فساد مزاد العملة في العراق

فساد مزاد العملة في العراق

53
أن التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة العراقية الحالية قد تكون الاقسى في تاريخ العراق الحديث ؛ فالاقتصاد ريعي يعتمد بصوره كلية على عوائد النفط التي تشكل 90 %من وارداته ، ونتيجة الازمة اسعار النفط تلقى الاقتصاد العراقي العديد من الهزات داخليا وخارجيا كان اخرها تخفيض تصنيفه الائتماني إلى “سلبي” من قبل وكالة “فيتش” العالمية .
اما الشق الآخر للأزمة فهو الفساد المالي والاداري ؛والذي يضم في طياته الكثير من الملفات التي ترهق العراق واقتصاده ،ناهيك عن ازمة النزوح والحرب على تنظيم “داعش” وضياع الكثير من مقدرات العراق .
لم يتوقف سيل الهدر والفساد الذي قاد العراق الى شفير الانهيار الاقتصادي ،بل مازالت وزارات الدولة وقطاعاتها المختلفة تعج بالفساد والمحاصصة .
لقد كشفت وثيقة صادرة من اللجنة المالية في مجلس النواب، أن إيرادات العراق من النفط خلال الشهرين الماضيين بلغ 3 مليارات و269 مليون دولار ،وبالمقارنة بالأرقام السابقة نلاحظ ان مجموع مبيعات البنك المركزي من العملة في نفس الفترة قد تجاوزت ايرادات النفط حيث بلغت 5 مليارات و821 مليون دولار كما سيظهر في الجدول اللاحق  رقم “2”.

1
جدول 1

ويظهر في الوثيقة تجاوز “إيرادات الدولة من النفط لشهر كانون الثاني الماضي المليار و643 مليون دولار، فيما بلغت إيرادات الدولة في شهر شباط من بيع النفط مليار و625 مليون دولار”.

جدول 2

اما بالنسبة لمبيعات البنك المركزي من العملة الأجنبية لشهر كانون الثاني فقد بلغت 3 مليارات و318 مليون دولار، كما بلغت مبيعات البنك في شهر شباط مليارين و503 مليون دولار.
وقد اكدت اللجنة المالية النيابية ان استمرار البنك المركزي ببيع الدولار بكميات اكبر من ايرادات العراق من العملة الاجنبية نتيجة تصدير النفط الخام هي “خدمة للفاسدين ”.
ولفتت النائبة ماجدة التميمي الى ان “كمية احتياطي البنك المركزي من الدولار وفي آخر رقم ابلغنا به البنك بانه 59 مليار دولار لكني لا اعتقد انه صحيح وهو غير منطقي لان هناك مبيعات مستمرة للبنك وهذا الرقم غير دقيق وربما هو في بداية الخمسين مليار دولار”.
وكان البنك المركزي قد باع خلال الشهرين الاخيرين كميات من الدولار تجاوزت ايرادات العراق من تصدير النفط الخام.
ونشرت تقارير اقتصادية ان البنك المركزي العراقي باع أكثر من 44 مليار دولار في مزاد العملة الأجنبية خلال العام الماضي.
وتشير تقارير الى ان منذ أنشاء المصرف المركزي مزاداً لبيع الدولار للمصارف وشركات الصيرفة عام 2004 ، بلغت مبيعات المصرف المركزي أكثر من 312 مليار دولار منذ تأسيسه، بقيمة 1180 ديناراً للدولار الواحد، حولت 80% من هذه الأموال إلى خارج العراق بينما 20% دخلت إلى السوق .
وتؤكد الوقائع ان ملف الفساد بمزاد العملة كبير جدا و أموال العراق سرقت عبر مزاد العملة وفق عقود وهمية ،وسط تكتم الحكومات السابقة على هذه التجاوزات ،حيث نبه الكثير من الاقتصاديين والبرلمانيين لعمليات النهب المدروسة في البنك لمركزي وهذا التغافل الحكومي لهو مؤشر على أن اطراف وشخصيات سياسية ومتنفذين ضالعين في هذه العمليات، فالمصارف تشكل واجهات للسياسيين والفاسدين .
في الحقيقة وبناء على العديد من المعطيات لا يسعنا الا القول بإن انهيار اسعار النفط قد كشفت هشاشة الاقتصاد العراقي وكشفت قضايا الفساد التي تكتمت عليها الحكومات المتعاقبة ،فالوضع الاقتصادي في العراق كارثي بالفعل، والخزينة اليوم خاوية والموازنة مثقلة بالعجز، والدين في ارتفاع ،يترافق ذلك مع استشراء الفساد وغياب الرقابة على عمل البنك المركزي والتي قد تكون اهم عوامل فشل وانهيار الاقتصاد ،ومع هذا الواقع المرير تتلاشى آمال المواطن العراقي بأي إصلاح اقتصادي المنشود.

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية