مخاطر التراخي إزاء سوء السلوك الإيراني

مخاطر التراخي إزاء سوء السلوك الإيراني

iranKhameneiPointingRTR201ZE-639x405

أكّدت الإدارة الأمريكية على أنّ الاتفاق النووي مع إيران كان مركّزاً بصورة ضيّقة ولم يكن هدفه التطرّق لمخاوف مثل دعم إيران للإرهاب أو نشاطاتها الإقليمية. ولكن، في حين حصلت الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها على صفقة ضيّقة النطاق، فازت إيران بصفقة أكثر شمولاً بكثير.

لقد وضّحت أفعال إيران أنّ كل ما يمكن استنظاره منها، على أبعد تقدير، هو الالتزام بحرفية نصّ الاتفاق. وكما أشار السيناتور الأمريكي بوب كوركر، فمنذ توقيع الاتفاقية في تمّوز/يوليو، حكمت إيران على مراسل صحيفة «واشنطن بوست» جيسون رزيان، المعتقل منذ أكثر من عام، بالسجن وقامت بسجن شخص “إيراني – أمريكي” آخر. وقد تحدّت عقوبات الأمم المتحدة من خلال تصديرها الأسلحة إلى اليمن وسوريا؛ وإرسالها الجنرال قاسم سليماني – قائد «فيلق القدس» العسكري النخبوي في إيران – ومسؤولين آخرين فُرضت عليهم عقوبات، إلى روسيا والعراق وأماكن أخرى؛ وكذلك من خلال إجراء عمليَّتي إطلاق صواريخ باليستية. وووفقاً لبعض التقارير انخرط قراصنة الإنترنت الإيرانيين في هجمات إلكترونية على وزارة الخارجية الأمريكية. كما رفضت إيران التعاون بشكل كامل مع تحقيقات «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بشأن بحوث الأسلحة النووية التي تجريها.

وكيف ردّت الولايات المتحدة وحلفاؤها في التفاوض على أفعال إيران؟ بتكرار الإدانة.

لم يكن ذلك نتيجة الافتقار إلى الأدوات اللازمة للرد. فلدى الدفاع عن الاتفاق النووي، بذل المسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي أوباما جهداً كبيراً لكي يسارعوا في كل مرة إلى تكرار الخيارات الكثيرة المتعددة الأطراف والأحادية الجانب المتبقية أمامهم للردّ على مجرد هذا النوع من الحالات. وعلى الرغم من هذه التأكيدات الهادفة إلى إقناع الكونغرس الأمريكي المشكّك بالاتفاقية، لم تستخدم الإدارة الأمريكية هذه الخيارات.

وربما يستند التحفّظ الأمريكي على الخوف من أنّ اتخاذ موقف صارم إزاء استفزازات إيران قد يعطّل الصفقة الإيرانية التي لم تُنفّذ بعد. فقد أصرّ المرشد الإيراني الأعلى على أنّ الجمهورية الإسلامية ستنسحب من الاتفاقية إذا فُرضت عقوبات جديدة، سواء كانت مرتبطةً بالنشاطات النووية أو الإرهاب أو حقوق الإنسان.

قد تخشى الولايات المتحدة وحلفاؤها من أن أي إجراء عقابي أو تأخير في رفع العقوبات قد يلحق الضرر بفرص حلفاء الرئيس الإيراني حسن روحاني في الانتخابات البرلمانية الإيرانية، الأمر الذي سيصبّ في مصلحة المتشدّدين. وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا يشير إلى أنّ الإطار الزمني لتنفيذ الصفقة النووية سيكون مدفوعاً بالسياسة العامة بشكل رئيسي وأنّ إذعان الولايات المتحدة إلى الاتفاقية، خلافاً للتأكيدات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، يستند جزئياً على الأقل على الأمل بأنّه سيُعدّل مسار السياسة الداخلية الإيرانية ويضعها في اتّجاه أكثر ملاءمة.

إلّا أنّ التراخي في وجه سوء السلوك الإيراني يعني أنّه يمكن أن تحصل طهران على تخفيف العقوبات بصورة أكبر من المتوقّع مقابل وضع قيود محدودة ومؤقتة على نشاطاتها النووية. إنّ ذلك ثمناً باهضاً ومن غير المرجّح أن يحقّق أهدافه. وسيكون من السذاجة لإيران أن تنسحب من اتفاقية توفّر لها مكاسب مالية مهمّة وتضعها في موقع جيّد لتطوير أسلحة نووية في غضون 10 إلى 15 عام. إنّ تقويض مصداقية التهديد الذي [يصدر من قبل] الولايات المتحدة بمعاقبة مثل هذا العمل لا يؤدي سوى إلى تشجيع الإيرانيين على اختبار حدود الصفقة.

كما أنه ليس من المرجّح أن تؤثّر النخوة الغربية على الانتخابات الإيرانية – التي هي أبعد من أن تكون ديمقراطية – والتي ستُجرى في شباط/فبراير؛ وعلى كل حال، كان الضغط الاقتصادي العامل الذي أوصل السيّد روحاني إلى النصر في عام 2013. وحتّى إذا فاز حلفاؤه، من غير الواضح ما إذا كان السيّد روحاني يختلف جذريّاً عن المتشدّدين في التزامه [بوصول إيران] إلى القدرة لانتاج أسلحة نووية أو سياسات إقليمية تقوّض المصالح الأمريكية.

إن الحفاظ على قوة الردع فضلاً عن مصداقية عقوبات الأمم المتحدة يستلزم ردوداً مجدية على الاستفزازات الإيرانية، وذلك باستخدام كامل الأدوات المتاحة أمام واشنطن. وهذه الحاجة لا تعيق المحادثات مع إيران وفقاً لما قد تتيحه الأحداث أو الخطوات الاستراتيجية، وبدلاً من ذلك تعني استخدام أسلوب العصا والجزرة معاً، وعدم إهمال التزامات الولايات المتحدة بموجب الاتفاق النووي طالما أنّها تبقى سارية المفعول.

وبقدر ما قد يريد منتقدو الرئيس باراك أوباما رؤية ردٍّ أكثر صرامة على أفعال إيران، يتعيّن على مؤيدي الاتفاق النووي أن يكونوا أكثر حرصاً على ذلك . وإذا تمّ تجاهل تغاضي إيران عن الأوامر الدولية – التي تم إصدار العديد منها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهي الخطوة الأكثر خطورة التي بإمكان مجلس الأمن اتخاذها – لن يطول الوقت قبل أن تعامل طهران الصفقة النووية بالطريقة نفسها.

مايكل سينغ

معهد واشنطن