المستقبل.. ستة محركات للتغيير العالمي

المستقبل.. ستة محركات للتغيير العالمي

5cb73d65-9b65-4acf-88ea-79811efcc8ed

يأخذ الكتاب الحالي أهميته في جدة وقيمة المعلومات والتحليلات الواردة فيه لمؤلف اشتغل في منصب سياسي رفيع في أكبر دولة في العالم، وهو ما أعطاه الفسحة الكبيرة لنشر كل ما هو هام وحديث من الإشكالات المعاصرة التي تتعرض لها البشرية جمعاء، إنه آل غور، نائب الرئيس الأميركي الأسبق والكتاب بعنوان: المستقبل.. ستة محركات للتغيير العالمي.

يستعرض المؤلف الآفاق الضبابية لمستقبل الأرض، ويقدم توقعات مدروسة وجدية ومفعمة بالأمل، ويحدد ستة محركات للتغيير العالمي:

1- أدت العولمة الاقتصادية المتزايدة باستمرار إلى نشوء ما سماه بـ”شركة الأرض” التي تعتبر في نظره كيانا كليا متكاملا له علاقة جديدة ومختلفة عن الماضي مع رأس المال والعمل والأسواق الاستهلاكية والحكومات الوطنية.

-العنوان: المستقبل.. ستة محركات للتغيير العالمي-المؤلف: آل غور -ترجمة: عدنان جرجس-الناشر: عالم المعرفة – الكويت-تاريخ الصدور: 2015

2- أدت الاتصالات الرقمية في جميع أنحاء العالم والإنترنت، وثورات الحاسوب إلى ظهور “رد الفعل العالمي” الذي يربط الأفكار والأحاسيس لمليارات البشر، كما يربط الآلات الذكية والروبوتات وأجهزة الاستشعار المنتشرة في كل مكان، وقواعد البيانات

3 – ميزان القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية العالمية يتحول بعمق أكثر من أي وقت مضى من النظام المركزي في الولايات المتحدة إلى نظام يمتلك مراكز ناشئة متعددة للسلطة ومن الحكومات الوطنية إلى الجهات الفاعلة في القطاع الخاص.

4- تقودنا البوصلة الاقتصادية المعطلة والمصابة بالخلل إلى النمو غير المستدام في الاستهلاك وتدفقات التلوث، واستنفاد الموارد الإستراتيجية لكوكب الأرض من التربة السطحية والمياه العذبة وأصناف الكائنات الحية.

5- الجينوم والتكنولوجيا الحيوية، وعلم الأعصاب، وثورات علوم الحياة، تتحول بشكل جذري في مجالات الطب والزراعة والعلوم الجزيئية، وتضع مفاتيح التحكم بالتطور في أيدي الإنسان.

6- كان هناك اختلال جذري في العلاقة بين البشر والنظم الإيكولوجية الأرضية جنبا إلى جنب مع بداية التحول الثوري لأنظمة الطاقة والزراعة والنقل والبناء في جميع أنحاء العالم.

“تقودنا البوصلة الاقتصادية المعطلة والمصابة بالخلل إلى النمو غير المستدام في الاستهلاك وتدفقات التلوث، واستنفاد الموارد الإستراتيجية لكوكب الأرض من التربة السطحية والمياه العذبة وأصناف الكائنات الحية”

وفي معرض حديثه عن بدايات التسويق الشامل يشير المؤلف إلى أن معظم المؤرخين يرجعون البداية الحقيقية لثقافة الاستهلاك إلى عشرينيات القرن العشرين عندما ظهرت أول وسيلة إلكترونية عامة وهي الإذاعة في الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب أول تداول للمجلات الوطنية وأول عرض للأفلام الصامتة في دور السينما، وما هو ملحوظ أن القروض الاستهلاكية أصبحت أيضا متوافرة على نطاق واسع خلال فترة “العشرينيات المزدهرة” للمساعدة في تمويل المشترين لشراء منتجات جديدة باهظة الثمن نسبيا مثل السيارات وأجهزة الراديو.

أما في ما يتعلق بالنفايات والتلوث فيستند المؤلف إلى تقرير صدر أخيرا عن البنك الدولي للإشارة إلى أن معدل إنتاج الفرد من النفايات وحدها من سكان المدن في العالم هو 2.6 رطل للشخص الواحد في اليوم، ومن المتوقع أن يزيد الحجم الكلي بنسبة 70% في غضون عشر سنوات.

ويشير إلى أنه بسبب النمو السكاني والزيادة في استهلاك المياه، فإن الإفراط في تخصيص المياه السطحية من العديد من الأنهار المهمة في العالم جعل العديد من هذه الأنهار لا تصل على الإطلاق إلى البحر: نهر كولورادو، ونهر السند، والنيل، وريو غراندي، ومواري دالينغ في أستراليا، وأنهار اليانفستي، والأنهار الصفراء في الصين، ونهر إلبه في ألمانيا.

كما أن المتخصصين في السكان والتنمية اكتشفوا على مدى العقود القليلة الماضية قدرا كبيرا من المعلومات بشأن العديد من العوامل التي تدفع إلى إحداث تغيرات بشكل فعلي في ديناميات النمو السكاني، وقد ظهرت مجموعة هائلة من الأبحاث بشكل قاطع أن أربعة عناصر من لغز السكان يتناسب بعضها مع بعض، وتعمل مجتمعة لتحويل نمط النمو السكاني في أي بلد من نمط فيه توازن، يتميز بمعدلات مرتفعة للوفيات، ومعدلات مرتفعة للمواليد وأسر كبيرة، إلى نمط توازن آخر يتميز بنسب منخفضة للوفيات، ومعدلات منخفضة للمواليد وأسر صغيرة.

ويتحدث المؤلف عن أن العقل العالمي قد زاد من تسريع المطالب من أجل تمكين المرأة في جميع أنحاء العالم، إذ تشكل النساء أكثر من نصف مستخدمي الشبكة الاجتماعية عالميا، وما يقرب من نصف مجموع مستخدمي الإنترنت.

“يتحدث المؤلف عن أن العقل العالمي قد زاد من تسريع المطالب من أجل تمكين المرأة في جميع أنحاء العالم، إذ أن النساء تشكل أكثر من نصف مجموع مستخدمي الشبكة الاجتماعية عالميا، وما يقرب من نصف مجموع مستخدمي الانترنت”

ويرى المؤلف أنه من بين العوامل الكثيرة التي تسببت في حدوث الربيع العربي في 2011 كان الحجم المتفاوت من جيل البالغين الشباب في معظم الدول العربية، ولكن من الجدير بالذكر أن أحد الباعة المتجولين في تونس هو الذي أطلق شرارة الربيع العربي، خلال فترة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم، كما أن واحدة من أكبر التنظيمات الشبابية في العالم اليوم هي في إيران، وعلى الرغم من قمع المظاهرات في الشوارع والثورة الخضراء بوحشية نادرة، فإن الضغوط من أجل التغيير المجتمعي مورست بصورة مستمرة.

ويذكر المؤلف أن المهندسين المعماريين والبنائين يعملون حاليا على دمج التصاميم والتقنيات الجديدة التي تخفض من استهلاك الطاقة والتكاليف التشغيلية للمباني، وهذا مهم جدا بشكل خاص لأن ما يقرب من 30% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تأتي من المباني.

يختتم المؤلف كتابه المهم هذا والحافل بالعديد من الإضاءات المفيدة لمحركات التغيير العالمي، بمقولات ذات أهمية بالغة تتعلق بما يحدث الآن من تحولات وتطورات خطيرة في بنية العديد من المجتمعات وبخاصة في العالم العربي من حروب وهجرات وتدخلات إقليمية ودولية مؤثرة ومفصلية.

يقول “وأخيرا فإن المجتمع الدولي بحاجة ماسة إلى القيادة التي تقوم على أعمق القيم الإنسانية، على الرغم من أن هذا الكتاب موجه للقراء في العالم بأسره فالقصد من ورائه هو أن يحمل رسالة خاصة وعاجلة لمواطني الولايات المتحدة الأميركية التي تظل الدولة الوحيدة القادرة على توفير هذا النوع من القيادة العالمية المطلوبة”.

ولعل الكثيرين سيقولون للمؤلف، ها هي أميركا بقيادة أوباما تتخلى جهارا نهارا عن القيادة العالمية مفسحة المجال للدب الروسي والمارق الإيراني وبخاصة في المنطقة العربية وبالأخص في سوريا الجريحة.

عرض/حواس محمود

المصدر : الجزيرة