ثمار الاتفاق النووي الإيراني

ثمار الاتفاق النووي الإيراني

1981286
تأتي زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني الاوربية الى ايطاليا وفرنسا نتيجة حتمية وواقعية الى ما اتفق عليه في حثيات الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين إيران ودول(5+1) الذي بموجبه تم رفع العقوبات الاقتصادية والسياسية على إيران والذي امتدت زهاء السنتين ليحقق مفهوما جديدا سعت اليه الحكومة الإيرانية لتبدأ حوارا شاملا لحل العديد من مشاكلها مع العالم وليشكل منعطفا جديدا في علاقات ايران مع الدول الاوربية وانفتاحا لأيجاد حلول واقعية لحل العديد من المشاكل التي كانت تطوق السياسة الايرانية .
واعتبر المسؤولين الايرانيين الاتفاق النووي وحسب ما جاء على لسان الرئيس روحاني انه(استجابة من الله لدعواتنا وصلواتنا ) وبنهاية الامر فان الجميع اتفق على مراعاة الجانب الاقتصادي والحفاظ على مصالحهم الاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط وفيه تمكنت ايران من الموافقة على استعادة المبالغ الطائلة من مليارات الدولارات التي كانت محجوزة بفعل العقوبات الاقتصادية والبالغة(120) مليار دولار امريكي الى خزينتها ومعالجة اقتصادها المتدهور والبدأ بسياسة التنمية والاصلاح الداخلي ومعالجة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الايراني .
وتوجهت المصالح الاوربية الى مغازلة الايرانيين ومؤسساته الاقتصادية وتوجه العديد من الوفود الاقتصادية والحكومية الاوربية الى طهران او من خلال الاتصالات السياسية المباشرة والهاتفية لبدأ صفحات جديدة من العلاقة الاوربية مع ايران ودعوتها للمجتمع الدولي وابقاء تأثيرها الاقليمي في منطقة الخليج العربي والشرق الاوسط .
ومن هنا نستطيع أن نقرأ حيثيات واسباب وموجبات الزيارة التي قام بها الرئيس الايراني الى فرنسا وايطاليا في الخامس والعشرين من كانون الثاني 2016:
1.ان الزيارة تمثل حدثا مهما في الدبلوماسية الايرانية حيث تأتي في ظل انقطاع دام أكثر من عشر سنوات لأخر زيارة قام بها رئيس ايران محمد خاتمي الى ايطاليا في اذار عام 2005 ولفرنسا في تشرين الاول من العام نفسه .
2.أعطت انطباعا مهما وواقعيا لنتائج الاتفاق النووي الذي وقعته ايران مع دول (5+1) والذي شكل بموجبه رفع للعقوبات الاقتصادية والسياسية على طهران والبدء بصفحة جديدة في العلاقات الدولية .
3.ان الزيارة تشكل محطة رئيسية ومهمة للسياسة الايرانية والتي ابتدأتها على الساحة الاوربية في اشارة واضحة المعالم والدلائل على ان من كان وراء ابعادها على الساحة الدولية وتجميد علاقتها الاقتصادية والسياسية مع العالم هي من ابتدأت بها طهران عودتها للعالم وهذا يشكل حالة ايجابية لهم ويعتبرها المسؤولين الايرانيين احد ثمار الاتفاق النووي .
4.اعادة اللحمة للعلاقات الاقتصادية المهمة التي كانت تربط ايران بعواصم الدول الاوربية ومثال هذا ما كان عليه حجم التبادل التجاري بين فرنسا وايران عام 2004 الذي بلغ (4) مليار يورو وانخفض الى (500) مليون يورو في عام 2013 بسبب العقوبات الاقتصادية على ايران .
5.استخدام خطاب سياسي معتدل للإيرانيين كان السمة والبارزة في الزيارة لأثبات حسن نوايا الايرانيين تجاه العالم وهذا الامر واضح انه تكتيك سياسي لا يخفى على الأوربيين ولكن الضرورات الدبلوماسية تجعل منه واقعا مفروضا في العلاقات الدولية .
