اكتمال عزلة إيران خليجيّاً يسبق اجتماعي الرياض والقاهرة

اكتمال عزلة إيران خليجيّاً يسبق اجتماعي الرياض والقاهرة

عزل ايران عربيا
يؤشر استمرار عدد من الدول في استدعاء سفرائها لدى إيران على خلفية الاعتداء على السفارة السعودية في إيران، بما في ذلك استدعاء قطر سفيرها في طهران، أمس الأربعاء، على خلفية الاعتداء على السفارة السعودية في إيران، وقبلها دعوة سلطنة عمان إلى “إيجاد قواعد جديدة، تُحرّم بأي شكل من الأشكال، التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تحقيقاً للاستقرار”، إلى اكتمال طوق العزلة الإيرانية خليجياً، فيما انضمت جمهورية جزر القمر إلى الدول المتضامنة مع السعودية بعدما استدعت، أمس الخميس، سفيرها لدى طهران بحسب ما أفادت به وكالة” الأناضول” نقلاً عن حساب قناة الإخبارية السعودية الرسمية على موقع “تويتر”. في موازاة ذلك، بدت إيران، أمس الخميس، كمن يسعى إلى مواجهة هذه العزلة التي تزداد كل يوم عبر اعتماد استراتيجية خلط الأوراق، عبر القول إن طائرات التحالف العربي في اليمن قصفت مقر السفارة الإيرانية في صنعاء. وهو ما نفته قيادة التحالف في وقت لاحق.

السفارة الإيرانية في صنعاء
وفي رد على الاتهامات الإيرانية، سارع التحالف العربي عبر المتحدث باسمه، أحمد عسيري، إلى التأكيد أن “التحالف سيحقق في الاتهام الذي رددته إيران”، قبل أن تؤكد قيادة التحالف أنه “بعد المراجعة والتحقق، ثبت كذب مزاعم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية (حسين جابر أنصاري)”، مشيرة إلى أنها لم تُنفذ أي من العمليات في محيط السفارة الإيرانية أو قربها، وعدم تعرضها لأي أضرار. وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت عن سكان وشهود بالعاصمة اليمنية، إنه لم تلحق تلفيات بمبنى السفارة الذي يقع في منطقة حدة. وأضافوا أن ضربة جوية أصابت ميداناً عاماً على بعد نحو 700 متر من السفارة، وأن بعض الحجارة والشظايا سقطت في فناء السفارة.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، حسين جابر أنصاري، قد قال أمس الخميس، إن “طهران تدين بشدة قصف طائرات التحالف في اليمن للسفارة الإيرانية في صنعاء”، معتبراً في بيان للخارجية الإيرانية نشرته المواقع الرسمية، “أن هذا الأمر الذي وقع بعلم وتأييد الرياض (على حد قوله)، يعتبر انتهاكاً للقوانيين الدولية الخاصة بحماية البعثات الدبلوماسية”. واعتبر أن بلاده “تحتفظ بحق الدفاع عن حقوقها في هذه القضية”. كما عمدت طهران إلى تصعيد الموقف، معلنة منع دخول كل المنتجات السعودية أو المستوردة منها إلى الأراضي الإيرانية.

العزلة الخليجية لإيران

وتأتي خطوات الدول الخليجية الست، تضامناً مع السعودية، وإن كانت متفاوتة في شدّتها، بين قطع العلاقات وتخفيض التمثيل وسحب السفراء، توطئة للاجتماع الطارئ لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، غداً السبت، في الرياض، “لتدارس تداعيات حادث الاعتداء على سفارة المملكة العربية السعودية في طهران، والقنصلية السعودية في مدينة مشهد الإيرانية”، وفق الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبداللطيف الزياني، ولتنسيق المواقف الخليجية في هذا الشأن، قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في القاهرة بعد غدٍ الأحد، والذي تهدف السعودية، من الدعوة إليه، إلى توفير غطاء ودعم عربي للمواقف التي اتخذتها تجاه إيران.
واللافت أن البيانات الخليجية التي دانت، بشدة، اقتحام السفارة والقنصلية السعوديتين في طهران ومشهد، اتفقت على ضرورة كف يد إيران عن التدخّل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي، وزادت عليها الرياض، بدعوة إيران إلى التحوّل إلى “دولة طبيعية”، حسب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.

ومن غير المستبعد، وفق مراقبين، أن تتخذ جامعة الدول العربية قراراً، يتضامن مع السعودية ويدين التدخّلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وإن كان سيترك الباب مفتوحاً، لأن تتخذ كل دولة عربية ما تراه مناسباً، من قراراتٍ تجاه الأزمة المتصاعدة بين السعودية وإيران.

ومن الواضح أن التصعيد في العلاقات السعودية-الإيرانية، والخليجية -الإيرانية، أخيراً، سيؤدي، بالضرورة، إلى تجميد المبادرة التي طرحها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في سبتمبر/أيلول الماضي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وعرض فيها استضافة بلاده حواراً بين إيران ودول الخليج العربية، على الأقل في المدى المنظور.

وكان أمير قطر قد اعتبر أن الخلافات بين إيران ودول الخليج “سياسية إقليمية عربية إيرانية، وليست سنية شيعية، يمكن حلها بالحوار والاتفاق على قواعد تنظم العلاقات بين إيران ودول الخليج، على أساس عدم التدخّل في الشؤون الداخلية”.

التصعيد الحالي بين إيران ودول الخليج، الذي سيؤثر على جملة القضايا المشتعلة في المنطقة، وخصوصاً في سورية واليمن، والذي يأتي وسط دعوات التهدئة التي صدرت من أكثر من طرف دولي وإقليمي، وعروض الوساطة التي عرضتها أكثر من دولة، قد يجد طريقاً إلى التهدئة، خصوصاً إذا قامت سلطنة عمان، التي دانت الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، واعتبرته “عملاً غير مقبول”، بجهود لنزع فتيل الأزمة بين الطرفين. وكانت مسقط قد أكدت، في بيانها تعليقاً على الأزمة، “أهمية إيجاد قواعد جديدة، تُحرّم بأي شكل من الأشكال التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تحقيقاً للاستقرار”، وهو الشرط الذي تضعه دائماً دول مجلس التعاون، لإقامة علاقات حسن جوار مع إيران.

 

وبانتظار ما سيرشح عن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، غداً السبت، ووزراء خارجية الدول العربية في القاهرة بعد غد الأحد، فإن مسقط تبدو مؤهلة، في هذه اللحظة، أكثر من غيرها، للقيام بدور الوسيط لنزع فتيل الأزمة، وهي التي نجحت في هذا الدور في أكثر من ملف في المنطقة، أبرزها قضية البرنامج النووي الإيراني. وإلا فإن أول نتائج الأزمة الجديدة ستعود بالعزلة الكاملة خليجياً، اقتصادياً وسياسياً، وربما عربياً على إيران، وبمزيد من التصعيد في الأزمات المشتعلة في المنطقة.

أنور الخطيب

صحيفة العربي الجديد