قوات سورية الديمقراطية :بداية الاستراتيجية الامريكية الجديدة في مواجهة تنظيم الدولة

قوات سورية الديمقراطية :بداية الاستراتيجية الامريكية الجديدة في مواجهة تنظيم الدولة

14480439306385157

تمكنت الولايات المتحدة الامريكية من تعزيز استراتيجيتها الجديدة في التصدي وملاحقة تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا من خلال تقديم الدعم والمساندة للتشكيل الذي اعلن عنه في الثاني عشر من تشرين الاول 2015 في مدينة المالكية التابعة لمحافظة الحسكة الواقعة شمال شرق سوريا والذي حمل عنوان (قوات سوريا الديمقراطية) والذي كان من أولياته اهدافه المعلنة مقاتلة ووقف زحف وتمدد مقاتلي تنظيم الدولة ،هذا الاعلان الذي جاء متناغما مع اهداف التحالف الدولي وبعد التدخل الروسي في الاراضي السورية ليشكل عاملا مهما وحدثا رئيسيا في الصراع والنزاع العسكري الدائر الان بين الفصائل العسكرية المتواجدة في الميدان السوري ، كما انه شكل حدثا مهما على صعيد تطبيق الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها الادارة الامريكية واجهزتها الاستخبارية والعسكرية .
تتكون هذه القوات من مجموعة من المقاتلين والفصائل العاملة شمالي سوريا وتضم قوى كردية وعربية وتركمانية واشورية سريانية وفق التسميات الاتية:
1.قوات حماية الشعب الكردي :وهي قوات كردية تابعة لقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري
2.قوات حماية المرأة :وهو فرع تابع لقوات الحماية الشعبية للاكراد .
3.غرفة عمليات الفرات :تجمع يضم قوات الحماية الكردية مع فصيل من اهالي مدينة الرقة السورية .
4.المجلس العسكري السرياني : وهو عبارة عن مجموعة من المقاتلين السريانيين تتبع لحزب الاتحاد السرياني وفعالياته ونشأته في مدينة القامشلي السورية .
5.قوات الصناديد:قوات عربية عشائرية بأمرة الشيخ حميدي ادهام الجربا .
6.تجمع الوية الجزيرة:يضم عددا من مقاتلي العشائر العربية من اهالي منطقة رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة السورية .
أهداف وغايات التشكيل:
1.يسعى التشكيل لمقاتلة تنظيم الدولة الاسلامية على الاراضي السورية وملاحقة قياداته وتصفيتهم .
2.استعادة الاراضي والمدن والاقضية المهمة والتي استولى عليها التنظيم وتوسيع رقعة انتشارهم في الاراضي السورية بديلا عن مقاتلي التنظيم .
3.تعزيز مكانة التشكيل واعتباره عنصرا مهما وذو تأثير مباشر على الصراع الدائر الان على الساحة السورية والمشاركة في اي تسوية سياسية قادمة في سوريا .
4.اعطاء رسالة واضحة بان جميع الاطياف والقوميات والاديان مدعوة للمشاركة في هذا التشكيل الذي يدعو لوحدة الاراضي السورية وتعزيز قوة ومتانة العلاقة بين ابناء الشعب السوري .
.
5.يدعو التشكيل لتأسيس نظام سياسي متعدد ويكون الحكم فيه لا مركزيا يتسم بادارة ديمقراطية ذو تعددية سياسية وهو المنظور المستقبلي للحكم في سوريا .

الاسباب والدوافع لاعلان هذا التشكيل :
1.خلق توازن في المصالح السياسية التركية الكردية ، فهذا التشكيل يبعث برسالة اطمئنان للاتراك بعدم سيطرة الاكراد على الاراضي السورية في الشمال بوجود قوات عربية في هذا التشكيل وهو ما يزيح الشك والريبة لدى السياسين الاتراك .
2.منح الاكراد قوة رئيسية تعزز مكانتهم وتبعدهم عن التبعية السياسية للنظام السوري واجهزته ومؤسساته العسكرية وتمنحهم ثقة كبيرة لقيادة انفسهم .
3.ابعاد فكرة سيطرة القوى والفصائل الاسلامية على الوضع العام في سورية خاصة وان الولايات المتحدة الامريكية تنظر بالريبة والشك حول علاقة (حركة احرار الشام) بتنظيمات جبهة النصرة .
4.استبعاد انشاء منطقة امنة بالقرب من الحدود التركية السورية وهو مطلب طالما سعى الاتراك له وهو ما يعارضه الامريكان والروس ولكن الجميع يتفق على ان السيطرة على مدينة الرقة والتي هي احد الاهداف الرئيسية لهذا التشكيل كفيلة بالغاء فكرة المنطقة الامنة .

5.الاستيلاء على مدينة الرقة وعزلها عن خطوط الامداد الخاص لتنظيم الدولة الاسلامية ومنع تسليمها للاكراد وحدهم وهو أمر يريح الاتراك ويمنع مخاوفهم من تأثير وامتداد القوة الكردية .
6.الاستراتيجية الامريكية الجديدة الداعية لدعم اي فصيل او تشكيل يقاتل تنظيم الدولة الاسلامية والانتقال من مرحلة تدريب المقاتلين الى توجيه الدعم والاسناد العسكري والتعبوي لهم ومدهم بالاسلحة والمعدات التي تساعدهم على مواجهة التنظيم والحاق الخسائر به .
7.قناعة الولايات المتحدة الامريكية بان هذا التشكيل يشكل النواة الطبيعية والصحيحة لرؤية مستقبلية للحكم في سوريا بأطره الديمقراطية واهدافه في احتواء جميع ابناء الشعب السوري .
8.تسعى الادارة الامريكية من دعمها لهذه المجاميع من تحقيق نصرا عسكريا واستباقا سياسيا يمنع الروس من العمل باتجاه تسليم المناطق التي ينسحب منها مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية واعطائها للجيش السوري .
أهم الخطوات العملية التي حققتها هذه القوات :
نتيجة الدعم الامريكي ومشاركة قوات التحالف الدولي بتقديم الاسناد الجوي للفعاليات الميدانية القتالية التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية فقد تمكنت هذه القوات من تحقيق التقدم الميداني على الاراضي السورية وفق الاتي :
1.بتاريخ 30 تشرين الاول 2015 تمكنت من استعادة جميع المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في ريف محافظة الحسكة الجنوبي .
2.بتاريخ 23 كانون الاول 2015 تم استعادة جميع المناطق الواقعة في ريف عين العرب الجنوبي شرق نهر الفرات وانسحاب مقاتلي التنظيم منها .
3.بتاريخ 26 كانون الاول 2015 تم السيطرة على موقع ومنشأت سد تشرين الاستراتيجي الواقع على نهر الفرات في منطقة(منبج) بريف حلب بعد مواجهات شديدة مع مقاتلي التنظيم أدت الى انسحابهم وسيطرة القوات المتقدمة على (8) قرى رئيسية محيطة بمنطقة السد الذي يحتوي على (6) وحدات توليد مهمة ورئيسية تزود مدينة حلب بالطاقة الكهربائية .
ان هذا التقدم والسيطرة الفعلية لهذه القوات على الارض وما تلاقيه من دعم واسناد امريكي يتمثل بالدعم والمساندة الجوية والقاء الاسلحة والاعتدة يجعلنا ان ننظر لتطور الاحداث القادمة في سوريا وفق المنظور والتحليل الاتي :
1.اخراج تنظيم الدولة الاسلامية من عملية السيطرة على الموارد المالية واحكام سيطرته على الثروات المائية والتي جاءت عملية استعادة سد تشرين الاستراتيجي ليشكل دلالة واضحة وعملية للاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الامريكية في اضعاف تنظيم الدولة وكما حدث الامر نفسه بالعراق عندما استعادت القوات الكردية التابعة لاقليم كردستان العراق وبمساندة الدعم الجوي الامريكي سد الموصل ومنع مقاتلي التنظيم من الوصول الى سد حديثة ضمن الحدود الادارية لمحافظة الانبار .
2.بعد اخراج مقاتلي تنظيم الدولة من المناطق الواقعة في ريف عين العرب الجنوبي اصبح الطريق معبدا للوصول لمدينة الرقة حيث المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة واستهداف مقراته وقياداته .
3.ابعاد مقاتلي الدولة عن كامل مناطق الشمال السوري وهذا بدوره يعزز التقدم العسكري والخطوات القادمة في استعادة مناطق ريف حلب الشمالي ليكون بعدها عملية السيطرة على الرقة .
4. يتركزالجهد العسكري الامريكي الان باستهداف مناطق ريف حلب الشمالي ومحافظة الرقة والحسكة والقامشلي لتمكين قوات سوريا الديمقراطية من انجاز اهدافها ، اما الجهد العسكري الروسي فيتركز الان في استهداف محافظتي دير الزور وتدمر ليمكن الجيش السوري من الدخول اليها واحكام سيطرته عليها واخراج مقاتلي تنظيم الدولة منها .
5.اما قيادات تنظيم الدولة فتحاول الان التقدم بهدف السيطرة على ما تبقى من اراضي ومناطق مهمة في محافظة دير الزور لتعويض انسحابها من مناطق اخرى اجبرتها عليها قوات سوريا الديمقراطية .

ان الولايات المتحدة الامريكية اوضحت بدعمها لهذا التشكيل ان استراتيجيتها الجديدة انما تؤكد حقيقة ان اي دعم سيوجه لاي فصيل في سوريا والعراق انما يكون في اعلانه مقارعة ومواجهة مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية وان هدفها الاولي وغايتها الاساسية هي القضاء على هذا التنظيم واضعافه وشل حركته ومنع تمدده وايقاف زحفه .

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية