هل سينجح سد الموصل في تحرير نينوى من داعش؟

هل سينجح سد الموصل في تحرير نينوى من داعش؟

25884

ليس أمام أهالي نينوى خيارات كثيرة وهم يفكرون بمن سيستعينون لتخليص محافظتهم من سيطرة تنظيم “داعش” الذي يحتل معظم أجزائها منذ العاشر من حزيران (يونيو) 2014.

فالجيش العراقي مشغول بجبهة واسعة في الأنبار وصلاح الدين، وفصائل الحشد الشعبي التي تقاتل هناك أيضاً لا تلقى ترحيبا كبيرا من قبل أهالي نينوى وتظل مسألة قيام البيشمركة الكردية بالخطوة مدعومة بالتحالف الدولي كما حدث في سنجار الواقعة غرب نينوى معلقة على توافقات سياسية غير مواتية على المستوى العراقي في الوقت الراهن.

 فيما لم يعد معسكر الحشد الوطني في منطقة (زليكان) شمال شرق الموصل معوّلاً عليه ولاسيما بعد الضجة الكبيرة التي رافقت قبل أيام وصول قطعات عسكرية تركية إليه من دون موافقة عراقية رسمية وقبلها كانت بغداد قد نقلت الكثير من مقاتليه إلى مناطق قريبة من بغداد.

وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد أعلن في الثاني من حزيران (يونيو) الماضي في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ونائب وزير الخارجية الأميركي توني بلنكن عقد في باريس على هامش مؤتمر التحالف الدولي، أعلن بدء عمليات تحرير نينوى وان قوات عراقية توجهت الى هناك بالفعل.

وعملياً فأن ذلك لم يترجم على الأرض مطلقاً ولم تدخل القوات العراقية محافظة نينوى منذ خروجها منها في حزيران (يونيو) 2014 حتى أن الضربات الجوية العراقية لأهداف تنظيم داعش في الموصل توقفت بعد ضربات معدودة لتجنب إصابات في صفوف المدنيين.

ويرى القانوني فارس البكوع عضو الهيئة العليا للمساءلة والعدالة في حديثه لـ”نقاش” أن داعش ستنسحب بنحو منتظم من الموصل وباقي مناطق نينوى كما حدث في مدينة تكريت الواقعة جنوب نينوى) وقضاء سنجار غرباً وتوقع أن يحدث ذلك بعد ستة أشهر من الآن لكنه قلق من مشاكل ربما ستبرز إن دخلت تلك المناطق قوات مسلحة غير نظامية.

ويشير البكوع الى أن مسألة تحرير نينوى لم تعد بيد الحكومة العراقية بل صارت مسألة إقليمية دولية ويستدل في ذلك على أن متدربي معسكر الحشد الوطني الذي يشرف عليه محافظ نينوى الأسبق لا يُسمح لهم بأي تحرك إلى جانب قوات البيشمركة الكردية والأخيرة غير مسموح لها بالتقدم أكثر في نينوى إلا بموافقات دولية.

بينما الحشد الشعبي الذي تشكل بطلب من المرجعية الدينية المتمثلة بالسيد علي السيستاني أصبح متفوقاً على الجيش العراقي النظامي غير أنه يركز جهوده للحفاظ على العاصمة بغداد مع ميل للذهاب باتجاه المنطقة الغربية حيث الأنبار.

بخلافه يصر الكاتب والباحث السياسي جمال عبد على أن الجيش العراقي بمساندة من الحشد الشعبي والتحالف الدولي هو الذي سيستعيد نينوى ومركزها مدينة الموصل في نهاية الأمر ويستشهد بذلك على استعادة تلك القوات وبذات الطريقة مدينتي تكريت وبيجي في محافظة صلاح الدين (200 كلم جنوب نينوى).

وقال عبد في حديث لـ”نقاش” أن قوات البيشمركة الكردية لن تتحرك إلا في المناطق التي لإقليم كردستان مصالح فيها كما هو الحال في قضاء سنجار ضمن الحدود الإدارية لمحافظة نينوى والتي تخضع أصلا لسلطة إقليم كردستان منذ سنوات طويلة إضافة إلى خمس عشرة وحدة إدارية أخرى أيضاً تتبع نينوى ضمن ما كان يعرف بالمناطق المتنازع عليها.

وعبر الكاتب والإعلامي في قناة عشتار الفضائية مروان ياسين الدليمي عن أمله في تحرك أوربي أولاً ومن ثم أميركي ثانياً من اجل دعم سكان الموصل وبقية المناطق المسيطر عليها من قبل داعش ومساعدتهم عسكريا من اجل تحقيق عملية التحرير.