6.ان الغرب يسعى الى تعزيز قدراته الاقتصادية وتوسيع مصالحه المالية في منطقة الشرق الاوسط ، وايران تشكل له بوابة كبيرة وصفحة مهمة في تعزيز تواجده في المنطقة والحفاظ على مصالحه الاستراتيجية فيها .
7.عززت هذه الزيارة أحد النقاط المهمة في الاتفاق النووي والذي بموجبه تم رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من قبل الاتحاد الاوربي وانفتاح المساهمين والشركات الاوربية للعمل في طهران وتشجيع الاستثمارات المالية والمشاريع الاقتصادية التي تسهم في تحسين الاقتصاد الايراني .
النتائج والثمار الاقتصادية من الزيارة :
1.توقيع اتفاق بين المجموعة الفرنسية لتصنيع السيارات (بي أس أ) بيجو ستروين بقيمة (400) مليون يورو على مدى (5) سنوات مع طهران .
2.اعتماد شركة مشتركة بين (بيجو-خودرو) الايرانية تقوم بتصنيع السيارات الفرنسية من طراز بيجو بأنواعها(208،2008،301) اعتبارا من الفصل الثاني من عام 2007 وبواقع (200) الف سيارة سنويا والاشراف على الانتاج الحالي لمصنع (خودرو) الواقعة غرب طهران وبأشراف خبراء ومهندسين فرنسيين في صناعة السيارات ).
3.توقيع اتفاق لشراع (118) طائرة نقل نوع ايرباص لتحسين واقع الاسطول الجوي الإيراني وبقيمة (10.5) مليار يورو وهذا ما اكده وزير الطرق وبناء المدن الإيراني (عباس أخوندي) على ان الصفقة شملت شراء (45) طائرة ايرباص نوع 320 (45) طائرة نوع 330 و(16) طائرة نوع 350 و(12) طائرة نوع 380 العملاقة وتبدأ عملية التسليم من اذار عام 2016 وتستمر (8) سنوات .
4.المباشرة بتوقيع اتفاقية لشراء (40) طائرة من مجموعة (آ.تي.أر) الفرنسية وعلى ان يتم في العاصمة الايرانية طهران وبحضور ممثلي الشركة الفرنسية وهي طائرات تعزز الاسطول الجوي الايراني للنقل .
5.توقيع اتفاقات تجارية واقتصادية بين ايران وايطاليا بقيمة (17) مليار يورو وجاء هذا الاعلان في المنتدى الاقتصادي الايراني الايطالي في العاصمة (روما) وبحضور عدد كبير من المستثمرين ورجال الاعمال الايطاليين وتحدث فيه الرئيس الايراني قائلا :(ايران البلد الاكثر أمنا واستقرارا في منطقة الشرق الاوسط الان ) .
6.وفي المنتدى (الفرانكو -الايراني ) الذي عقد في مقر اتحاد (ميديف) بالعاصمة الفرنسية قال الرئيس روحاني وبحضور رئيس وزراء فرنسا( مانويل فالس ) ان الايرانيين (على استعداد لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين واليوم جئنا للترحيب بالمستثمرين ورجال الاعمال الفرنسيين ودعوتهم للعمل في ايران ) .وفي كلمة جوابية لرئيس وزراء فرنسا قال :(اننا نسعى لشراكة طويلة الامد ) .
7.اعادة الاستثمار في مجالي حقول الغاز والنفط والتنقيب عنهما والمباشرة باستخراجهما والاستفادة من تصديرهما والانتفاع من المنتوجات النفطية التي تصاحب عملية الاستثمار في مجال الطاقة وسيكون للشركات الفرنسية مكانا بارزا في هذه العمليات .
ان هذه الزيارة والخطاب السياسي الذي جاءت به والاتفاقات الاقتصادية التي وقعت وبأموال كبيرة والدعوة للاستثمار في ايران كلها عوامل تحاول فيها ايران استخدام خطاب سياسي معتدل وهو اعتدال مزيف وشكلي ومتناقض مع السياسة الايرانية القائمة على الارض في العراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان والغرب يعلم هذا ولكنه يسعى لتعزيز مصالحه الاقتصادية والحفاظ على مكانته في منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي .

وحدة الدراسات الإقليمية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الأستراتيجية