العراقيون يعودون إلى ادخار أموالهم في بيوتهم

العراقيون يعودون إلى ادخار أموالهم في بيوتهم

العملة-العراقية

عاد العراقيون إلى طريقة أجدادهم في حفظ مدخراتهم المالية في منازلهم بعد أن فقدوا الثقة بمصارفهم الحكومية منها والأهلية وسط تخوف من انعدام مستمر للسيولة.

وسحب العملاء ودائعهم بسبب القلق المتصاعد من الوضع الأمني الخطير ونقص السيولة بالعملات الصعبة في الأسواق.

وشحّت السيولة المتداولة في البنوك العراقية بسبب الأزمات السياسية التي تعاني منها البلاد وانخفاض أسعار النفط والفساد الذي يضرب في أعماق مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى ما يتردد عن أن العراق كان نقطة تحويل سهلة للتجارة الإيرانية التي تسعى إلى تجاوز العقوبات الدولية على مدى أعوام.

وتسبب انخفاض أسعار النفط في نقص السيولة في البنوك العراقية المدرجة وقلّص مكاسبها الكلية قبل خصم الضرائب بنسبة 44 بالمئة إلى 74 مليار دينار (68 مليون دولار) في الربع الثالث من 2015 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

وذكرت شركة الربيع للتوسط في بيع وشراء الأوراق المالية في بغداد أن الاضطرابات المرتبطة بسيطرة تنظيم داعش على مدن عراقية في شمال البلاد قلصت ودائع البنوك بنسبة 14 بالمئة في التسعة شهور الأولى من 2015 إلى 5.97 مليار دولار.

وعرض تقرير نمو الإيرادات والأرباح غير المدققة لاثنين وعشرين بنكا مدرجة في بورصة العراق التأثر السلبي لقطاع البنوك إثر تدهور أسعار النفط الذي أدى إلى نقص في السيولة.

ونزلت أسعار النفط بأكثر من النصف خلال الثمانية عشر شهرا الماضية لأقل من 40 دولارا للبرميل مما أضر بموازنة الحكومة العراقية التي تعتمد على مبيعات الخام في 95 بالمئة من إيراداتها.

وحدد مشروع الموازنة العامة لعام 2016 ما يتوفّر لدى الدولة من أموال تصدير النفط وواردات الضرائب بـ70 مليار دولار أي بعجز قدره 20 مليار دولار، لكن مستويات أسعار النفط الحالية ترجّح أن يتضاعف ذلك العجز.

وتعتمد الحكومة العراقية على إيرادات النفط بنسبة تزيد على 90 بالمئة لتلبية أبواب الموازنة، وتغطي الجزء الآخر من بعض الضرائب وجباية المنافذ الحدودية.

وعانى القطاع المصرفي الخاص من تعثّرات في تسديد مستحقّات الزبائن بسبب مشكلات في السيولة أسفرت عن توقّف بعض المصارف عن إجراء عمليّات السحب.

واضطرت غالبية البنوك إلى تقنين عمليات السحب من المبالغ المودعة في الحسابات الجارية والتوفير، وحوّلت دفع المستحقّات المودعة بالدولار الأميركيّ إلى الدينار العراقيّ بسعر صرف المصرف المركزيّ.

وأثارت تلك الإجراءات غضب الزبائن الأمر الذي حدّ من عمليات الإيداع، فضلا عن فقدان المصارف لسمعتها في السوق.

وكشف موظف في فرع من مصرف عراقي ضآلة الإيداع خلال أسبوع عمل كامل حيث لم يتجاوز ألفي دولار أميركي، مؤكدا أن هذا المبلغ لا يعادل عشر الإيداعات التي كانت سائدة في نفس الفرع الذي يعمل فيه قبل أزمة السيولة التي تعيشها المصارف.

وقال في تصريح صحفي رافضا ذكر اسمه إن صالة فرع المصرف تعج بالمئات من الزبائن المطالبين بسحب ودائعهم من حسابات التّوفير، بينما ترفض إدارة المصرف تسليمهم أموالهم دفعة واحدة.

وحمّلت المصرفيّة إيناس محمد الحكومة مسؤولية ما يمرّ به القطاع المصرفي الخاص. وعزت في تصريحات صحفية مشكلة السيولة النقدية في المصارف الخاصّة إلى التعاملات والمشاريع الاستثمارية مع الحكومة.

وقالت إن أحد المصارف الذي يعاني من مشكلة النّقد، عليه في ذمّة وزارة التربية مبلغ 100 مليار دينار مستحقّة الدّفع وتتعثّر الوزارة في التّسديد، ولم تدفع سوى 8 مليارات دينار.

إلا أن إحسان الياسري مدير الإصدار والخزائن في البنك المركزي العراقي قلل من مخاوف المتعاملين مع المصارف الأهليّة وقلقهم من عدم دفع الودائع في ذمة المصارف.

وأشار إلى أنّ البنك المركزي كفيل بضمان تلك الأموال عبر الاحتياطيّ القانونيّ المتوافر لدى كلّ مصرف.

لكن وثائق تمّ الكشف عنها من قبل أحمد الجلبي عضو البرلمان قبل أسابيع من وفاته المفاجئة الشهر الماضي كشفت أن “البنك المركزي العراقي بدأ يلجأ إلى بيع الدولار من احتياطي البنك بعد أن أصبح دخل العراق من مبيعات النفط أقل من بيع الدولار بالمزاد”.

وقالت الوثائق إنه “إذا استمر الأمر على هذه المنوال فإن احتياطي العملة الأجنبية في العراق سيتعرض للخطر”.

وفي ظل ذلك التحذير للبنك المركزي، فإن العراق يبدو بحاجة لتفكيك الشبكة التي لا تزال تتحكم بنشاط البنك المركزي، وتعيين جهاز جديد لإدارة البنك قبل فوات الأوان.

إلا ان العائق الأكبر هو أن البنك المركزي، يبدو ضالعا في الجرائم المالية، وهو الوحيد الذي يخوله القانون العراقي والدولي صلاحية “الحصول على كافة المعلومات عن حسابات البنوك العراقية في الخارج وحسابات شركات التحويل المالي”.

صحيفة العرب اللندنية