الترهل الإداري في العراق يعمق من أزماته

الترهل الإداري في العراق يعمق من أزماته

الاقتصاد-العراقي

يرتبط الترهل الإداري بالاختلالات الإدارية في المنظمات الاجتماعية وهي آفة حقيقة على مقدرات هذه البلاد، وتقتات على خيرات الشعوب ومقدراتها. وفي الحقيقة لا يمكن ان نفصل موضوع الترهل في مؤسسات الدولة عن الفساد الإداري فكلاهما وجهان لعملة واحدة والمحصلة نهب وضياع خيرات البلاد.

ويعد الترهل الاداري وسوء التخطيط الاداري أكبر اسباب فشل التخطيط ،وغياب  الاصلاح سواء كان الاقتصادي او الاجتماعي وحتى السياسي ، وكذلك أكبر نتائج الفساد الحكومي.

في العراق حالة فريدة من الترهل الاداري لا نجدها في سواها من دول المنطقة وربما العالم أجمع، وخصوصا مع ذلك الجيش من الموظفين الذين أرهقوا ميزانية البلاد المرهقة اصلا، ناهيك عن الرواتب التي يتقاضونها.

تشير البيانات الى وجود أكثر من 4800 موظفاً بدرجة مدير عام في الحكومة العراقية، وبطبيعة الحال خلف كل مدير عام عدد من الموظفين وهم كالاتي: سكرتير، مدير مكتب سائق عدد2، أفراد حماية عدد 5، ومراسل عدد 2.

لو تناولنا الموضوع من زاوية رياضية سنجد المعادلة التالية:

عدد المدراء العامين في العراق =4800

عدد الموظفين التابعين لكل مدير عام = 12

12 ×4800= 57600 موظف

لنا ان نتخيل كم يكلف هذا الجيش من الموظفين الخزينة العراقية، وحجم مصروفات هذه المكاتب من مصروفات الضيافة والنفقات الجانبية، سنجد بأن الرقم هائل جدا ومرهق حقا على خزينة الدولة.

ولم يتوقف الامر عند ما ذكر سابقا، بل يتعداه الى ان الهيكل الاداري يعاني من الترهل نتيجة وجود أكثر من 713 درجة وظيفية بمنصب وكيل وزارة، وهو ما يسهم في ارهاق الموازنة العامة للدولة.

وبنفس المعادلة السابقة سنجد ان الامر مشابه ، حيث لكل وكيل وزارة عدد من الموظفين الذين يتبعون له .

12×713 =8556 موظف

هذه الارقام تكشف لنا حجم التخبط في بنية المؤسسات ، وحجم الهدر في المال العام وكل هذا يصب في بوتقة غياب الرقابة وتفشي البطالة وتكبيد الخزينة فوق طاقتها.

الملفت للنظر في هذا الحال ان عدد الوزارات الحكومية هي 22 وزارة خصوصا بعد تقليصا العام الماضي ، ويطرح التساؤل ما هو عمل هذه الجيش من الموظفين ، وهل حقا الدولة تحتاج هذا العدد الكبير لتسيير شؤونها؟

في دول مجاورة للعراق، وتفوقها عددا مثل تركيا يصل عدد الوزارات الحكومية الى حوالي 18 وزارة ، بمعنى ان عدد الوزارات في دولة تعتبر في مقدمة دول المنطقة اقتصاديا وعسكريا وتقدما اقل من نظيرتها العراق ، ومع ذلك نرى بأن تركيا تحقق نموا اقتصاديا كبيرا جدا ، وتطورا في كل المجالات يبلغ عدد سكان تركيّا ما يقارب 76 مليون نسمةً، بينما يبلغ عدد السكان في العراق حولي 37 مليون نسمة ، لكن الفرق واضح كما رأينا .

ولو تجاوزنا ذلك الى دول خارج الاقليم نرى بأن اقوى دولة في العالم الولايات المتحدة الامريكية لا يتجاوز عدد وزاراتها 14 وزارة، ولا تحتاج ان نبين حجم التطور والتقدم الذي أوصلها الى ان تكون الدولة الاولى عالميا .

العراق اليوم يمر بمرحلة دقيقة جدا، والحكومة اليوم يقع على عاتقها اتخاذ خطوات سريعة جدا وحاسمة للترشيق في مؤسسات الدولة، وإعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات العامة التي لا ضرورة لوجودها وتفعيل الرقابة، وبالتالي تقليل النفقات والرواتب والمخصصات اللازمة لهؤلاء المدراء العامين والوكلاء ومن هم على منوالهم، اضافة الى تقليل الحمايات وتخصيصاتهم، ولنا ان نتخيل كم سيوفر هذا الاجراء على خزينة الدولة، لتتمكن من توجيه هذه الاموال للمشاريع التي لها مردود اقتصادي جيد على الشعب والدولة ككل.

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية