حصار الموصل بين تنظيم الدولة والتحالف الدولي

حصار الموصل بين تنظيم الدولة والتحالف الدولي

العراق-الموصل-داعش
تعيش مدينة الموصل وضعا مأساويا وحصارا اقتصاديا كبيرا وصورة قاتمة من المكابدة والمعاناة اليومية في مواصلة الحياة في مدينة هي ثاني أكبر مدن العراق، حيث يقطنها أكثر من (2) مليون نسمة يشكلون تعداد محافظة نينوى والعوائل التي نزحت من مدن واقضية محافظتي الانبار وصلاح الدين هربا من العمليات العسكرية أو بفعل ما اقترفته المليشيات المسلحة بحقهم من قتل وتدمير وحرق لدورهم ومزارعهم وممتلكاتهم وتهجير قسري للعديد منهم.
ومازال تنظيم الدولة يحكم سيطرته بصورة محكمة وتامة على المدينة وجميع مرافق الحياة فيها وأصبح الناس يعانون التدخلات والتجاوزات على حياتهم والتي تتم وفق برنامج ممنهج ومنظم لإيقاع الاذى بهم وبتراثهم وحضارتهم ومبانيهم وبكل شيء جميل في المدينة ، كل هذا كان استكمالا لما كان يعانيه اهل الموصل قبل 9حزيران 2014 من نهج حكومي متعمد يعتمد على سياسات طائفية مستفزة تقوم على الاذلال والايذاء .
ونلاحظ في الايام الاخيرة اشتداد صور المواجهة من قبل قيادة التحالف الدولي وطائراتها المقاتلة وضرباتها الجوية على مدينة الموصل والاقضية التابعة لمحافظة نينوى واحكام السيطرة على طرق الامدادات والمواصلات بين سوريا والعراق ابتداء من مدينة الرقة السورية وانتهاء بمدينة الموصل العراقية ، ما انعكس سلبا على حياة المواطنين وزاد من معاناتهم وقسوة معيشتهم وكساد حياتهم الاقتصادية وانعدام النقد والمال في المدينة وشحة الادوية والمستحضرات الطبية وندرتها وانعدام الادوية الخاصة بكبار السن وصعوبة العلاج والمداواة بسبب الاسعار المفروضة من قبل مسؤولي تنظيم الدولة على المواطنين في اثناء مراجعتهم للمستشفيات والمراكز الصحية التي تفتقد لأبسط مقومات العامل الصحي الوقائي .
ويمكن لنا ان نسجل وبدقة واضحة ما تعانيه مدينة الموصل من مشاهد واحداث داخلية وواقعية تستصرخ بها الضمير الانساني العالمي والاسلامي والعربي وهي أسيرة للوضع المفروض عليها وعلى أهلها بالقوة والسلاح والقتل والتدمير .
1.تعاني المدينة شحة كبيرة في المواد الغذائية وارتفاع اسعارها وغياب الكثير من المواد الضرورية للحياة، مع زيادة في اسعار البقوليات والخضراوات حيث أصبح سعر الكيلو الواحد من هذه المواد ب (4) الاف دينار عراقي وهذا يمثل عبئا ثقيلا على مواطني المدينة، ويصعب فيه الحصول على قوت أهله .
2.ارتفاع اسعار الوقود والمحروقات ورداءة المادة المستعملة للتدفئة واهالي المدينة يعانون وضعا مأساويا بسبب سوء الاحوال الجوية وموجة البرد القارصة التي تعيشها المنطقة بشكل عام وصعوبة الحصول على هذه المواد لارتفاع اسعارها .
3.انقطاع مياه الشرب عن المدينة لفترة طويلة تتجاوز (20) يوما اذ لا يمكن للعائلة الحصول على المياه الصالحة للشرب الا كل ثلاثة اسابيع وبواقع (ساعتين) فقط اذ يتم خلالها الحصول على المياه وتخزينها وعند النفاد يستخدم افراد العائلة الطرق البدائية في الحصول على المياه من ضفاف نهر دجلة الذي يتوسط المدينة ، والسبب يعود لعطل شبكة المياه الرئيسية بسبب القصف الجوي لها وعدم التمكن من تصليحها .
4.احكام غلق المنافذ حول المدينة ومنع مغادرة الاهالي الا بأذن خاص من المحاكم الشرعية مع وجود كفيل ضامن لمن يريد المغادرة وتسليم سندات احد املاكه لدى المحكمة ومصادرتها اذا لم يعد الشخص الى داره او مدينته بعد اسبوعين من المغادرة .
5.تعاني المدينة بطالة وكسادا اقتصاديا كبيرا وانعدام التبادل التجاري بسبب توقف نشاط القطاع الخاص وشلله بعد الضربات الجوية التي طالت طرق الامدادات والمواصلات عبر الحدود العراقية-السورية ما انعكس سلبا على طبيعة الاسواق المحلية التجارية في المدينة وانعدام وجود المواد الاستهلاكية التي يحتاجها المواطن .
6.عدم وصول الرواتب الشهرية لعموم موظفي الدولة الموجودين بالمدينة وانقطاعها لأشهر عديدة ما ولد وضعا اقتصاديا صعبا وضائقة مالية واجتماعية لدى شريحة كبيرة من اهالي المدينة وهم الموظفون والعاملون في الدوائر والمؤسسات الحكومية وهذا شكل ظلما وتعسفا من قبل حكومة بغداد اسهم في تعزيز صورة الظلم الذي تعيشه المدينة وأهلها التي تتحمل تبعات الوضع المأساوي الذي عانته بعد احداث التاسع من حزيران عام 2014 .
7.استمرار المضايقات واساليب العنف التي يتبعها المقاتلون في علاقاتهم مع سكان المدينة وبلغت حدتها في اعتقال المواطنين والتشديد عليهم وتنفيذ احكام الاعدام والقتل بالعديد منهم وزرع الخوف والفزع بين اهالي المدينة واستمرار عمليات المداهمة والقاء القبض على المخالفين لهم وغير المتعاونين معهم .
8.استمرار جمع الاتاوات وجباية الاموال من الاهالي والمحلات والمكاتب التجارية والاسواق المحلية بحجة دعم المقاتلين واستحقاق الزكاة والمخالفين يعرضون انفسهم للاعتقال، ما زاد في صور التذمر والمعاناة التي يعيشها الاهالي خاصة وانهم يعيشون وضعا ماليا قاسيا .
9.امتناع ابناء المدينة وشبابها عن الالتحاق بصفوف تنظيم الدولة بعد ان لمسوا حقيقة الاساليب القمعية المتبعة من قبله والفكر الجامد المتشدد الذي يعتمده بالرغم من محاولات مقاتلي التنظيم في اللقاء بهم واستخدام المساجد لتوعيتهم وتسويق افكار التنظيم في عقولهم .
10.يعاني التنظيم حاليا مشكلة رئيسية تؤثر على فاعليته العسكرية بافتقاده للحواضن القتالية التي كانت تدعمه بسبب اضعافه دور الرموز العشائرية والاجتماعية في المدينة .
11.توسيع دائرة التنظيم وامتداداته من خلال زرع الخوف في نفوس المواطنين من سيطرة الدولة على المناطق التي استحوذ عليها التنظيم وبث فيها الرعب بسبب الاساليب التي تتبع بعد دخول المليشيات او الحشد الشعبي للمناطق التي ينسحب التنظيم منها .
12.انحسار وجود التنظيم وتأثيره في المناطق التي سيطر عليها بسبب ديمومة تلقي الصدمات واستمرارها من قوات التحالف الدولي وقيام التنظيم باستبدال مقراتهم ومواقعهم التي استخدموها في بداية دخولهم تحسبا من الضربات الجوية والابتعاد عن التواجد في الاماكن العامة واتباع سياسة الاختفاء عن الانظار وتجنب لقاء الاخرين .
13. اتباع قيادات التنظيم اساليب امنية جديدة في الحفاظ على عناصره ومقاتليه بعد عدة عمليات استهدفت كوادره داخل المدينة وشملت مواقعهم واماكن تدريبهم وتوجيه عناصر التنظيم بعدم استخدام السيارات ذات الدفع الرباعي في تنقلاتهم خاصة في اثناء المواجهات العسكرية وعدم الخروج بارتال عسكرية كبيرة خوفا من استهدافهم من قبل طيران التحالف الدولي .
ان الاوضاع الانسانية المأساوية في مدينة الموصل وما يعانيه مواطنوها من قسوة الظروف المعاشية وانعدام ابسط مقومات الحياة الحرة الكريمة وشحة المواد الغذائية وانعدام المياه الصالحة للشرب وندرة الادوية والمستحضرات الطبية وافتقار المستشفيات لأبسط مستلزمات العلاج اليومي ، ينذر بتحول المدينة وأهلها الى كارثة انسانية كبيرة وصور مؤلمة مفجعة نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض عليها الان والذي يؤدي بالنهاية الى الموت الممنهج اليومي نتيجة فقدان الادوية والاغذية .

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية