أسعار النفط تتراجع وإيران تنافس بخفض الأسعار

أسعار النفط تتراجع وإيران تنافس بخفض الأسعار

اسعار النفط وإيران

تراجعت أسعار النفط أمس متأثرة بارتفاع مخزون الخام الأميركي إلى مستوى قياسي ومخاوف في شأن آفاق الطلب، وتوقعات «بنك غولدمان ساكس» بأن الأسعار ستظل منخفضة ومتقلبة حتى النصف الثاني من السنة. وفي علامة على استمرار تنافس المنتجين على الحصة السوقية عرضت إيران خامها المتجه إلى آسيا بخصم عن منافستها السعودية.

وهبط خام «برنت» في العقود الآجلة 51 سنتاً إلى 30.33 دولار للبرميل وانخفض «خام غرب تكساس» في العقود الآجلة 1.08 دولار إلى 26.37 دولار للبرميل ليقترب من أدنى مستوياته منذ العام 2003 الذي سجله في كانون الثاني (يناير) حين بلغ 26.19 دولار للبرميل، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال كبير محللي السلع الأولية لدى «أس أي بي»، بيارني شيلدروب، في أوسلو: «نشهد تراجعاً في ظل عوامل أساسية ضعيفة(…) هناك حرب أسعار داخل أوبك على الحصة في السوق الآسيوية ومخاوف من وصول طاقة التخزين إلى مستوياتها القصوى». وأضاف أن هبوط أسعار النفط يأتي أيضاً في إطار إحجام عام عن الأصول العالية الأخطار في الأسواق العالمية. ويتهافت المستثمرون على الملاذات الآمنة مثل الذهب والين والسندات العالية الفائدة.

وأعلن «غولدمان ساكس» في مذكرة للزبائن أن تراكم إمدادات النفط مع التباطؤ الاقتصادي في الصين يعنيان أن الأسعار ستبقى منخفضة حتى النصف الثاني من السنة.

إلى ذلك، شدد وزير الطاقة السعودي علي النعيمي، في كلمة ألقاها خلال مؤتمر عن الطاقة النظيفة في بالي، على أهمية الطاقة في النمو الاقتصادي والاجتماعي، وعلى أن شعوب العالم لها الحق في أن تكون لديها مصادر مستقرة للطاقة يُعتمد عليها. وقال في بيان تلقت «الحياة» نسخة منه: «أن الوقود الأحفوري سيستمر في القيام بدوره المهم في خليط الطاقة المستهلك، ولعقود مقبلة». وأضاف أن المملكة تعمل منفردة، وبالتعاون مع الدول الأخرى، في بحوث تقنية لخفض الانبعاثات وتطويرها، من خلال تجميع الكربون وتخزينه، كما أنها تعمل على الحد من الانبعاثات الضارة من خلال الأنظمة والقوانين التي تحد عملية استهلاك الطاقة وتنظمها.

في المقابل، تعتزم إيران بيع خامها الثقيل إلى آسيا في آذار (مارس) بأكبر خصم عن «الخام العربي المتوسط» السعودي منذ العام 2008، ما يشير إلى استعداد طهران لتقديم خصومات لاستعادة حصتها السوقية. وقال مسؤول في القطاع: «الآن بعد رفع العقوبات نريد وضع الأسعار عند مستويات أكثر جاذبية». وجرت العادة أن تحدد إيران الأسعار الشهرية لشحناتها النفطية إلى زبائنها في آسيا، أكبر أسواقها بفرق ثابت عن أسعار الخام السعودي على أساس فصلي. وفي الربع الأول من العام الحالي جرى تحديد الخصم عند 10 سنتات دون سعر «الخام العربي المتوسط».

لكن مصدراً أعلن إن إيران عرضت على مشتري خامها الثقيل خصماً قدره 20 سنتاً دون سعر «العربي المتوسط» السعودي، وهو خام من الجودة ذاتها.

شركات

من جهة أخرى، ساعد الإنتاج القياسي لنشاطات المنبع وهوامش التكرير المرتفعة في أوروبا شركة «توتال» الفرنسية في تسجيل أرباح صافية أفضل من التوقعات في الربع الرابع، لكن الشركة أكدت عزمها خفض التكاليف وتقليص الإنتاج. وأعلنت أنها لا تعتزم خفض الوظائف، وأن الزيادة القياسية في الإنتاج بفضل بدء تسعة مشاريع خلال السنة، والهوامش المرتفعة للتكرير وقطاع الكيماويات، عززت نتائجها. وأشارت إلى أن صافي الربح المعدل للأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2015 هبط 26 في المئة إلى 2.1 بليون دولار. وزاد إنتاج النفط والغاز 5.5 في المئة على أساس سنوي إلى 2.3 مليون برميل من المكافئ النفطي يومياً. لكن الشركة الفرنسية أعلنت أنها تخطط لخفض الإنفاق الرأسمالي إلى نحو 19 بليون دولار في 2016 وهو انخفاض يزيد على 15 في المئة مقارنة بعام 2015. وتستهدف الشركة بيع أصول بنحو أربعة بلايين دولار هذه السنة.

وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة على أعمال «توتال» في الشرق الأوسط، أن الشركة لم تلغ أي مشروع في المنطقة، وكشفت أن النية كانت في اتجاه طرح 30 في المئة من المصفاة المشتركة مع شركة «أرامكو» السعودية في الجبيل للاكتتاب العام منذ بدء العمل في المشروع. ووفقاً للمصادر فإن الجانب السعودي قد يطرح أسهم المشروع من ضمن مجموعة من الشركات التابعة لـ «أرامكو»، وإن حصل فإنه لن يغير شيئاً في نسب المشاركة بين «توتال» والسعودية.

وأعلنت المصادر أن «توتال» ستشارك في مناقصة ستطلقها الكويت لعقود خدمات تساهم في تطوير بعض الحقول الشمالية. وأعربت عن تشاؤمها إزاء وضع النفط في العراق لأن الشركات أوقفت الاستثمارات وأن في إمكان هذا البلد الاستمرار عند مستوى إنتاجه الحالي لـ١٨ شهراً، ولكنّ من دون استثمارات جديدة ستتعذر زيادة الإنتاج.

أما قطاع النفط في كردستان فيعاني مشاكل ضخمة بسبب توقف الإقليم عن الدفع للشركات، ما تسبب في خروج عدد منها من البلد.

ورأت مصادر «توتال» أن وضع القطاع النفطي في ليبيا كارثي لافتة إلى أن الإنتاج حالياً لا يتجاوز ٢٥٠ ألف برميل يومياً، مؤكدة استمرار «توتال» في إنتاجها البحري هناك بما يصل إلى نحو ٤٠ ألف برميل يومياً.

وعن القطاع النفطي الإيراني أفادت بأن البلاد تواجه صعوبات كبيرة للحصول على استثمارات بسبب التعقيدات في التمويل بالدولار، فالقطاع المصرفي اليوم لا يمكنه تقديم أي ضمانات طالما العقوبات الأميركية ما زالت مفروضة. وأفادت مصادر «الحياة» بأن نحو ٣٠٠ ألف برميل من النفط الإيراني تصل اليوم إلى الأسواق. ونقلت عن مهندسي شركة النفط الإيرانية قولهم إن في إمكانهم التوصل إلى زيادة ما بين ٥٠٠ و٦٠٠ ألف برميل من النفط سريعاً.

إلى ذلك، أعلنت شركة «دي أن أو» النروجية خططاً لزيادة إنتاجها في حقل «طاوكي» في إقليم كردستان العراق على رغم التحديات الأمنية وتدني أسعار الخام. وتخطط الشركة لزيادة استثماراتها إلى 100 مليون دولار هذه السنة يذهب معظمها إلى الحقل البالغ حجم احتياطاته بليون برميل لزيادة إنتاجه إلى 135 ألف برميل من النفط يومياً بحلول منتصف العام الحالي في مقابل 120 ألف برميل حالياً.

وصرح رئيسها بيجان مصفر رحماني إلى وكالة «رويترز» بعد عرض نتائج الربع الأخير بأن «ما يعطينا الثقة في مواصلة استثماراتنا، حقيقة أن المدفوعات التي تأتينا منتظمة، إنها متوقعة ومرتبطة بعقودنا وبذلك ننفذ الاستثمارات بكل ارتياح».

رنده تقي الدين

صحيفة الحياة اللندنية