أوبك : هل سنشهد حرب الاسعار والمنتجين ؟

أوبك : هل سنشهد حرب الاسعار والمنتجين ؟

OIL

بعد ايام من قرار منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” بالإبقاء على معدلات مرتفعة للإنتاج ، بدأت بعض الانقسامات تظهر على السطح داخل المنظمة على خلفية الحصة السوقية لهذه الدول والخلافات الإقليمية بين السعودية وإيران حيث وصلت الاسعار الى أدنى مستوى لها منذ 7 سنوات مقتربة من 37 دولارا للبرميل.
وكما اشرنا في مقال سابق ، فالخلافات بين اعضاء أوبك ستشتد على خلفية رفض السعودية خفض الانتاج النفطي ، والابقاء على مستويات انتاج مرتفعة على الرغم من التخمة التي تشهدها الاسواق ستؤدي الى حالة من الانقسام بين المصدرين للضغط على المنظمة بقصد خفض الانتاج.
إيران التي تخلصت حديثا من العقوبات بعد الاتفاق حول برنامجها النووي مع الدول الكبرى ترغب من السعودية التقليل من الإنتاج لتتمكن من دخول سوق النفط العالمي بعد سنوات من الانقطاع بسب العقوبات التي فرضت على البلاد والتي ارتبطت بالبرنامج النووي.
ويرى المراقبين بإن الامر المستهجن هو أجتماع المنظمة قبل ايام والذي حيث لم يتم فيه نقاش حول عودة الانتاج النفطي من ايران ، بالرغم أنه كان موضوع جدل ، وسيكون ذلك تحد واضح لأوبك في عام 2016.
توقعات المحللين بأن عودة طهران الى الاسواق سيرفع من إجمالي الإنتاج الإيراني ليبلغ 4.3 مليون برميل نفط يومياً، لتحل ثانياً بعد السعودية في صدارة الدول المنتجة للنفط أو “أوبك”، وستكسب إيران من هذا الإنتاج حوالي 175 مليون دولاراً في اليوم، ولكن إن سمحت السعودية بعودة سعر برميل النفط لمرحلة الثمانين دولاراً للبرميل، فإن الأرباح الإيرانية سترتفع إلى 350 مليون دولار يومياً.
وهذا يعني ان ايران لن تحقق الربح المرجو من العودة الى الاسواق،وسياسة السعودية الحالية واستخدام ورقة النفط ، سيكون لها الاثر الاكبر على العائدات المالية للخزينة ، وهذا يعني ان ايران قد تستفيد من هذه الكميات التي ستنتجها في حال عودة الاسعار الى ما يزيد على 80 دولارا للبرميل .
لقد بدأت الدول المنتجة التي تعتمد على النفط في موازناتها (الريعية)، مثل العراق ، وفنزويلا وغيرها ، تأن تحت وطأة الأسعار وتراجعت مداخيلها ، التي بدأت تتراجع بقوة بسبب التخمة والتنافس القوي بين المنتجين التقليديين والمنتجين الجدد في امريكا الشمالية وتشهد منظمة أوبك فجوة عميقة بين مجموعتين، إحداها بقيادة أعلى منتج للنفط، السعودية، بمعدل انتاج 10.19 ملايين برميل يوميا ، وحلفائها في الخليج، الذين يمكن لهم تحمل أسعار النفط المتدنية، والمجموعة الأخرى بقيادة نيجيريا وفنزويلا وغيرها من البلدان للعودة إلى النطاق السعري التي تحتاجه موازنات ، واقتصادات هذه الدول .
وتعاني هذه الدول بشكل واضح بسبب الاسعار المنخفضة ، على سبيل المثال تواجه فنزويلا تحديات اقتصادية صعبة من تراجع أسعار النفط والذي يشكل نحو 90% من إجمالي إيرادات صادرات الدولة، فضلاً عن الارتفاع الملحوظ في معدل التضخم إلى جانب النقص المتواصل في بعض السلع الأساسية. يطالب الرئيس “مادورو” منظمة الدول المُصدرة للبترول “أوبك” التي تنضم فنزويلا لعضويتها بخفض معدل الإنتاج لرفع الأسعار إلى 88 دولاراً للبرميل على الأقل.
لم تلقى دعوة عدد من دول اوبك وعلى رأسها فنزويلا الى خفض الانتاج ، لتحسين الاسعار التي خسرت 60 % من قيمتها منذ منتصف 2014، إلا ان المنظمة عمدت الى رفع سقف الإنتاج إلى 31.5 مليون برميل يوميا من 30 مليون برميل يوميًا ، وهو ما يؤكد بأن الاعضاء يضخون كميات من النفط تزيد كثيرا عن السقف الحالي.
وبحسب محللون فإن تجاهل تحديد سقف جديد للإنتاج سيؤدي الى اشعال حرب الأسعار بين أعضاء أوبك وهو ما لا يتيح لهم الاتفاق على أي إجراءات في السوق في المستقبل ويضع مزيدا من الضغوط على الأسعار.
لكن بعض الدول تدعم سياسة اوبك مثل اندونيسيا فقد صرح محافظ إندونيسيا في منظمة “اوبك” ويدهيوان براويراتمادجا: «حين تحجم دول تنتج النفط الرخيص مثل السعودية عن الإنتاج فإنها تسمح فعليا لمنتجي النفط عالي التكلفة بالإنتاج وهذا يخالف المنطق الاقتصادي». وتابع: “في هذه الحالة لا ندعم منتجي النفط عالي التكلفة”.
ومع ذلك مازالت السعودية تصر على استراتيجيتها ، والحفاظ على مستويات الانتاج الى حين عودة التوازن الى الاسواق وتعاون المنتجين غير التقليديين ، للحفاظ على الحصة السوقية .
على ما يبدو فالخلافات بين اعضاء المنظمة قد تحتد تأخذ الطابع السياسي خصوصا فيما يتعلق بالسعودية وطهران والخلافات حول العديد من القضايا ، بالإضافة الى العامل الاقتصادي الذي يتمثل بدول داخل المنظمة قد تأثرت اقتصاداتها وتآكل موازناتها نتيجة الهبوط الحاد للأسعار ، ومن جهة اخرى يشتد الضغط على النفط الصخري حيث سيؤدي انخفاض اسعار النفط إلى زيادة تكلفة انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة والخروج من السوق ،الذي بدأت ارهاصات تراجعه بالظهور ، ومع ذلك تبقى اسواق النفط رهينة التقلبات في القضايا الاقتصادية والسياسية ، وهو ما سيحدد مستقبل الاسعار وطبيعة المواجهة بين المنتجين في الاسواق العالمية .

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الأستراتيجية