وقال لـ”نقاش” إن لديه يقيناً ثابتاً بأن الحكومة العراقية وتحديدا التحالف الوطني وفي مقدمة احزابه حزب الدعوة الحاكم هو أكثر طرف في المشهد السياسي العراقي يشعر بالرضا التام من سقوط المدن العربية السنية تحت سلطة داعش وعلى رأسها الموصل.

وتابع “كان أعضاؤه طيلة الفترة التي سبقت السقوط يدفعون بالأوضاع الى أن تكون سياساتهم الطائفية ضد سكان هذه المدن سببا لان يرموا بأنفسهم في حضن الجماعات الإرهابية-القاعدة وداعش-وهذا ما حصل بالتالي”.

ولذلك فالدليمي يرى أن تلك الأطراف لا تسعى جديا لتحرير تلك المناطق وكل جهودهم تدخل في إطار استغلال شماعة التحرير لتحقيق عدد من الأهداف كتدمير البنية التحتية و تفريغها من سكانها بهدف إحداث تغيير ديموغرافي فيها مستقبلا والعمل بكل السبل من اجل أن تبقى هذه المناطق مدمرة وغير قادرة على أن تستعيد دورة حياتها من جديد حسبما قال.

وبشيء من الحماسة تحدث لـ”نقاش” الكاتب في شؤون الأقليات عبد الإله سعيد متهماً سياسيين وشخصيات سنية في نينوى بالطائفية لأنهم يصرحون باستمرار لوسائل الإعلام رافضين اشتراك قوات الحشد الشعبي في تحرير محافظة نينوى.

ونبه الى أن في هذا تقليلا من التضحيات التي قدمها مقاتلو هذا الحشد في سبيل تحرير مناطق بغالبية سنية كصلاح الدين ومناطق في الانبار، ثم استدرك “حتى لو فرضنا جدلاً قبول التوصيف الطائفي وأنها قوات شيعية، أليس هنالك مئات الآلاف من المواطنين الشيعة في نينوى من الشبك والتركمان”؟.

وليس بوسع عبد الإله أن يتصور وهو يناقش سيناريو تحرير الموصل إلا اشتراك جميع الأطراف العراقية تحت قيادة مركزية واحدة للقيام بذلك، لأن الأمر بحسب رأيه ليس فقط عملية تحرير وإنما يجب أن تكون هنالك قوات مقبولة لتمسك بالأرض وتقنع النازحين وهم أكثر من مليون ونصف المليون نسمة بالعودة إلى مناطقهم.

في طرف آخر هنالك عدد كبير من مواطني نينوى سواء المقيمين في مخيمات النزوح بإقليم كردستان وغيرها من مناطق العراق أو المتواجدين تحت سلطة تنظيم داعش داخل الموصل ومحيطها ممن سألت نقاش عدداً منهم عن القضية واتضح أنهم لا يأبهون كثيراً بالقوة التي ستقوم بالتحرير نظراً للظروف الصعبة التي يعيشونها والوعود الكثيرة التي سمعوها لأكثر من ثمانية عشر شهراً هو عمر أزمتهم.

وقال احدهم عبر(رسائل فايبر) من الطرف الشمالي للموصل تخوف من ذكر اسمه “كلهم يتحدثون عن ساعة الصفر القريبة وبعضهم قال بدأت عمليات التحرير كرئيس الوزراء وعضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس نينوى قبل أشهر وكل ما يقال مجرد كلام في الإعلام”.

وأكد أن لا أمل من قيام ثورة ضد داعش من داخل الموصل لأن المواطنين لا يملكون السلاح والتنظيم يقابل أي تمرد على سلطته مهما كان بسيطاً ككتابة منشور في الفيس بوك على سبيل المثال بالذبح أمام الناس.

وبين أن التنظيم يعتقل آلافاً من المواطنين وقام بقتل آلاف آخرين معظمهم  من منتسبي الجيش والشرطة والسياسيين وحتى مدنيين كانوا يشكلون خطراً على التنظيم، وفي نهاية حديثه طلب محدثنا وبإلحاح شديد التأكد من حذفنا لما كتبه بعد القراءة مباشرة لأنه على علم بمقتل شباب من الموصل بسبب حديثهم عبر فايبر وغيرها عن أوضاع المدينة.

وعلى الرغم من السخرية التي اكتنفت توقعات المواطنين من شخص إلى آخر إلا انها توحي بمقدار اليأس الذي بات يشعر به أهالي مدينة الموصل بنحو عام، إذ علق على تحذيرات دولية مؤخراً من احتمال انهيار اكبر سدود العراق شمالي مدينة الموصل بسبب عدم الصيانة: ” لو انهار السد واجتاحت مياهه الموصل ستكون تلك أضمن وأسرع عملية تحرير ننتظرها”.

نوزت شمدين

موقع نقاش