أوباما يعمق جراح شركات النفط الأميركية

أوباما يعمق جراح شركات النفط الأميركية

شركات النفط الأمريكية

لم ينتظر أصحاب شركات الطاقة الأميركية والنواب الجمهوريون في الكونغرس طويلا ورفضوا مقترح الرئيس باراك أوباما بزيادة ضريبة قيمتها 10 دولارات على برميل النفط الواحد.

وهدد رجال الأعمال والنواب بإحباط ما وصفوها بالفكرة السخفية، في وقت تعاني فيه البلاد من انعكاسات أزمة النفط كبقية الدول المنتجة وخاصة الدول الأعضاء في منظمة أوبك، أكبر المتضررين من الهبوط الحاد في أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية.

وبينما قال ويب ستيف سكاليس، زعيم الجمهوريين في مجلس النواب على تويتر، إن “اقتراح أوباما أسوأ أفكاره حتى الآن”، هاجم المتحدث باسم رابطة النفط الأميركية المستقلة، نيل كيربي الخطة قائلا “في حين تعاني شركات النفط من أسوأ أزمة مالية خلال 25 عاما، فمن غير المعقول فرض المزيد من الأعباء على هذه الصناعة”.

ورجح المراقبون فشل خطط أوباما، حيث سيصطدم بعناد الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وخاصة مع ضبابية وضع السوق المرتبط أساسا بقرارات أوبك.

وكان البيت الأبيض قال، الثلاثاء الماضي، إن أوباما، الذي يريد استغلال عوائد الضريبة التي قد تبلغ قرابة 32 مليار دولار سنويا لزيادة الاستثمارات في مشروعات وسائل النقل النظيفة، سيعلن عن هذا الإجراء خلال عرضه ميزانية سنة 2017 أمام الكونغرس الأسبوع المقبل.

ويأتي المقترح في وقت تشهد فيه أسعار النفط تراجعا غير مسبوق، إذ انخفض سعره الشهر الماضي إلى أقل من 30 دولارا للمرة الأولى منذ 13 عاما. وقد تكون له تبعات أيضا على الشركات المنتجة للنفط الصخري.

وتراجعت أسعار النفط بنسبة 75 بالمئة منذ منتصف 2014، في حين أدت زيادة في المعروض، نتيجة إغراق النفط الصخري الأميركي السوق، إلى تراجع التكاليف.

وسيسهم مقترح أوباما إن تمت الموافقة عليه في الكونغرس، بحسب المحللين، بنسبة 50 بالمئة في تطوير وسائل النقل الصديقة للبيئة عبر تشجيع المستثمرين على ابتكار التكنولوجيات النظيفة وتطوير البنية التحتية المقدر قيمتها بأكثر من 300 مليار دولار.

ويقف وضع السوق النفطي المتذبذب إلى جانب الدول المتضررة، إذ حذرت مجموعة من الخبراء من أن النفط الرخيص يعرقل تطوير تكنولوجيات صديقة للبيئة لا سيما في ما يتعلق بقطاعي السيارات والتشييد.

ومن شأن زيادة الضريبة الجديدة أن تعمل على خفض معدلات استهلاك الوقود وبالتالي التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالتغير المناخي العالمي، فضلا عن الحد من الاختناقات المرورية.

لكن منتقدي هذه الضريبة يرون أنه في حال اعتمادها ستتسبب في مشكل حقيقي لشركات الطاقة العملاقة، والتي تكبدت خسائر دفعتها إلى تقليص مشروعاتها الاستثمارية العام الماضي ووصل بالبعض منها إلى حد تأجيلها، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.

وذكرت مؤسسة موديز إنفستورز سيرفس للتصنيف الائتماني، الأربعاء، أن عدد الشركات الأميركية وخاصة في مجال الطاقة، التي تواجه خطر الإفلاس يقترب من مستويات عالية لم يقترب منها منذ وصوله إلى مستوى قياسي خلال الأزمة المالية في 2008.

وقالت إن صناعة الطاقة الأميركية تتعثر في ظل انخفاض أسعار النفط إلى مستوى قياسي، ما أدى إلى وصول عدد الشركات الحاصلة على أقل تصنيف ائتماني إلى 264 شركة حتى فبراير 2015 في حين كان أعلى مستوى وصل إليه هذا الرقم 291 شركة في أبريل 2009.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء الاقتصادية عن جوليا شورسين المحللة في مؤسسة موديز، إن “أغلبية الشركات المنضمة حديثا إلى قائمة الشركات ذات التصنيف المنخفض جاءت من قطاع النفط والغاز ثم المعادن والتعدين والكيمائيات والفحم”.

وشهد الشهر الماضي فقط انضمام حوالي 20 شركة إلى هذه القائمة أغلبها يعمل في قطاع الطاقة مثل كلايفس ناتشورال ريسورسز ودبليو أند تي أوف شور.

وكانت الشركة البريطانية الهولندية “شل” قد أعلنت قبل أشهر عن تعليق عمليات التنقيب في ألاسكا، والذي سيكبدها هذا القرار خسائر قد تصل إلى ملياري دولار.

ووجدت شركة بي إتش بي بيلتون، أكبر مجموعة شركات للتعدين في العالم، نفسها في موقع محرج بعد شطب 7.2 مليار دولار من أصولها للنفط الصخري في الولايات المتحدة بعد تضرر أصولها بمقدار 5 مليار دولار.

وشهدت أسعار النفط تقلبا حادا منذ بداية العام ولا سيما هذا الأسبوع بعد أن تصادمت سلسلة من المؤشرات المتفائلة مثل هبوط الدولار واحتمال إجراء محادثات لخفض الإنتاج، مع تقارير تبعث على التشاؤم عن وصول مخزونات الخام الأميركية إلى مستوى قياسي وارتفاع الإنتاج وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

وقفزت مخزونات الخام الأميركية 7.8 مليون برميل الأسبوع الماضي إلى 502.7 مليون برميل وزادت مخزونات البنزين إلى مستوى قياسي، إذ ارتفعت من 5.9 مليون برميل إلى 254.4 مليون برميل.

وأمام تدحرج أسعار النفط تجد أغلب الدول المنتجة للنفط نفسها مضطرة لاتخاذ تدابير قاسية تترجم خاصة بزيادة أسعار الوقود، لكن واشنطن لم تقم بأي تعديل في هذا الشأن منذ زمن، إذ تستقر الضريبة الفيدرالية على البنزين، على سبيل المثال، عند مستوى 18.4 سنت للغالون الواحد منذ 1993، وهي الأدنى مقارنة بباقي الدولة الصناعية.

وكان الكونغرس قد اتخذ في أواخر يوليو الماضي تدابير مؤقتة لمدة 3 أشهر بشأن أسعار البنزين، وذلك للمرة الـ35 منذ 2009.

صحيفة العرب اللندنية