اسعار النفط تتهاوى مجددا.. والاقتصاد العراقي في خطر

اسعار النفط تتهاوى مجددا.. والاقتصاد العراقي في خطر

1428591932توالي-انخفاض-اسعار-النفط
تراجع جديد يضاف الى سلسلة التراجعات التي اصابت أسعار النفط عالميا منذ اكثر من عام  حيث تعتبر هذه المرة الأشد منذ حوالي ثمانية شهور .
كما اسلفنا في مقال سابق فأن اكثر الاسباب المركزية في ازمة النفط هي تخمة المعروض ،وكما هو معروف فأن العالم يشهد وفرة وتخمة فوق طاقته الاستيعابية وهو ما قاد الى تراجع الاسعار عالميا خصوصا مع اصرار منظمة “اوبك ” على الابقاء على مستوى الانتاج عند سقف تحفظ معه حصتها السوقية ، اضف الى ذلك التنافس والمواجهة بين منتجو النفط التقليدي والصخري كان عاملا معززا للمنتجين الاعضاء في اوبك الى ان يفكروا في الحفاض على انتاجهم وإفقاد نظيرهم (الصخري) مكاسبه ، وربما كان لها ذلك ، فقد تراجعت أسعار النفط الخام مواصلة خسائرها خلال الأسبوع لتكون الأكبر في ثمانية أشهر تحت ضغط من تضخم مخزونات الخام في البر والبحر.
وكشفت بيانات أن شركات الطاقة الأمريكية زادت عدد منصات النفط العاملة للأسبوع الأول في 11 أسبوعا برغم استمرار هبوط أسعار الخام الإجمالي ليصبح عدد المنصات 574 منصة .
وجاءت تخمة المعروض نتيجة ارتفاع إنتاج معظم كبار المنتجين، ومن بينهم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وكذلك روسيا وأميركا الشمالية.
مصادر في صناعة النفط العالمية اكدت ان الانخفاض الحالي تسبب بتراجع خام القياس العالمي مزيج برنت واحدا بالمئة عند التسوية، وكان على بعد أقل من دولارين من أدنى مستوى له في ست سنوات ونصف السنة.
اما فيما يخص الخام الأميركي بحسب المصادر فقد تراجع اثنين بالمئة وتماسك بالكاد فوق 40 دولارا للبرميل . وخسر الخامان ثمانية بالمئة خلال الأسبوع في أكبر هبوط لكل منهما منذ منتصف اذار/ مارس .
وتشير بيانات صادرة عن وكالة رويترز ان تراجع خام برنت 45 سنتا إلى 43.61 دولار للبرميل مع انتهاء أجل عقد أقرب استحقاق كانون الأول / ديسمبر، وقد هبط الخام حوالي أربعة دولارات خلال الأسبوع.
هناك العديد من المؤشرات والتحليلات التي تتحدث عن ارتفاع المخزونات العالمية للنفط وقطعا سينعكس هذا الامر على الاسعار سلبا لتتجه نحو التراجع مستقبلا وهو المرجع لدى الكثير من المراقبين وخصوصا وكالة الطاقة الدولية .
وتشهد أسواق النفط تخمة في المعروض يقدر بما بين 0.7 مليون و2.5 مليون برميل يوميا فوق حجم الطلب، وهو ما أدى إلى هبوط الأسعار بنحو الثلثين منذ يونيو 2014.
وتشير بيانات في صناعة النفط ان نمو الطلب على النفط زاد نحو 1.5 مليون برميل يومياً في 2015.
وثمة دراسات تقدر بأن الخسارة المحتملة في 2015 للدول الخليجية المصدرة للنفط يمكن أن تصل إلى 300 بليون دولار أو ما يمثل 21 من قيمة الناتج الإجمالي لهذه البلدان. كذلك تقدر خسارة البلدان غير الخليجية في العالم العربي بـ 90 بليون دولار أو 10 في المئة من ناتجها الإجمالي.

مأزق العراق وتراجع اسعار النفط
يعد العراق من اكبر الدول تأثرا من هبوط اسعار النفط وهو ما يجعله في خطر حقيقي وخصوصا انه يعتمد على النفط بـ90% من ايراداته ، ومع استمرار التراجع في اسعار النفط بات الاقتصاد في وضح حرج و اثقل كاهله وترتب على ذلك عجز كبير في الموازنة العامة .
ويترافق خطر انخفاض أسعار النفط، وغياب الاستقرار السياسي مع البيئة التي باتت طاردة للاستثمار، وهو ما يحرم العراق من تحقيق اهدافه على المدى الطويل .
حيث العديد من حقول النفط والمصافي والبنوك المحلية والأجنبية، واتساع الفساد الإداري والمالي في البلد، الأمر الذي أدى إلى إحجام المستثمرين الأجانب عن الدخول في السوق العراقي.
واعتبرت شركة بي بي النفطية البريطانية ، أن العراق سيجد صعوبة في زيادة انتاجه النفطي بشكل كبير في العام المقبل، مرجحةً استمرار انخفاض أسعار النفط.
لقد ادت الازمة الاقتصادية الخانقة في العراق الى ان يصبح العراق مؤخرا تحت وصاية ورقابة صندوق النقد الدولي سيلتزم العراق تطبيق تدابير لـ«مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب حيث أعلنت وزارة المالية العراقية موافقتها على وضع سياسة البلاد الاقتصادية تحت ، كشرط للحصول على قروض مشروطة من الأخير في العام المقبل.
ويرى العديد من المحللين ان موازنة العام المقبل 2016 “أسوأ” من موازنة عام 2015, وتوقعوا ان تصل نسبة العجز تصل الى اكثر من 22 تريليون دينار ، كما تشير مصادر اقتصادية الى ان عن تخصيص 83 تريليون دينار من موازنة العام المقبل للنفقات التشغيلية فقط بما يعادل 72% في حين ان نسبة النفقات الاستثمارية بلغت 28% لكن التساؤل الاهم كيف ستنفذ هذه المشاريع والوضع الاقتصادي في العراق بهذا السوء؟
ربما هذا التساؤل يمكن للحكومة العراقية ان تجيب عليه في خضم هذا الوضع القاتم وتراجع ايراداتها النفطية مع العلم ان سعر برميل النفط يقل عن نظيره عالميا ، ناهيك عن التبعات الاخرى من الحرب على الارهاب والفساد وغيره .
الاوضاع التي تمر بها صناعة النفط بالعراق دفعت الى قيام وزير النفط العراقي بدعوة لمراجعة عقود التراخيص لصالح العراق والشركات العالمية.
عالميا اسعار النفط تتهاوى من جديد ولا احد يمكنه ان يجزم بشأن سياسة المنتجين خصوصا مع هذه المواجهة الشرسة بين المنتجين التقليديين والجدد وهو ما قد يرسم مستقبلا اكثر غموضا لصناعة النفط التي كانت وما زالت ورقة سياسية واقتصادية بيد المنتجين والدول الكبرى .
اما العراق الذي يأن تحت وطأة انهيار اسعار النفط والذي يمكن ان نصف واقعه بالخطير في ظل تراجع الاحتياطيات النقدية وموازنته الذي اصبح العجز اهم سماتها وصولا الى تخفيض رواتب مجلس الوزراء بنسبة 50 % ، ولايمكن للعراق ان يستمر بهذه السياسة الاقتصادية فالاهم بالنسبة للعراق هو السرعة لكسب الوقت في ايجاد الحل المناسب قبل ان تسقط البلاد في غياهب الافلاس .

وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية