خطوات أميركية لمواجهة داعش وتطويق النفوذ الروسي

خطوات أميركية لمواجهة داعش وتطويق النفوذ الروسي

_67752_4

تسارع الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة من إجراءاتها لتبدو شريكا جديا في الحرب على تنظيم داعش، وهذا التوجه فرضه التدخل الروسي المفاجئ نهاية سبتمبر، ما جعل واشنطن مضطرة إلى تغيير أسلوبها لتطويق نفوذ موسكو الذي قد يتوسع لأكثر من سوريا والعراق.

وأعلنت واشنطن تعزيز قواتها الخاصة من أجل محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وصرح وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر أمام لجنة في الكونغرس “نواصل تسريع جهودنا غداة الاعتداءات في باريس ونحث الدول (الأخرى في الائتلاف الدولي) على القيام بالمثل”.

وتابع كارتر أن بلاده ستنشر في العراق “وحدة متخصصة” من قوات النخبة إلى جانب القوات العراقية والكردية لشن “هجمات” محددة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وأوضح أن “علينا التركيز على قوة قادرة على التحرك وعلى القيام، عندما تسنح الفرصة، بهجمات مثل هذه في كل مكان في سوريا والعراق”.

ومن شأن وجود قوات خاصة أن يسهل مهمة الرصد وتحديد الأهداف لقصف مواقع داعش بعد أن فشل الأميركيون إلى حد الآن في ضرب أهداف حيوية بسبب ضعف الرصد على الأرض، وهي رسالة إضافية على رغبة واشنطن في خوض معركة حاسمة تنهي وجود التنظيم.

ويبدي الأميركيون انزعاجا واضحا بسبب مزاج إقليمي يشيد بالتدخل الروسي ويعلن الاستعداد للتعاون معه في مواجهة التنظيم المتشدد، بعد فشل استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما في الحد من خطر داعش في العراق ولاحقا في سوريا باعتماد القصف الجوي.

ولا يقف الأمر عند الرئيس السوري بشار الأسد المستفيد المباشر من تدخل روسيا، ولا على الحكومة العراقية وميليشيا الحشد الشعبي وكلاهما يدور في فلك إيران التي تثني على دور روسيا رغم تخوفها من أن تضع موسكو يدها على كل ما حققته من مكاسب طيلة أربع سنوات من دعمها للنظام السوري.

ويلقى الدور الذي تلعبه روسيا في سوريا دعما من دول عربية كانت إلى وقت قريب تضع الإطاحة بالأسد على رأس أولوياتها، لكن التحديات الأمنية في المنطقة وخاصة بعد الهجمات في فرنسا ومصر وتونس دفعتها إلى تعديل استراتيجيتها لتجعل داعش على رأس تلك الأولويات.

لا يجد المسؤولون العسكريون في البنتاغون شريكا في سوريا يقبل بالتعاون مع القوات الخاصة سوى تركيا التي تعيش وضعا صعبا في ظل الضغوط الروسية وتلويح موسكو بسلسلة من العقوبات الاقتصادية ضد أنقرة بعد إسقاط مقاتلة سوخوي 24.

وستحاول أنقرة الإمساك بالرغبة الأميركية في البحث عن دور عسكري ميداني في سوريا حتى لا تبقى وحدها في مواجهة موسكو، وستتولى فتح قنوات تنسيق بين العسكريين الأميركيين والفصائل السورية المعارضة التي تحظى بدعمها وتمويلها والتي تنضوي تحت لواء جيش الفتح.

ووجود قوات أميركية خاصة وبأعداد مرتفعة قد يغري الأتراك بالزج بها لتحقيق المنطقة العازلة التي أفشلها التدخل الروسي بشكل كامل خاصة بعد القصف المركز للطائرات الروسية خلال الأيام الماضية على جبل التركمان.

وتسعى الولايات المتحدة، كذلك، إلى استدراج دول أوروبية إلى اتخاذ خطوة شبيهة بما قامت به، أي إرسال قوات خاصة إلى سوريا، وهو ما أشار إليه وزير خارجيتها جون كيري أمس حين قال إن بلاده طلبت من أعضاء آخرين في حلف شمال الأطلسي تقديم قوات عمليات خاصة لتوفير أشياء من قبيل تدريب الشرطة وتوفير الذخيرة وعناصر أخرى لجيران سوريا.

وأشار مراقبون إلى أن واشنطن تخطط لزيادة حجم العنصر البشري الاستخباري الموجود في سوريا، ما قد يمثل عاملا ضاغطا على الطائرات الروسية لتقلص طلعاتها خوفا من استهداف هذه المجموعات، ومن ثمة الحد من الهيمنة الروسية على الملف السوري.

ولا يستبعد المراقبون أن تكون الرغبة الأميركية في تكثيف وجود قوات خاصة غربية هدفها إفشال دعوة فرنسا وألمانيا إلى إشراك قوات الأسد في الحرب على داعش، ما يعني تحالفا ضمنيا مع روسيا.

ولم يكن مفاجئا رفض الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران وجود قوات أميركية خاصة في العراق، وذلك متأت من كونها حققت سيطرة على الأرض ولا تريد أن تنافسها عليها أي قوات برية أخرى سواء أكانت تابعة للحكومة العراقية أم الأكراد أم الأميركيين.

وعكس تصريح رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بعدم الحاجة إلى قوات برية انسياقه وراء رغبة الميليشيات التي لا يستطيع مواجهة سطوتها على حكومته.

وقال كيري إن الولايات المتحدة أطلعت الحكومة العراقية على كامل خططها لنشر قوات خاصة بالعراق وإن الحكومتين ستجريان مشاورات عن كثب بشأن أماكن نشرها ومهامها.

وأضاف “سنواصل العمل مع شركائنا العراقيين لتحديد القوات التي سيتم نشرها وأماكن نشرها ونوع المهام التي سيضطلع بها الأفراد وكيف ستدعم هذه القوات الجهود العراقية لإضعاف تنظيم الدولة وتدميره”.

صحيفة العرب اللندنية