تسييل الأموال الإيرانية المجمدة يُنعش الحرس الثوري ولا فوائد كبيرة على الاقتصاد

تسييل الأموال الإيرانية المجمدة يُنعش الحرس الثوري ولا فوائد كبيرة على الاقتصاد

الحرس الثوري الإيراني

تحاول إيران الخــــــروج من أزمتها الاقتصادية الخانقة من خلال الاستفادة من رفع العقــــوبات الدولية التي تطمح بأن تؤدي بها إلى الدخول مجدداً في سوق النفـــط العالمي،إضافة إلى الاندماج في عمليات التبادل التجارية الدولية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، والإفراج عن أموالها المجمدة منذ عدة سنوات بقرار من وزارة الخزانة الأمريكية.
ويأتي رفع العقوبات الدولية عن إيران في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد في البلاد وضعاً صعباً بسبب العقوبات الدولية المفروضة على البلاد منذ العام 2007، وتكاليف الحرب في سوريا التي تورطت فيها إيران منذ العام 2011، إضافة إلى تكاليف الحرب في اليمن ودعم الحوثيين الذين يكبدون إيران أيضاً تكاليف ضخمة.
ويعاني الاقتصاد الإيراني من وضع صعب، حيث سجل العام الماضي انكماشاً بنسبة طفيفة بدلاً من تحقيق النمو، فيما ازدادت رقعة الفقر في البلاد ليتبين بأن 16 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، وأن نسبة التضخم تجاوزت الـ10.8٪ وهو ما يعني ارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية التي يحتاجها الإيرانيون.
الأموال المجمدة

وأعلن البنك المركزي في إيران أن طهران ستستعيد 32 مليار دولار من أموالها المجمدة في المصارف الدولية بعد أن تم رفع العقوبات الاقتصادية والمالية عن البلاد، مشيراً إلى أن 28 ملياراً من هذه الأموال سيتم إيداعها في حسابات تابعة لإيران لدى المصارف الأجنبية، بينما سيتم إضافة أربع مليارات إلى خزينة الدولة لسد احتياجات الإيرانيين.
لكن مصادر أجنبية تحدثت عن أن الأموال الإيرانية المجمدة تفوق هذا المبلغ بكثير وربما تتراوح بين 50 مليار و100 مليار دولار أمريكي.
وذكر تقرير لوكالة (APA) الأمريكية أن إيران سوف تصبح قادرة اعتباراً من الآن على التصرف بأصولها المجمدة في الولايات المتحدة والتي تبلغ قيمتها 50 مليار دولار، ونقلت عن مسؤول أمريكي في نيويورك قوله: «إيران ستكون قادرة على الوصول والتصرف بالأصول المالية المجمدة منذ سنوات في أمريكا».
أما جريدة «واشنطن بوست» الأمريكية فقالت إن الأموال الإيرانية المجمدة التي سيتم تسييلها وإعادتها إلى إيران تصل إلى 100 مليار دولار.
كما سيتم السماح لإيران باستخدام النظام المصرفي العالمي (SWIFT) في إجراء التحويلات البنكية ومن أجل التسهيل على الشركات والمستثمرين لدخول السوق الإيرانية.
وتقول «واشنطن بوست» إنه يسود الاعتقاد بأن مرشد الثورة الإيرانية يتحكم بصورة مباشرة في ما بين 20٪ إلى 40٪ من الاقتصاد في إيران، بينما ذكر تقرير آخر أن الأموال المجمدة تعود في أغلبها للحرس الثوري الذي سيستفيد من عودة هذه الأموال إلى إيران.
واستعرضت جريدة «الغارديان» البريطانية الفوائد التي سيجنيها الاقتصاد الإيراني من رفع العقوبات الغربية عنه، حيث أشارت إلى أنه -إي الاقتصاد- يحتاج إلى استثمارات أجنبية تتراوح قيمتها بين 30 مليار و50 مليار دولار خلال العام الحالي من أجل تحقيق نمو اقتصادي في البلاد بنسبة 8٪، وهو ما يطمح الإيرانيون لتحقيقه بالفعل في ظل رفع العقوبات الغربية. وتستعد إيران للعودة السريعة إلى سوق النفط العالمي، حيث تعتزم البدء بتصدير النفط إلى أوروبا اعتباراً من منتصف الشهر المقبل، بحسب ما نشرت جريدة «وول ستريت جورنال» الاقتصادية الأمريكية التي كشفت أن إيران ستبدأ تصدير أكثر من مليون برميل نفط يومياً إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وكانت إيران قالت إنها ستبدأ تصدير 500 ألف برميل يومياً فور رفع العقوبات عنها، على أن يرتفع التصدير إلى مليون برميل خلال الشهور الثلاثة اللاحقة، لكن مسؤولين في «الشركة الوطنية الإيرانية للنفط» قالوا لــ«وول ستريت جورنال» إن البلاد ستبدأ فوراً بتصدير مليون برميل يومياً.
وبينما يتوقع الكثير من المراقبين أن تتمكن إيران من الحصول على إيرادات جيدة من العملة الصعبة بفضل تصدير النفط، فان محللاً اقتصادياً قال لـ«القدس العربي» إن الإيرانيين لن يستفيدوا كثيراً على الصعيد المالي من العودة إلى سوق النفط، وإنما فقط يهدفون إلى استعادة حصتهم من السوق.
ولفت إلى أن إيران كانت خلال السنوات الثماني الماضية تبيع النفط في السوق السوداء بأسعار أقل من السعر العالمي، لكن السعر العالمي كان يتراوح في ذلك الوقت بين 80 دولاراً و115 دولاراً، ما يعني أن إيران كانت في السوق السوداء تبيع نفطها المهرب بأعلى من أسعاره في السوق الرسمية حالياً والتي هوت مؤخراً إلى ما دون الثلاثين دولاراً للبرميل.
وبحسب المحلل فان سعر البرميل في السوق اليوم أقل مما كانت تبيعه إيران في السوق السوداء مهرباً قبل عامين أو ثلاثة أعوام من الآن، وهو ما يعني أن الفائدة الاقتصادية الوحيدة التي ستجنيها إيران من رفع العقوبات عنها هو العودة إلى السوق واستعادة حصتها السوقية فقط، وليس تحقيق المزيد من الدخل ومن إيرادات العملة الصعبة