبة بإيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية، خاصة بعد التدفق غير المسبوق لأعداد اللاجئين السوريين القادم معظمهم من تركيا، والذي أثار حالة هلع لدى أنظمة دول القارة العجوز، وزاد من مخاوفها بشأن إمكانية تسلل إرهابيين ضمن اللاجئين.

وأبدت أبرز الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا ليونة في التعاطي خاصة مع الأسد، رغم تمسكها بضرورة “رحيله في نهاية المطاف”، وهو ما كان غير مطروح قبل أشهر قليلة.

وأعلنت فرنسا، الثلاثاء، على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس، أن الحل في سوريا يمر عبر تشكيل “حكومة وحدة وطنية” تضم أطرافا من النظام والمعارضة، معتبرا في الوقت نفسه أن المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد كشرط مسبق لحل الأزمة ليس واقعيا.

وقال فابيوس في مقابلة أجرتها معه عدة صحف أوروبية “منعا لانهيار النظام على غرار ما حصل في العراق، يجب الحفاظ على الجيش وعلى دعائم أخرى للدولة (…) ويتطلب الأمر في آن معا عناصر من النظام وأعضاء من المعارضة ممن يرفضون الإرهاب”.

وأوضح الوزير الفرنسي ردا على سؤال عما إذا كان مطلب رحيل الأسد هو شرط مسبق لبدء أي حل تفاوضي “إذا طالبنا حتى قبل أن تبدأ المفاوضات بأن يقدم الأسد اعتذارات فلن نحرز أي تقدم”.

وفيما يتعلق بالطرح الروسي حول تشريك النظام السوري في تحالف دولي واسع ضد تنظيم الدولة الإسلامية، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي أن الرئيس السوري هو المسؤول الأول عن الفوضى الراهنة في بلاده وأن اعتباره مفتاح الحل هو مجرد “وهم”.

وبدأت باريس مطلع الشهر الجاري إجراء طلعات استطلاعية في الأجواء السورية تمهيدا لشن غارات محتملة ضد تنظيم داعش، الذي أكد فابيوس وجود نية له لاستهداف فرنسا ودول أخرى.

وتخشى الدول الأوروبية من وصول عناصر تنظيم داعش المتطرف إلى أراضيها، وهو الشيء الذي عزز مخاوف الأوروبيين وجعلهم يحثون على الحل السياسي باعتباره المدخل الوحيد لدحر هذا الخطر.

وترى هذه الدول أن اجتماع الجمعية العمومية سيكون فرصة كبيرة لبحث خيار التسوية السياسية عبر إطلاق مفاوضات جنيف 3. وتبدأ في 25 سبتمبر الجاري أعمال الجمعية العمومية في دورتها الـ70 وسيشارك بها رؤساء الدول الكبرى ومن ضمنهم الرئيس فلاديمير بوتين الذي أعلن عن “تفجيره لمفاجأة تتعلق بصراعات الشرق الأوسط” في هذه الدورة التي يحضرها بعد سنوات من المقاطعة.

وسيسعى القادة الأوروبيون إلى استغلال الحدث لحشد الدعم للحل السياسي في سوريا.

ولكن تبقى هذه المحاولات والضغوط الأوروبية معرضة لانكسار على حجرة موسكو التي كثفت على مدار الأيام الأخيرة من دعمها التسليحي للنظام السوري، وسط أنباء شبه مؤكدة بأن روسيا تنوي المشاركة بقوات برية خاصة في القتال إلى جانب الأسد.

وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، الثلاثاء، “من الواضح أن التحرك الروسي في الأسابيع القليلة الماضية من نشر سفن وطائرات في المنطقة يزيد من تعقيد وضع معقد جدا بالفعل”، نافيا أن يكون أجرى لقاءات أو اتصالات مع موسكو حول الموضوع.

ويؤيد محللون وخبراء رؤية فالون وغيره من المسؤولين الغربيين حول أن التدخل الروسي سيعقد عملية التوصل إلى حل سلمي ينهي الصراع.

ويضيف هؤلاء أنه لا مناص من سلك طريق المفاوضات السياسية، معتبرين أن الظروف الدولية والإقليمية الحالية تخدم هذا التوجه.

ووافق أمس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن الأسماء التي ستترأس مجموعات العمل الأربع المكلفة بالتمهيد للعملية التفاوضية بين أطراف الأزمة السورية.

هؤلاء هم النروجي يان ايغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، للشؤون الأمنية، والسويسري نيكولا ميشال، الرئيس السابق للشؤون القانونية للأمم المتحدة بين 2004 و2008، والخبير السياسي والأستاذ الجامعي الألماني المتخصص في الشؤون السورية فولكر برتيس للجوانب العسكرية ومكافحة الإرهاب، والسويدية بريجيتا هولست آلاني لإعادة أعمار البلاد.

وتشكل مجموعات العمل الأربع أساس المقاربة الجديدة التي اقترحها ستيفان دي ميستورا أواخر يونيو من أجل التوصل إلى السلام في سوريا.

هذا الحراك الدولي بمختلف توجهاته وفاعليه، يدفع فصائل المعارضة السورية المسلحة وداعميها الإقليميين إلى التحرك هي الأخرى لتثبيت نفسها ضمن أي خطوة مستقبلية في سوريا.

ومن بين هذه الفصائل نجد حركة أحرار الشام التي تحاول إقناع الأطراف الدولية بأنها القوة المسلحة الأقدر على الساحة، ولبلوغ هذا الهدف أقدمت الحركة التي تدعمها تركيا مؤخرا، على جملة من التغييرات على مستوى قيادتها حيث تم الأسبوع الماضي تنصيب زعيم جديد لها وهو أبويحيى الحموي.

والحموي مهندس مدني ومقاتل في الثلاثينات من العمر، وقد سعى للتواصل مع جماعات معارضة أخرى في أولى رسائله ووعد بإشراكها في أي صفقة تتوصل إليها جماعته.

ومعروف عن الزعيم الجديد براغماتيته، وتقول بعض المصادر أن المخابرات التركية هي من فرضته على رأس الحركة. وتسعى تركيا للتسويق للحركة لدى الدوائر الغربية بعد فشل تسويق جبهة النصرة، وقد عملت على فتح قنوات تواصل بين أحرار الشام وإيران توج بتوقيع هدنة في 3 بلدات، وهي الزبداني والفوعة وكفريا، والتي تم التمديد لها أمس.

وقد أرادت الحركة ومن خلفها أنقرة القول بأنها قادرة على أن تصبح شريكا مستقبليا في أي عملية تفاوضية.

إلى جانب أحرار الشام نجد فصيل آخر لا يقل تأثيرا على الساحة وهو “جيش الإسلام” الذي تدعمه المملكة العربية السعودية.

وقد نجح الفصيل مطلع الشهر الجاري في تهديد قلب العاصمة دمشق، ويسيطر اليوم على الطريق الدولي الرابط بين دمشق وحمص.

صحيفة العرب اللندنية