واقع السياسة النفطية واثارها على الاقتصاد العراقي

واقع السياسة النفطية واثارها على الاقتصاد العراقي

iraqi-oil-production-surges
يعاني قطاع النفط في العراق منذ دخول قوات الاحتلال الاميركي لأراضيه من الاهمال ، والهدر نتيجة الاهمال وغياب السياسة المهنية التي ادت الى ضياع جزء كبير من هذا المورد الهام للخزينة العراقية .
وهنا نعرف السياسة الاقتصادية بشكل عام بأنها : مجموعة قرارات تتخذها الدولة في ميدان اقتصادي معين، وذللك لبلوغ أهداف اقتصادية واجتماعية محددة، عبر عدد من الوسائل والأدوات. من الأهداف التي تسعى إليها السياسة الاقتصادية : النمو الاقتصادي – خلق فرص العمل – ثبات الأسعار تعزيز الصادرات اما الأدوات والوسائل التي تعتمدها لبلوغ هذه الأهداف، فهي متشعبة جدا، نذكر منها: الضرائب، نفقات الدولة، معدلات الفائدة المصرفية، المداخيل، الأسعار، المنشآت الاقتصادية التابعة للقطاع العام.
يعتبر العراق في المرتبة الثانية على مستوى الاحتياط العالمي للنفط ، ويشكل النفط المورد الوحيد له من العملة الصعبة و95% من ميزانيته ، بات اليوم بلد ينهشه  الفساد ، وتجار الاوطان الذين استولوا على ما تبقى من خيرات العراق منذ سقوط العراق في عام 2003م تحت الاحتلال الاميركي وبات واقع اقتصادي مؤلم .
وقد سعى العراق منذ سبعينيات القرن الماضي الى تطوير القطاع النفطي حيث بلغ انتاجه ذروته عام 1979 3.244 مليون برميل ، لكنه دخل عام 1980 في حرب مع ايران افقدت الاقتصاد العراقي زخمه وكبدته خسائر كبيرة ، في عام 1989 وصل الانتاج الفعلي للنفط العراقي الى 2.314 ، لكنه تراجع بعد ذلك بسبب حرب الخليج الاولى ودخل العراق في سنوات الحصار، وراوح معدل الانتاج في افضل احواله بين 2.90- 3 ملايين برميل يوميا وبقي على هذا الحال الى ان سقطت العراق تحت الاحتلال الاميركي عام 2003 .

بعد عام 2003 دخل القطاع النفطي في نفق مظلم بسبب غياب الجدية في معالجة المشاكل التي تواجه القطاع، فقد تعهد مهندسو الاحتلال (جورج دبليو بوش ، رامس فيلد ، ديك تشيني) برفع الانتاج ليصل الى 3ملايين برميل يوميا ،نهاية عام 2003 الا ان هذه التصريحات ذهبت ادراج الرياح ،كباقي الوعود التي قدمت للشعب العراقي ،
وهنا يورد وزير النفط العراقي السابق عصام الجلبي حجم التصدير في العراق كالتالي :
2006 =1.5  برميل يوميا
2007= 1.06 برميل يوميا
2008= 1.85 برميل يوميا
2009= 1.95برميل يوميا
2010= 1.09 برميل يوميا
2011= 2.16 برميل يوميا
2012= 2.42 برميل يوميا
2013= 2.39 برميل يوميا
2014= 2.642 برميل يوميا
ويضف الجلبي في لقاء متلفز على قناة التغيير الفضائية ، ان المغالطة التي يستخدمها المسؤولين في العراق تقوم على تعميم انتاج على احد الاشهر على مجمل الانتاج ويجعله على شكل انتاج كلي للنفط العراقي ، وهنا يوضح بأنه لابد ان يتم أخذ المعدل السنوي للإنتاج ومن ثم يمكن اعتماد الرقم الحقيقي .
في عام 2012 أعلنت الحكومة العراقية نيتها طرح جولة تراخيص خامسة بعد أن تم منح ثلاثة عقود فقط من أصل اثني عشر رقعة استكشافية تم طرحها في جولة التراخيص الرابعة ، وعلى اتفاق ان تعطي كل شركة 100 الف برميل زيادة ،وقدمت العروض لثلاث رقع نفطية وواحدة غازية فقط بحسب الجلبي .
بعد عام من هذه المفاوضات فشلت عقود التراخيص لتتحول الى عقود خدمية .

jpg.جولات التراخيص
شرعية جولات التراخيص
في 2007 عندما تمت المفاوضة حول قانون النفط والغاز بسبب اختلاف وجهات النظر بين حكومة المركز والاقليم ، وهو ما تسبب بفشله آنذاك ،حيث اتبعت حكومة الاقليم عقود المشاركة ، في حين اتبعت حكومة بغداد عقود الخدمة .

وهنا بالعودة الى الحديث عن شرعية التراخيص نرى ان القوانين التي النافذة هي التي تسري في هذا الشأن ،وهنا يذكر الجلبي قوانين النفط لعام 1969م :
1- تستثمر جميع المناطق النفطية المخصصة بموجب مادة 1 من هذا القانون لشركة النفط الوطنية العراقية استثماراً مباشراً من قبلها.
2- ولشركة النفط الوطنية العراقية ان تستثمر اي منطقة من المناطق المخصصة لها عن طريق الاشتراك مع الغير اذا وجدت ذلك افضل لتحقيق اغراضها . وفي هذه الحالة لا يتم التعاقد على ذلك الا بقانون .

