تسريب مقطع فيديو جديد لـ”عملية زكيم” قد يشعل حربا نفسية داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي

تسريب مقطع فيديو جديد لـ”عملية زكيم” قد يشعل حربا نفسية داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي

المقطع الأخير عن “زيكيم”، هو المقطع الثاني الذي تعرضه كتائب القسام، خلال يومين، لمشاهد قالت إنها استولت عليها من أجهزة حاسب آلي تابعة لجيش الاحتلال، بعد مقطع مدته خمس دقائق ونصف، نشره موقع مقرب من حماس يدعى “مجد” الخميس الماضي، عرض مقاتلين يشنون عملية داخل قاعدة زيكيم العسكرية الواقعة شمال قطاع غزة، في التاسع عشر من شهر يوليو الماضي.

وقال الموقع إنّ “هذه المشاهد تم الحصول عليها من خلال اختراق قراصنة فلسطينيين لشبكة أجهزة كمبيوتر تابعة لجيش الاحتلال، وتظهر اشتباكًا مسلحًا مباشرًا بين المقاتلين الفلسطينيين، وقوات للاحتلال من مسافة قريبة للغاية، حيث حاولوا تفجير إحدى الدبابات الإسرائيلية”.

unnamed (4)

وتعود حكاية عملية “زيكيم” البحرية إلى يوم 8 يوليو الماضي، وهو اليوم الثاني للحرب الأخيرة على قطاع غزة، حينما تمكنت إحدى وحدات الكوماندوز البحرية التابعة لـ”كتائب القسام” الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” من اقتحام قاعدة “زيكيم” العسكرية الإسرائيلية على شواطئ عسقلان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، واشتبكت مع جنود الاحتلال وألحقت بهم خسائر كبيرة.

 واحتوت المشاهد على ما يُعتقد أنه تصوير جوي من طائرات استطلاع في جيش الاحتلال، حصلت عليه حماس، لمقاتلين ينتمون لكتائب القسام خلال وجودهم داخل الأراضي المحتلة في المنطقة المحاذية للقطاع، خلال عودتهم بعد تنفيذ عملية عسكرية في بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.

unnamed (5)

ففي ذلك الحين، نفذت كتائب القسام عملية وصفتها بأنها “خلف خطوط العدو”، بعدما اقتحمت موقعًا عسكريًا لجيش الاحتلال يعرف محليًا باسم موقع “أبو مطيبق”، شرق قطاع غزة، بواسطة نفق تحت الأرض، ثم هاجمت المجموعة المقاتلة ثلاث سيارات عسكرية، وتمكنت من استهداف سيارتين، فيما نجحت السيارة الثالثة بالفرار، وأوقعت قتلى وجرحى لم تحدد عددهم في صفوف جيش الاحتلال.

ثم أظهر الفيديو مشاهد لمسلحين يعودون مشيًا على الأقدام، مخترقين السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، لا من خلال الأنفاق ما يعني مزيدًا من الثقة بالنفس، بالإضافة لعرض التسريب المصور صورًا لبندقيتين من نوع M16، قالت إن “المقاتلين استولوا عليهما خلال العملية”.

التسريبات تكشف كذب الإسرائيليين

ويقول تقرير لوكالة “قدس برس” من غزة إن “تصريحات جيش الاحتلال الإسرائيلي ورواياته بخصوص عملية “زيكيم” اتّسمت آنذاك بالارتباك والتضارب الكبيرين، فبعد إعلانه عن تمكّن قواته من تصفية المقاومين الذين تسلّلوا إلى القاعدة العسكرية وقاموا بتفجير دبابة والاشتباك مع الجنود، جاءت هذه التسريبات المصوّرة لتكشف كذب الرواية الإسرائيلية”.

وكانت وسائل الإعلام العبرية قد تداولت في نشراتها الإخبارية 9 يوليو نبأ مقتل مقاوميْن فلسطينيين لدى تصدي قوات الجيش الإسرائيلي لهما عندما حاولا التسلل من البحر إلى شاطئ “زيكيم” في عسقلان شمالي قطاع غزة، مضيفةً أن “خمسة آخرين قضوا بنيران إسرائيلية في اليوم الذي سبقه خلال محاولة تسلل مماثلة في نفس المنطقة”، وفق قولها.

