زيارة ميركل لتركيا.. أهداف وتوقعات

زيارة ميركل لتركيا.. أهداف وتوقعات

ألمانيا وتركيا
مع استمرار تفاقم أزمة النازحين السوريين، قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بزيارة رسمية للعاصمة التركية أنقرة أول أمس الاثنين، وكانت أزمة النازحين السوريين على رأس مباحثاتها مع سياسيين ومسؤولين أتراك على رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.

وتباينت آراء محللين أتراك وسوريين مقيمين في تركيا إزاء النتائج المتوقعة من الزيارة، وإن كانوا أجمعوا على أهميتها.

وعقب لقائه بميركل أعلن أوغلو أن تركيا وألمانيا ستتعاونان -عبر منظمتي إغاثة من الجانبين- على تقديم مساعدات عاجلة للنازحين العالقين على الحدود التركية السورية.

كما أشار الناطق باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش إلى أن نحو مئتي ألف سوري يتوجهون بشكل فعلي نحو الأراضي التركية، لافتا إلى أن “السيناريو الأسوأ المتوقع هو ارتفاع عدد النازحين إلى نحو 600 ألف”.

وأكد كورتولموش أن أولوية حكومة بلاده هي استضافة هؤلاء النازحين خارج حدود تركيا، وتقديم كافة أنواع الدعم لهم في المخيمات التي تم إنشاؤها على الجانب السوري.

من جانبها، أبدت ميركل استعداد بلادها للقيام بما يجب عليها حيال أزمة اللاجئين، وقالت إنها “ستكثف تعاونها مع الجانب التركي للقضاء على جريمة الاتجار بالبشر“.

تباين
وقال الخبير في سياسات الهجرة واللجوء سلمان سليم للجزيرة نت إن ميركل تسعى لاستعمال تركيا كمنطقة عازلة لإبعاد اللاجئين عن دول الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن هذا “لن يكون سهلا، لأن مسألة الأمن الحدودي صعبة ومعقدة، وتركيا غير قادرة على تحمل هذه الأعباء بمفردها”.

ولفت سليم إلى أن أخبارا متداولة تقول إن الاتحاد الأوروبي يريد استخدام الأموال التي سيقدمها لتركيا في مشاريع خاصة باللاجئين تخدم مصالحه في المرتبة الأولى، وهو ما رفضته أنقرة وفق قوله.

من جانبه أشار المتخصص في السياسة الألمانية أحمد أتيلا إلى أن تكرار زيارات ميركل لتركيا في الآونة الأخيرة يعكس نظرتها لأنقرة كشريك في حل أزمة اللاجئين، وفق تصوره.

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر أتيلا أن هذه الزيارات ستلفت انتباه الرأي العام العالمي تجاه ملف اللاجئين، “وهو ما يعني إمكانية تحسين ظروفهم وتفادي موجات لجوء جديدة في المستقبل”.

أما الناشطة السورية نجلاء الشيخ فترى أن من حق الحكومة التركية حماية أراضيها والتصرف بحذر تجاه فتح أبوابها أمام موجة النزوح الجديدة، لكنها أكدت للجزيرة نت أن تركيا لم تغلق معابرها أمام الحالات الإنسانية.

وتوقعت نجلاء -المقيمة في كيليس- أن تكون زيارة ميركل قد حملت خططا لاستقبال جزء من النازحين الجدد في بلادها، لافتة إلى أن تركيا “تسعى للضغط على أوروبا بملف اللاجئين لإقامة منطقة عازلة في سوريا“.

مخاوف
أما المحلل السياسي المعارض جسور خان طاش فيرى أن ألمانيا تسعى لاستقبال عدد قليل جدا من اللاجئين بعدما أثارت موجة النزوح الجديدة مخاوف لدى الدول الأوروبية، وغيرت الظروف التي قبلت فيها تركيا المنحة الأوروبية، وهو ما سيدفع أنقرة للمطالبة بمساعدات أكبر.

وأضاف طاش للجزيرة نت أن “إنهاء أزمة اللاجئين بحاجة إلى اتفاق بين القوى الدولية على إنهاء الصراع في سوريا بشكل نهائي”.

من جهته وصف اللاجئ السوري وليد محمد هذه الزيارة بأنها ابتزاز ثنائي لتحقيق مصالح تركيا وألمانيا على حساب اللاجئين، معربا عن أسفه لما آلت إليه أزمة اللاجئين بسبب عدم الجدية في حلها.

وأضاف محمد أن “اللاجئين في تركيا لا يريدون هبات مالية، بل تطبيقا فعليا للإصلاحات التي تزعم الحكومة التركية أنها سنتها لصالح السوريين، ومنحنا إقامات وإذن عمل وفرص معادلة شهاداتنا لنحظى بفرص عيش كريم”.

وتستضيف تركيا نحو 2.5 مليون لاجئ سوري، وتقول مصادر أوروبية إن نحو مليون لاجئ وصلوا الدول الأوروبية العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى ثلاثة ملايين بحلول العام 2017 إذا لم تتخذ التدابير اللازمة.

وأبرم الاتحاد الأوروبي أواخر العام الماضي اتفاقا مع تركيا تحصل بموجبه على ثلاثة مليارات يورو لتحسين أوضاع اللاجئين على أراضيها، واستئناف محادثات انضمامها إلى الاتحاد، وإعفاء مواطنيها من تأشيرات دخول بلدانه، مقابل القيام بالحد من تدفق اللاجئين على دوله.

وسيمة بن صالح

الجزيرة نت