أنقرة وتل أبيب.. لا مكان لأنصاف الحلول

أنقرة وتل أبيب.. لا مكان لأنصاف الحلول

81b4945b21a92cf7790cde44f82b3bfd
ما زال الجمود مخيما على العلاقات التركية الإسرائيلية التي تردت لأدنى مستوياتها بعد اعتداء قوة من البحرية الإسرائيلية على سفينة “مافي مرمرة” التركية، أثناء توجهها في مهمة إغاثية لقطاع غزةنهاية مايو/أيار 2010.

وكشفت تصريحات وزير الخارجية التركي الأخيرة بشأن إمكانية استعادة بلاده لعلاقاتها مع إسرائيلالنقاب عن صعوبة توصل الطرفين إلى “حل وسط”، يسهم في تجاوز عقدة الدم التركي الذي اختلط بماء المتوسط، بعد أن قتلت إسرائيل عشرة أتراك كانوا على متن السفينة.

وأعلن مولود جاويش أوغلو، أمام المؤتمر الثامن لسفراء تركيا، الذي عقد في العاصمة أنقرة الثلاثاء الماضي، أن اللقاءات مستمرة مع إسرائيل لتطبيع العلاقات، لكنه أوضح أن أنقرة لم تتوصل بعد إلى تفاهم مع تل أبيب، لأن الأخيرة لم تلب من الشروط التركية إلى الآن سوى شرط واحد.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد قدم الاعتذار عبر الهاتف لنظيره التركي رجب طيب أردوغان، حين كان رئيسا للوزراء في مارس/آذار 2013، لكن إسرائيل تلكأت بعد ذلك بتنفيذ الشرطين التركيين الآخرين لتطبيع العلاقات، والمتمثلين بدفع التعويضات لعائلات ضحايا السفينة، ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة.

الفرص ضعيفة
ووصف الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزغان فرص توصل تركيا إلى مصالحة تطبع علاقاتها بإسرائيل بـ”الضعيفة”، مشيرا إلى أن تركيا لا يمكنها التراجع عن شرط رفع الحصار عن غزة، في الوقت الذي تبدو فيه إسرائيل مصرة على مواصلة هذا الحصار.

وأضاف أوزغان للجزيرة نت أن حالة الدعم الغربي والدولي الذي تحظى به تل أبيب تجعلها في غنى عن “خطب ود تركيا”، وتقديم تنازلات بشأن الملف الفلسطيني لأجل استرجاع علاقتها بأنقرة.

وبخصوص المصلحة التركية لاستئناف العلاقات مع إسرائيل، قال أوزغان إن تركيا قد تلين شرطها الثالث المتعلق بحصار غزة دون الاستغناء عنه، لتحقيق “مصالح إجبارية” كالخروج من شعورها بالعزلة في مواجهة روسيا، ولا سيما بعد ابتعاد حلفائها الغربيين عنها على خلفية التباين في المواقف تجاه كثير من القضايا وعلى رأسها ملف ثورات الربيع العربي.

وأضاف أن جميع تلك العوامل تجعل تلاقي إسرائيل وتركيا في منتصف الطريق أمرا غير واقعي، “ولو حدثت مصالحة فستكون هشة وغير مدعمة وستؤول للانهيار سريعا”، وفق قوله.

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد قالت أواسط ديسمبر/كانون الأول الماضي إن تركيا وإسرائيل قد توصلتا إلى تفاهم يفضي لتوقيع اتفاقية من سبعة بنود، لا تشمل تحقيق الشرط التركي الثالث المتعلق برفع الحصار عن قطاع غزة، وهو الأمر الذي نفته تركيا مؤكدة أن الأمر لم يتجاوز مرحلة حوارات لم تصل إلى نتائج واتفاقات.

“المكاسب التركية من أي مصالحة مع إسرائيل لن تتجاوز تحسين قدرتها على التعامل مع الملف الفلسطيني، والتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة، حيث تطلب الأخيرة نقل إنتاجها من الطاقة إلى أوروبا عبر الأراضي التركية”

الضابط الفلسطيني
من جهته، قال الباحث في العلاقات الدولية بمركز ستا التركي أفق أولتاش، إن أي مصالحة تركية إسرائيلية وإن حدثت فلن تستمر طويلا، “لأن السلوك الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين يمثل المعيار الأساسي في ضبط علاقات الجانبين”.

واستبعد أولتاش في حديثه للجزيرة نت إمكانية عودة العلاقات التركية الإسرائيلية إلى ما كانت عليه في ظل حكم العسكر لتركيا في التسعينيات، موضحا أن “الفرق شاسع بين تركيا الجيش في التسعينيات وتركيا المدنية اليوم”.

وأشار الباحث التركي إلى أن المكاسب التركية من أي مصالحة مع إسرائيل لن تتجاوز تحسين قدرتها على التعامل مع الملف الفلسطيني، والتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة، حيث تطلب الأخيرة نقل إنتاجها من الطاقة إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.

واستبعد أولتاش تلبية إسرائيل للشروط التركية، خاصة شرط رفع الحصار عن غزة، قائلا إن تل أبيب تحاول التوازن بين اتجاه يرفض المصالحة على قاعدة عدم الحاجة لها، وآخر ينظر إلى المسألة بعين الاقتصاد لتصدير الطاقة.

وأكد أن الاتجاهين المتناقضين في إسرائيل يتفقان على رفض رفع الحصار عن غزة، مما يجعل تحقيق الشرط الثالث مستحيلا، وإن تحقق شرط تركيا الثاني المتعلق بتعويض عائلات ضحايا سفينة مرمرة.

خليل مبروك

الجزيرة نت