وقد ادّعت مصادر إعلامية عبرية آنذاك أن سلاح البحرية الإسرائيلي تمكّن من رصد المقاومين الفلسطينيين بواسطة منظومة خاصة ترصد تحركات العناصر المعادية تحت الماء، وتلا ذلك كشف الناطق باسم الجيش الإسرائيلي عن فيديو يظهر عملية تصفية المقاتلين الفلسطينيين قبل وصولهم إلى أهدافهم، وهو ما ثبت عدم صحته في التسريبات المصورة.

ولكن، الشريط الذي بثته حماس أمس السبت 13 ديسمبر، والذي حظي بانتشار كبير وسريع على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، كشف كذب الاسرائيليين؛ إذ أظهر مسلحين فلسطينيين تسلّلا عن طريق البحر إلى قاعدة “زيكيم” واقتربا من دبابة إسرائيلية وقاما بتفجيرها بعد زرع عبوة ناسفة فيها، كما يبين الفيديو المصور أن النيران فُتحت على المسلحين من قبل الدبابة ومن جهة البحر.

ويشمل شريط الفيديو ومدته ست دقائق وفيه العديد من المقاطع والخرائط، نصًا اقتبس من التحقيق العسكري في العملية جاء فيه إن “زيك يغلق الدائرة على الخلية ويدمر الخلية”، كما تُسمع فيه محادثات لأفراد طاقم الدبابة عبر أجهزة الاتصال.

وتتضمّن التسريبات موادًا سرية من بينها أسماء مسارات الطرق وتسجيلات صوتية لأجهزة الاتصال، وتوثيق مصور تم التقاطه بواسطة كاميرات سلاح البحرية الإسرائيلي وموقع الرصد العسكري التابع لسلاح البحرية، كما تشتمل على نصوص تكشف رقم الوحدة العسكرية وتوثيق تم التقاطه من الجو للحادث، والوسائل التي تم استخدامها من قبل المسلحين الذين وصلوا إلى الشاطئ عبر البحر وهي ساعة لقياس العمق، عبوة صوديوم وكيس للأسلحة.

 وقالت فضائية الأقصى في تعقيبها على الفيديو، إن “المشاهد تظهر المقاتلين، يعودون باطمئنان تام مشيًا على الأقدام، عبر السياج الفاصل، وليس عبر النفق الذي تسللوا منه”، مضيفة أن العملية تكشف عن “جرأة كتائب القسام، وضعف جيش الاحتلال”، حيث إن المنطقة التي نفذت فيها العملية، تصنف بكونها من أكثر المناطق تحصينًا من قبل الجيش.

أهمية الحرب النفسية

وتركز حماس والمقاومة عمومًا على أدوات الحرب النفسية التي تواجه بها الاحتلال، وثبت نجاحها في استفزاز الأوساط الإسرائيلية رغم أن جهات شبه رسمية تقلل من شأنها، بينما تتفادى الحكومة التعليق عليها، وسبق أن أكد الخبير في الحرب الدعائية “أودي ليبيل” هذا، بقوله: “إن الحرب النفسية بسيطة وتحتاج لمهاجمة العدو بتشكيلة من الرسائل الإبداعية المتزامنة دون انقطاع”، وأضاف أنه: “من المتوقع أن تتقدم حماس في هذه الحرب؛ لأن الجهة الأضعف عسكريًا، تبحث دائمًا عما يعوضها، بينما إسرائيل متخلفة جدًا في هذا النوع من الحرب لاعتقادها خطئًا أن قوتها العسكرية كافية”.

وحاول عدد من قادة الاحتلال مثل الجنرال نيتسان نورئيل التقليل من تسريبات حماس المصورة أو ما قالته عن خطورة الطائرات بدون طيار التي ترسلها حماس للتجسس على إسرائيل، وهي طائرة “أبابيل” لتصوير مواقع إسرائيلية ومهاجمتها، ولكن نشر تسريبات مثل زكيم أحرجتهم.

