نفط يهوي واقتصاد يتباطأ .. ماذا بعد ؟

نفط يهوي واقتصاد يتباطأ .. ماذا بعد ؟

OIL

مفاجآت أسواق النفط مازالت تتوالى وبوتيرة عالية ، كان اخرها انهيار اسعار النفط الى مادون 30 دولارا للبرميل ، وهو سعر لم تشهده اسواق النفط منذ اكثر من 12 عاما ، اي بعد بدء الغزو الاميركي للعراق عام 2003.
لقد هوت اسعار خام برنت بشكل ملفت لتصل الى حاجز الــ29.46 دولار للبرميل ، في حين تراجع سعر سلة اوبك الى 25دولاراً للبرميل، بعد الحديث عن قرب رفع العقوبات الدولية عن النفط الايراني .
وعلى مدى عام ونصف العام ، بقي ضعف الطلب وتخمة لمعروض هي اهم العوامل في هبوط أسعار النفط الى هذه المستويات القياسية ، وهو كذلك يفتح الباب امام تراجعات مستقبلية للأسعار في ظل الظروف القائمة.
كما ذكرنا في مقالٍ سابق لن يكون لعودة النفط الايراني ، وزيادة امداداته دور في ارتفاع الاسعار مجددا، فالأسواق اليوم متخمة بالنفط ،في حين الطلب عليه ضعيف ، والاقتصاد العالمي يأن تحت وطأة التباطؤ وتراجع النمو كلها عوامل تلقي بتبعاتها على التجارة والاقتصاد في العديد من دول العالم .
وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية إلى تراجع سعر خام برنت في بورصة لندن للسلع بنسبة 9.2% في إشارة إلى أن الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية يمكن أن يدخل حيز التطبيق مع بدء تعاملات السوق الاثنين المقبل. ويقضي الاتفاق برفع العقوبات الدولية عن إيران بما يمهد الطريق أمامها لزيادة صادراتها النفطية.
وهنا لابد من التذكير بأهم الاسباب التي اسهمت في تراجع اسعار النفط الى هذا المستوى :
1- الحصة السوقية ، حيث تصر منظمة اوبك والتي تنتج ثلثي النفط العالمي على الابقاء على معدلات انتاج عالية ، للحفاظ على حصتها السوقية والتصدي للمنتجين غير تقليديين (النفط الصخري ) والابقاء على الحصة السوقية للمنتجين التقليديين و كبح جماح النفط الصخري .
2- تخمة المعروض حيث تفيض اسواق النفط بالمعروض النفطي منذ اكثر من عام ونصف العام وهو عمر بدء “حرب النفط ” بين المنتجين والتقليديين والمنتجين الجدد ، واعادة التوازن الى سوق النفط .
3- ضعف النمو في الاقتصادات الصاعدة نتيجة انخفاض الطلب على صادراتها (خصوصا الصين) قاد سريعا الى هبوط وارداتها من السلع الاساسية والنفط تحديدا وسط مخاوف بشأن خسائر سوق الأسهم الصينية.
4- عودة النفط الايراني بمعدل 500 ألف برميل إضافي في السوق بعد رفع العقوبات المفروضة عليها على خلفية برنامجها النووي.
5- انتاج النفط الصخري و سماح الكونغرس الأمريكي للشركات الأمريكية بتصدير النفط للخارج
وأشار تقرير لـ شركة “بي.بي”، أن “المعروض العالمي من النفط الذي فاق 2.1 مليون برميل في اليوم خلال 2014، سجل نمواً غير مسبوق”. وأرجعت هذه الزيادة، بشكل أساسي، إلى ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة بـ1.6 مليون برميل يومياً، مسجلة بذلك “أقوى نمو في العالم”، مشيرة إلى أنّ “هذه أول مرة يزيد فيها بلد إنتاجه النفطي بأكثر من مليون برميل يومياً”.
6- قوة الدولار الأمريكي تشكل خطرًا على أسعار النفط ، كما أشارت لذلك مؤسسة مورغان ستانلي حيث حذرت من أن قوة الدولار يمكن أن ترسل أسعار النفط إلى 20 دولارًا للبرميل.
ويمكن أن تستأنف إيران صادراتها النفطية إذا أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية امتثال طهران لإجراءات تقييد برنامجها النووي.
اذن اسواق النفط على موعد مع زيادة في المعروض وهو ما سينعكس على الاسعار العالمية ، وبالتالي سنشهد على الاغلب تراجعات في اسعار النفط في حال بقيت الاسباب التي ذكرناها سابقا ، وسيكون المتضرر الاكبر من هذا الدول المعتمدة على النفط بشكل كامل .
وهنا نشير الى ان الاقتصاد العالمي مقبل على أزمة اقتصادية عالمية في حال استمرت الظروف الحالية ، وقد يكون النفط احد محاور هذه الازمة ، ناهيك عن الازمة التي من المتوقع ان تفجر فقاعة الاقتصاد الصيني وبالتالي ستلقي بتبعاتها على العالم ككل .
وبحسب خبراء ستكون قارة اسيا مركز الازمة الاقتصادية المتوقعة ،انطلاقا من الصين ، ولن يكون هناك اي بلد بمعزل عن الازمة المتوقعة حيث يكون لها وقع ثقيل على الاقتصاد العالمي ، الا ان التأثير سيكون متفاوتا بين الدول .
الصراع داخل اسواق النفط يزداد ، والمنافسة تشد بين المنتجين ،وعودة المنتجين الى السوق، والاقتصاد العالمي يعاني من تباطؤ، وهناك دول تضررت من هذا الواقع ، وبطبيعة الحال العامل السياسي حاضر بقوة في المشهد الحالي ،وهنا نعود للتأكيد على محورية الربع الاول للعام الحالي ، وهي مرحلة مهمة لتحديد افاق المستقبل لأسعار النفط والاقتصاد العالمي .

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية