“التحالف الرباعي” يضيّق خيارات العبادي ويهدد معركة تحرير الأنبار

“التحالف الرباعي” يضيّق خيارات العبادي ويهدد معركة تحرير الأنبار

349
تخلت روسيا عن سياسة النفي التي اعتمدتها في الأيام الأولى لتسرب خبر إنشاء تحالف رباعي بين العراق، روسيا، سورية وإيران، وترجمته عملياً بإقامة مركز تنسيق في بغداد يضم ممثلين عن الدول الأربع، بعدما أكد مسؤول روسي، أمس الأربعاء، لوكالة “رويترز” أنّ روسيا أرسلت خبراء عسكريين إلى المركز الذي أنشئ أخيراً في بغداد، للتنسيق بين الضربات الجوية وعمل القوات البرية في سورية.

وفيما لم يذكر المسؤول عدد الخبراء الذين تم إرسالهم، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها تستخدم المركز في تبادل المعلومات بشأن الضربات الجوية في سورية مع الولايات المتحدة. ويأتي الإعلان الروسي بعد يوم واحد من تأكيد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بيتر كوك، أنّ وزير الدفاع أشتون كارتر، أمر بفتح خطوط اتصال مع وزارة الدفاع الروسية بشأن تفادي أي مواجهة في المستقبل، بين نشاط عسكري روسي مستقبلي في سورية، والعمليات التي تقوم بها قوات التحالف الدولي هناك.

في غضون ذلك، يثير “التحالف الرباعي” المخاوف من تأثيرات سلبية على الواقع الميداني في العراق، وخصوصاً بعدما عزمت الولايات المتحدة الأميركيّة على تحرير محافظة الأنبار من سيطرة تنظيم “الدولة الإسلاميّة” (داعش).
ويأتي دخول العراق في التحالف الرباعي، الذي تعد روسيا شريكاً أساسياً فيه، فيما ترتبط بغداد باتفاقيّة أمنيّة مع واشنطن.
ويتهم مراقبون عراقيون التحالف الوطني الحاكم في البلاد، بالسعي إلى تعميق الخلاف الروسي الأميركي باتفاق إيراني، لتحقيق مكاسب سياسيّة، من خلال عرقلة تحرير محافظة الأنبار، ومحاولة عودة مليشيات “الحشد الشعبي” إلى الواجهة من جديد، ودعمها بعد تهميش دورها أخيراً من الأميركيين، وباقي دول التحالف الدولي التي تتحفظ على أداء تلك المليشيات.

يكشف مصدر في التحالف الوطني (الحليف لإيران) لـ “العربي الجديد”، أنّ “قادة التحالف الوطني، وقادة الفصائل المسلحة المنضوية ضمن الحشد الشعبي، عملوا منذ فترة على تشكيل هذا التحالف الرباعي، بالتنسيق مع طهران التي تتمتّع بعلاقات قويّة مع موسكو وبغداد ودمشق، وقد أدت الأولى دور المنسّق لهذا التحالف”.
ويشير المصدر إلى أنّ “محاولة الولايات المتحدّة التفرّد بإدارة الملف الأمني في العراق وقيادة الحرب ضد داعش وتسليح العشائر مقابل تهميش الحشد الشعبي، كلّها أمور دفعت قادة الحشد والتحالف الوطني إلى السعي باتجاه تشكيل هذا التحالف”. ووفقاً للمصدر فإنّ “السفير الإيراني في بغداد حسن دانائي فر، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، رسما صورة هذا التحالف”.
ويلفت المصدر إلى أنّ “الفكرة نضجت داخل السفارة الإيرانية، ودعمها قادة الحشد الشعبي، وخصوصاً هادي العامري وأبو مهدي المهندس، وعرضت على قادة التحالف الوطني، ومنهم نوري المالكي وعمار الحكيم ومقتدى الصدر، الذين رحّبوا بالفكرة وعملوا على إتمامها”، مبينا أنّ “رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يكن على علم بتفاصيل التحالف الرباعي، لكنّه لم يستطع الرفض”.
وبحسب المصدر، فإن التحالف الرباعي بدأ بممارسة مهامّه السياسية، واتفق مع قادة التحالف على إعادة زج الحشد الشعبي بالمعارك ضد “داعش”. وقد طلب التحالف الرباعي من العبادي طرح الموضوع على الولايات المتحدة خلال اجتماعاته في نيويورك”.

من جهته، يرى الخبير السياسي، فراس العيثاوي، أنّ “المخطّط كله إيراني بالتعاون مع عملائها في العراق، وجاء للثأر لمليشيات الحشد الشعبي، وعرقلة تحرير محافظة الأنبار”. ويرجح العيثاوي “عدم تراجع واشنطن عن تحرير الأنبار، حتى إذا طلب منها العبادي لأنّ الأخير ملزم بالاتفاقيّة الأمنيّة مع واشنطن”، مشيراً الى أنّ “واشنطن لن ترضى بدخول مليشيات الحشد إلى الأنبار، ومشاركتها في المعارك، لكنّ الحوارات بهذا الشأن قد تأخذ وقتاً، وهو ما يطمح له التحالف الرباعي الذي يحاول عرقلة المعركة وكسب الوقت للمناورة بالموضوع”. ويؤكد العيثاوي أنّ “توقف معركة تحرير الأنبار لن يتم إلا في حال وقع خلاف بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن العراق”.
من جهته، يعتبر النائب عن تحالف القوى العراقية، محمد الكربولي، أن التحالف الرباعي “تهديدّ للسيادة العراقية”، مشيراً إلى أن “ارتهان مستقبل العراق بالمصالح الروسية أو الإيرانية، وربط مصير العراق بمصير (الرئيس السوري) بشار الأسد يجعلنا من الصعب توقع استقرار قريباً للعراق، أو نجاته من مخططات تقاسم النفوذ الدولي الجديد”.
في المقابل، لم يكن موقف هيئة “الحشد الشعبي” من التحالف الرباعي مفاجئاً، إذ عدّته “حقّاً طبيعياً وقانونيّاً للعراق، وهو بديل وند للتحالف الدولي الذي فقد جديته بالقضاء على داعش”، على حد زعمه. بدوره، أشار رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي إلى أن عدم جدية الولايات المتحدة الأميركية في القيام بمهامها وواجباتها تجاه القوات الأمنية أدى إلى فشلها في العراق. وأشار الزاملي إلى تخصيص ميزانية للخبراء الأجانب ومقرات خاصة لإقامتهم، موضحاً أن البلاد تحتاج لتبادل الخبرات والمعلومات الاستخبارية مع الدول الأخرى.
أما موقف الأكراد، فقد حسمه رئيس أركان قوات البشمركة في إقليم كردستان العراق، الفريق جمال محمد، الذي قال لـ “العربي الجديد” “لسنا معنيين بالتحالف الرباعي، والبشمركة تنسق مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة”.

أكثم سيف الدين

صحيفة العربي الجديد