اعترافات إسرائيلية

وقد ذكرت صحيفة هآرتس العبرية، أن “الشريط تم تسريبه من قبل الجيش الإسرائيلي، وأنه تم فتح تحقيق فيه، وأحيل إلى جهة مدنية غير خاضعة للرقابة العسكرية حول كيفية إتمام هذه التسريبات”.

ونسبت الصحيفة إلى مصادر في الجيش الإسرائيلي مختصة بمجال الدفاع الإلكتروني، قولها “إن منظومة الجيش الإلكترونية لم تتعرض إلى هجمات سايبر خلال العملية العسكرية”، في حين قال ضابط إسرائيلي رفيع المستوى “إن الإيرانيين هاجموا منظومات إلكترونية مدنية كان يمكنها التأثير على الجيش الإسرائيلي”، حسب قوله.

أيضًا، قالت مصادر عسكرية في الجيش الإسرائيلي في حديث لموقع “0404” المقرّب من الجيش إنها “تنظر بخطورة بالغة إلى هذا التسريب، وأن الجيش يجري تحقيقات داخلية لمعرفة المسبب”، واصفة ما حصل بـ”الحادث الخطير”، معربة عن سخطها من تسريب أجزاء من فحوى تحقيقات سرية للجيش فيما يتعلق بالعملية.

ودعا المحلل العسكري الإسرائيلي يوحاي عوفر، قيادة الجيش إلى فتح تحقيق معمّق وعاجل للوقوف على تفاصيل تسريب فيديوهات بالغة السرية والمتعلقة بعملية اقتحام قاعدة “زيكيم”، قائلًا: “إن الفيديوهات المسربة هي فائقة السرية، كما أن الأسلحة التي استخدمت من قبل قوات الجيش لصد هجوم المجموعة تم الكشف عنها في التسريبات وانتشرت على مواقع عربية”.

ويقول محلّلون ومراقبون، إن “تصريحات عوفر تنطوي على اعتراف ضمني بأن الفيديوهات حقيقية وغير مزيفة”.

كذلك كشفت القناة السابعة للتلفزيون الإسرائيلي عن قيام رئيس أركان جيش الاحتلال بتشكيل لجنة تحقيق خاصة للوقوف على ماهية تسريب ملفات سرية للإعلام الفلسطيني، ولخصت صحيفة “إسرائيل اليوم” ما جرى بقولها: “إن حماس تحرج إسرائيل بنشر فيديو مسرب لعملية زيكيم”.

وكان أخطر ما قاله المحلّل العسكري الإسرائيلي، عمير ربابوت، عن تأثير فيديو العملية هو قوله، إن: “تسريبات زيكيم وما جرى في العملية بإمكانه تغيير مجرى ووجه عملية الجرف الصامد”، في إشارة للاسم الذي أطلقته إسرائيل على عدوانها الأخير على غزة.

خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، أعلنت كتائب القسام الجناح المسلّح لحركة حماس، أنها كبدت جيش الاحتلال خسائر فادحة، وتمكّنت من أسر جندي يدعى أرون شاؤول، خلال عملية نفذتها شرقي غزة، في حين يتهم الاحتلال حركة حماس، باحتجاز جثة ضابط آخر يدعى هدار غولدن، قُتل في اشتباك مسلح شرق مدينة رفح في 1 أغسطس الماضي، وهو ما لم تؤكده الحركة أو تنفه حتى الآن.

وأفادت بيانات رسمية بمقتل 68 عسكريًا إسرائيليًا، و4 مستوطنين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 مستوطنًا، بينهم 740 عسكريًا، خلال الحرب الأخيرة، في حين كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية الأربعاء الماضي أن “500 جندي من الاحتلال أصبحوا معاقين جراء إصابتهم في الحرب على القطاع”.

 

http://youtu.be/SC0uLRUQAQ8

عادل القاضي – التقرير

http://goo.gl/v8Wvuc