وهنا يرد الجلبي تصريح لرئيس هيئة المستشارين آنذاك ثامر الغضبان ، مع نشرة نفطية تركية “ارجوس” حيث اجاب عن سؤال حول سقف الانتاج في العراق ، فكان رد الغضبان ان الطاقة الانتاجية هي تسع ملايين برميل لكن الانتاج الفعلي هو سبع ملايين برميل ، حيث ان هناك 2 مليون برميل لا تنتج مدفوعة الثمن ، ويضيف الغضبان ان العراق حسن العقود للشركات لكي لا تتضرر ، حيث تم الغاء الغرامات المترتبة على الشركات بالإضافة الى تمديد المدة الى 30 عاما ،وكانت ادارة الحقول تقوم على 25% للجانب العراقي في حين 75% تذهب الى صالح الشركة الاجنبية ، ويضيف الجلبي ان النسبة المخصصة للعراق تم تخفيضها لتصبح 6% ، لتصبح فائدة الشركات الاجنبية 94% ، وهذا مثال على العقود السرية التي اوصلت العراق الى ما هو عليه.

jpg.Oil Princes
وبالحديث عن كلف الانتاج فقد ارتفعت من 1-2 دولار سابقا ، لتصبح بين 9-10 بحسب بيانات الوزارة ، ويذهب البعض الى ان السعر يصل الى 22 دولار ، وهنا نعود الى طبيعة جولات التراخيص التي تقضي بان تأخذ الشركات مستحقاتها اما نقدا او استبدالها بالنفط ، وبالتالي تتراكم مستحقات هذه الشركات ، وهو ما اشار اليه رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير النفط عادل عبد المهدي بأن الحكومة الحالية ورثت عن سابقتها مديونية تتجاوز 23 مليار دولار ، وذلك بسبب تجمع الاستثمارات ، وعليه بدأت الحكومة بتسديد مستحقات تقدربـ4 مليارات دولار كل فصل حيث يتم ترحيل جزء من هذه المستحقات الى العام الذي يليه مما يراكم من الديون على الدولة العراقية .
ويلاحظ ان المسؤولين فب الحكومة العراقية خصوصا في مجال النفط قد اعطوا وعودا برفع الانتاج الى مستويات عالية لكن اليوم لا نرى من هذه الوعود اي بصيص امل ، ومع ذلك لازالت اصوات المسؤولين تعطي ارقاما مغلوطة ، لا تمت للواقع بصلة نتيجة غياب المهنية والخبرة .
ولمزيدا من التوضيح نورد هنا جدول يبين حجم الانتاج حسب السنة :

jpg. الصادرات النفطية العراقية
ونلاحظ بشكل عام ان معدل انتاج النفط بالعراق في ايام الحصار وما قبلها افضل بكثير من المعدلات الحالية وهو ما يبرز فروق في حجم الانتاج وهو ما يضع العراق في ازمات اقتصادية ويزيد من اعباءها نتيجة خفض الانتاج.
الايرادات النفطية
وبالحديث عن ايرادات النفط فإن الارقام تتحدث عن واقع مزري مما يجعل تصريحات الحكومات في موضع شك بعيد عن الواقع ومبالغ بها ، حيث يمكن القول ان حجم العجز في الميزانية يفوق ما يتم عرضه على مجلس النواب .
في عام 2015 تم الاتفاق على سعر برميل النفط 56 دولار
معدل تشرين الاول 39 ،في حين بلغ سعر بيع البرميل في شهر تشرين الثاني 36 .
ويوجد في الراق ثلاث انواع من النفوط
– نفط خفيف البصرة .
– نفط متوسط
– نفط ثقيل جديد وهو يكون بدرجة كثافة 34 ، لكن الفعلي اقل لانه مزيج ويتم انتاجه في عدة حقول مثل ( حقل الحلفاية ، ميسان ،وحقل مجنون) وهو يشكل ثلث الانتاج اليومي بمعدل 900 الف برميل .

اسعار سومو
وتم افتراض في عام 2015 ان الايرادات ستصل الى 67.5 مليار دولار ،لكن الارادات الفعلية هي 47 مليار دولار ، وهو بسبب خطأ القراءة للأسعار وهو ما يترتب عليه عجز كبير، وبسبب غياب الرؤية وعدم عمل ملحق دوري كل فترة معينة لتجاوز القراءات الخاطئة  .

من خلال ما سبق يعيش قطاعا النفط العراقي مرحلة صعبة جدا بسبب تراجع اسعار النفط العالمية، وغياب السياسة النفطية الرشيدة على مدى الحكومات العراقية المتعاقبة ، والاهمال والفساد الي انهك هذا القطاع وافقده الكثير من ايراداته ، وهو ما جعل العراق اليوم يعيش اسوء مراحله الاقتصادية، ومع ذلك تحاول وزارة النفط العراقية الحالية اصلاح ما افسدته الحكومات السابقة ، وعمدت على تشكيل هيئات ولجان لمعالجة الاختلالات والمعوقات التي طالت قطاع النفط برمته ، وهو مايلقي على كاهلها مسؤوليات كبيرة لاصلاح ما افسده خلفها ، علها تعود بقطاع النفط العراقي الى جادة الصواب ، واصلاح مايمكن اصلاحه.

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية