الاقتصاد على خط المواجهة بين السلطان والقيصر

الاقتصاد على خط المواجهة بين السلطان والقيصر

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2015-11-26 20:39:32Z | | ÿ:ÿ:ÿ:ÿt&Ëex

قبل ايام قليلة ، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أروغان، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال اجتماعات قمة العشربن “”G20 في مدينة انطاكية التركية ، للحديث عن افاق التعاون الاقتصادي ، والبحث معا عن حلول للأزمات العالمية ؛ مثل الازمة في سوريا ، والارهاب ، وغيرها من المسائل ذات الاهتمام الدولي .
لم يدرك حينها الزعيمين ان كلاهما سيكونان محط انظار العالم، بعد اسقاط الطائرة المقاتلة الروسية “سوخوي 24” داخل الحدود التركية يوم الثلاثاء 24 تشرين ثاني / نوفمبر الجاري .
ليست المرة الاولى التي تستخدم فيها موسكو الورقة الاقتصادية ضد أنقرة ، لكنها هذه المرة قد تكون مختلفة نوعا ما بسبب حساسية الموقف .
وضمن التدابير الاقتصادية التي تعتزم روسيا فرضها على أنقرة ، منعت موسكو 39 رجل أعمال من تركيا يشاركون في معرض زراعي من دخول روسيا وقامت بترحيلهم من مطار كراسنودار في شمال القوقاز في روسيا.
وتشير مصادر ان تبعات هذه الازمة على اقتصاد البلدين قد يكون مكلفا ، يعصف بالتبادل التجاري، وتقدر قيمة العقود التجارية الموقعة بين البلدين حتى نهاية العام الماضي 2014، بحوالي 44 مليار دولار. وتعد روسيا ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا بعد بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث يزيد التبادل التجاري للبضائع عن الـ 30 مليار دولار سنويا، يضاف إليها استثمارات متبادلة متراكمة بأكثر من 2 مليار دولار.

لن يكون في صالح الطرفين العبث بالورقة الاقتصادية ،بالأخص الجانب الروسي ، فروسيا تعاني اصلا من مشاكل اقتصادية نتيجة تراجع قيمة العملة الروسية (الروبل)، انخفاض اسعار النفط ، اضف الى ذلك العلاقات الاقتصادية غير المتزنة مع دول الجوار الاوروبي ، ناهيك عن الولايات المتحدة وغيرها ، لذلك لا تصب مسألة التصعيد على الجانب الاقتصادي خطوة حكيمة في هذه الظروف .
و جاء الاعلان عن اجراءات عقابية على لسان رئيس الحكومة الروسية دميتري ميدفيديف ، ستتخذها موسكو ضد انقرة تشمل ايقاف المشاريع المشتركة بين البلدين ، وقيودا على الواردات الغذائية من تركيا ، ردا على اسقاط أنقرة لطائرة عسكرية روسية.
وتشكل العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموذجا فريدا من التعاون الاستراتيجي على مدى عقود ، وهنا لابد ان نشير الى بعض الارقام والحقائق حول العلاقات الاقتصادية والمصالح المشتركة بين البلدين على النحو التالي :
• التبادل التجارى بين تركيا وروسيا بلغ نحو 31.6 مليار دولار خلال عام 2014.
• نحو 80% من التبادل التجارى هو من الصادرات الروسية وهو ما يكبد الاقتصاد الروسي الخسارة الاكبر.

• استوردت تركيا غازًا طبيعيًّا بحجم 27.4 مليار متر مكعب من روسيا، العام الماضى وهو ما يعادل نسبة %56 من إجمالي الاستهلاك التركي.
• تعد روسيا من أكبر المصدرين للغاز الطبيعي والبترول بعد الاتحاد الأوروبي الأوروبي بالنسبة لتركيا.
• حجم التبادلات في مجال الزراعة بين البلدين كبير جدا، حيث إن تركيا تصدر لروسيا ما قيمته 1.27 مليار دولار، وتستورد ما قيمته 2.85 مليار دولار من المنتجات الزراعية سنويا.

• نحو 33مليار دولار حجم التبادل التجاري والاستثمارات مليار دولار بين أنقرة وموسكو.

• مشروع السيل التركي، بطول 910 كم،250 كم منها داخل الأراضي التركية، وبقدرة 63 مليار متر مكعب من الغاز عبر البحر الأسود، والذي بدأ العمل فيه في شهر ايار/ مايو الماضي.

• بلغت العائدات السياحية الروسية لتركيا في الربع الأول من العام 2015 نحو 4.9 مليارات دولار، وذلك حسب الأرقام الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية ، علما بأن تركيا تعد مقصدا سياحيا مهم للسياح الروس.
• وبحسب مراقبين ، فقد لفتت الزراعة الروسية إلى إمكانية استبدال الصادرات من الخضراوات التركية بدول أخرى مثل إيران وإسرائيل والمغرب.

• تحتل تركيا المرتبة الخامسة كشريك تجاري لروسيا بحصة تبلغ 4.6% من إجمالي التجارة الخارجية الروسية،
• كان هدف الرئيس التركي أردوغان زيادة التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2023 .

وتشير التحليلات ان روسيا قد نوهت الى إمكانية تعليق مشاريع وزيادة التعرفات الجمركية وتقييد تحركات الطائرات التركية بالمجال الجوي الروسي والسفن التركية في المياه الإقليمية الروسية. كما قد يتأثر تشغيل اليد العاملة التركية في روسيا.

مواجهة اقتصادية بمبادرة روسية ردا على اسقاط مقاتلتها من قبل تركيا ، قد تستمر لفترة محدودة وهذا هو الشاهد في تاريخ التوترات بين موسكو وانقرة ، كلا البلدين لديه مصالح حيوية مع الاخر وبالأخص الجانب الروسي ،و تركيا شريكة اقتصادية تقليدية لروسيا ، و لن يكون في صالح موسكو اي تصعيد في المقاطعة الاقتصادية فهناك مليارات الدولارات لصالح روسيا تم تسليمها لتركيا ،كذلك الازمات التي مازالت تلقي بتبعاتها على الاقتصاد الروسي، وهنا يمكن القول ان استمرار روسيا بهذه الاجراءات التي اطلقت عليها مصطلح “عقابية ” هي اشبه ما تكون بجلد الذات حيث ستكون لها تبعات مكلفة على الجانب الروسي بالدرجة الاولى ، لذلك قد تكشف لنا الايام المقبلة حجم التأثير لهذه العقوبات على اقتصاد البلدين .

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية