عودة السفارة السعودية إلى بغداد: كسر التفرد الإيراني بالعراق

عودة السفارة السعودية إلى بغداد: كسر التفرد الإيراني بالعراق

349
تطوي بغداد والرياض صفحة جفاء دبلوماسية طويلة امتدت لنحو خمسة وعشرين عاماً، تفاوتت العلاقة خلالها بين مد وجزر وتصعيد أحادي من قبل العراق بشكل سلبي خلال فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي عُرف بسياسته الطائفية تجاه عدد من الدول العربية ودول الخليج على وجه الخصوص. ووسط تفاؤل شعبي واسع في العراق بعودة الدفء إلى العلاقات بين البلدين عبر فتح السفارة السعودية ببغداد بطاقم كامل. أبدى عدد من المسؤولين العراقيين ترحيبهم بالخطوة، واصفين الرياض باللاعب الإيجابي المؤهَل لحل العديد من المشاكل في بلادهم.

وأغلقت السفارة السعودية مقرها في بغداد عقب غزو نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت، واندلاع حرب الخليج الأولى بالتزامن مع إغلاق مماثل لأغلب سفارات الدول العربية. ووفقاً لتصريح نشره موقع وزارة الخارجية السعودية، أوضح السفير السعودي الجديد في بغداد ثامر السبهان، أن بعثة المملكة لدى العراق ستباشر مهامها في اليومين المقبلين بدفعة أولى بمستوى قائم بالأعمال، على أن تباشر بعدها بوقت قصير كل أعمالها عند اكتمال الأمور البروتوكولية اللازمة.

وقال السفير السبهان إن توجيهات الملك سلمان بن عبد العزيز بإعادة افتتاح السفارة ومباشرة مهامها في بغداد “تُجسّد حرصه على تقوية العلاقات بين البلدين وشعبيهما”. وأضاف أن توجيهات ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، “تقضي بالعمل على ما فيه الخير والصلاح للبلدين والإسهام في تعزيز التعاون في جميع المجالات وتطويره في خدمة المصالح المتبادلة بين البلدين والشعبين الشقيقين”.

وأكد السفير السعودي لدى العراق اهتمام بلاده بالعراق وشعبه، وما يجمع البلدين من أواصر القربى والعروبة والدم والارتباط التاريخي والجوار الجغرافي المميز، مشيراً إلى توجيهات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأهمية العمل الجاد لتوطيد هذه العلاقات بما يتلاءم مع تطلعات شعبي البلدين.

وتكشف مصادر عراقية رفيعة في وزارة الخارجية، لـ”العربي الجديد”، أن “الحكومة العراقية أنهت كافة الاستعدادات الأمنية الخاصة بفتح السفارة في جانب الكرخ من بغداد وسيكون هناك احتفال رسمي داخل مبنى الخارجية العراقية بالمناسبة”.

ويوضح مصدر دبلوماسي في الوزارة لـ”العربي الجديد”، أن “طاقماً أمنياً خاصاً لا يقل عن 60 عنصراً أمنياً، أكمل خطة تأمين محيط السفارة وتوفير كافة الاحتياطات اللازمة فضلاً عن مقرات إقامة طاقم السفارة الذي وصل جزء منه إلى بغداد، كما تم تأمين عملية تنقّل أفراد السفارة بسبب الظرف الأمني الذي تعيشه بغداد حالياً وأسوة بباقي السفارات وفرقها الدبلوماسية”. ويشير إلى أن “المعلومات التي حصلنا عليها من الجانب السعودي، أشارت إلى أن الكادر الدبلوماسي السعودي لا يقل عن خمسين شخصاً ضمن مبنى السفارة”، الذي وصفه بـ”أحد أكبر مباني السفارات في بغداد بعد السفارتين الأميركية والبريطانية”، مستبعداً أن يستقدم الدبلوماسيون عائلاتهم في الوقت الحالي. ويؤكد المسؤول أن “السفارة السعودية ستمارس نشاطها الكامل بشكل تدريجي وهناك ملحقية ثقافية وتجارية وأخرى خاصة بإجراءات العمرة والحج والتأشيرات لغرض العلاج”.

في السياق نفسه، يصف القيادي في جبهة “الحراك الشعبي” محمد عبدالله، فتح السفارة بـ”ضربة معلم”، معتبراً في حديث لـ”العربي الجديد” أن “الوقت قد حان لنهاية تفرّد إيران ببغداد، وغياب أكبر دولة عربية وإسلامية عنها”، في إشارة إلى السعودية. ويرى أن هذه الخطوة “أزعجت إيران كثيراً والأحزاب التابعة لها، لكن يجب النظر إلى موقف السواد الأعظم من العراقيين متمثلين بالشارع بمختلف ألوانه، وهو الترحيب بالخطوة”، وفقاً لقوله.

من جهته، يتوقع الخبير بالشأن الاقتصادي العراقي مازن العبودي، أن يسهم فتح السفارة بعودة العلاقات التجارية بين البلدين. ويضيف العبودي: “فضلاً عن الشق السياسي، هناك بضائع سعودية السوق العراقية بحاجة لها، وهناك خط تصدير النفط العراقي عبر السعودية المتوقف، إضافة إلى استئناف فتح معبر عرعر الحدودي بين البلدين”.

أما النائب في البرلمان العراقي محمد الجاف، فيعتبر فتح السفارة بالحدث السياسي البارز في العراق قبل نهاية هذا العام. ويضيف الجاف في حديث لـ”العربي الجديد”: “نثق بحسن نوايا المملكة وأهميتها ومقدرتها على القيام بدور بارز في القضايا الحالية في العراق لما لها من ثقل عربي وديني”، مؤكداً أن “فتح السفارة بادرة خير جديدة وأمر ايجابي للغاية”، وفقاً لقوله.

عثمان المختار

صحيفة العربي الجديد