إدارة أوباما تسابق الزمن لاستعادة التوازن في العراق

إدارة أوباما تسابق الزمن لاستعادة التوازن في العراق

_79138_ob3

سرّعت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من خطواتها بهدف استعادة توازن الولايات المتحدة في العراق والقبض مجدّدا على زمام المبادرة السياسية والعسكرية هناك، قبل الرحيل عن البيت الأبيض بعد أقلّ من سنة.

وتعدّدت زيارات كبار المسؤولين الأميركيين بشكل مفاجئ للعراق الذي يعاني أزمات حادة اقتصادية وأمنية وسياسية، تعتبر جميعها من نتائج الغزو الأميركي للبلد وحلّ جيشه وإطلاق عملية سياسية فيه مبنية على المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية.

ولا ترغب إدارة أوباما، والديمقراطيين عموما، في أن يحسب في رصيدها، ضياع النفوذ الذي أسسته إدارة الجمهوريين بقيادة الرئيس السابق جورج بوش الابن في العراق من خلال غزوه واحتلاله.

وبالإضافة إلى ما طبع سياسة أوباما في المنطقة العربية والشرق الأوسط عموما من ارتباك وتردّد تسببا في تراجع مكانة واشنطن ودورها، ظهرت مهدّدات جديدة لنفوذ الولايات المتحدة في العراق، فمن جهة تزايد الطموح الإيراني إلى تحويل النفوذ السياسي الذي تمارسه طهران من خلال الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق، إلى نفوذ عسكري عبر جيش رديف هو الحشد الشعبي المكون من ميليشيات شيعية تمكّنت من خلال خوض الحرب ضد تنظيم داعش من فرض سيطرة ميدانية على عدّة مناطق عراقية ما سبب قلقا لدى الولايات المتحدة، ودفعها إلى بذل مساع لكبح توسّع سيطرة تلك الميليشيات.

ومن جهة ثانية بدا للحظة استعداد روسيا للدخول كمنافس للولايات المتحدة في العراق، من خلال عرض “خدمات” في مجال الحرب ضدّ داعش على حكومة بغداد سواء في شكل تعاون استخباراتي، أو تزويد بالسلاح والذخيرة.

وقد نجحت موسكو في استخدام العراق كورقة مساومة لواشنطن من أجل الاحتفاظ بالنفوذ في سوريا، إذ بدا أنّ هناك “احتراما” لقواعد القسمة بين المتنافسين الكبيرين، فعدا عن المواقف اللفظية، لم تبد الولايات المتحدة على درجة كبيرة من الجدية في التدخل بسوريا، بينما تراجعت روسيا بشكل واضح عن فكرة التدخل في الحرب بالعراق.

لا ترغب الإدارة الديمقراطية في أن يحسب في رصيدها ضياع النفوذ الذي أسسته إدارة الجمهوريين بقيادة جورج بوش الابن

وأخيرا مثّلت الأزمة الحادّة بين الفصائل والمكوّنات العراقية تهديدا جدّيا للعملية السياسية التي أرستها الولايات المتحدّة في العراق، ولنظام الحكم الذي قام على أساسها، ما جعل واشنطن تنزل بثقلها السياسي والدبلوماسي لتطويق الأزمة حماية للنظام الذي ترى فيه خير ضمانة لمصالحها في العراق، كما تجد في ضعفه أفضل بوابة لمواصلة التدخل في الشأن العراقي، فضلا عن كون ما يميزه من طائفية وعرقية، يؤّمن بقاء العراق بما له من مقدّرات ضخمة على هامش المنظومة الإقليمية التي لا تريدها الولايات المتحدة قوية ومتماسكة.

وأوفد أوباما نائبه جو بايدن إلى العراق بشكل مفاجئ حيث التقى رئيس الوزراء حيدر العبادي في بغداد، كما التقى لاحقا رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني.

ويظلّ إقليم كردستان العراق بقيادته السياسية الحالية نقطة ارتكاز مهمّة للسياسة الأميركية في العراق، بعد أنّ سهلت القيادة ذاتها عملية إسقاط نظام صدّام حسين وغزو العراق.

واعتبر البيت الأبيض على لسان المتحدث باسمه جوش إيرنست زيارة بايدن للعراق “مؤشرا جيدا لاستمرار دعم الولايات المتحدة لجهود رئيس الوزراء حيدر العبادي لتوحيد العراق في مواجهة داعش”.

وخلال الأشهر الأخيرة تضاعف التركيز الأميركي على مواجهة تنظيم داعش في العراق، ولم تعد واشنطن تكتفي بتوجيه ضربات جوية في نطاق التحالف الذي تقوده، بل أصبحت تشارك في تخطيط المعارك وتحديد مواعيدها ومن يشارك فيها.

كما تواتر إعلان واشنطن عن إرسال مجاميع صغيرة من القوات الخاصّة، حتى قارب عدد القوات الأميركية الموجودة على الأراضي العراقية أربعة آلاف فرد، في ظاهرة وصفت بأنها عودة “حذرة ومدروسة” إلى العراق بعد استكمال سحب القوات المقاتلة منه في ديسمبر 2011 في عهد إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما.

ويجري التركيز بشكل استثنائي على معركة الموصل التي ينتظر أن تكون حاسمة في إنهاء سيطرة داعش على الأراضي العراقية، وبالتالي في ترتيبات ما بعد التنظيم وتقاسم النفوذ في العراق والمنطقة.

وبحث بايدن، مع البارزاني “كيفية التعاون والتنسيق في الحرب ضد تنظيم داعش وخطة تحرير الموصل مركز محافظة نينوى”.

وصرح وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، أن التحالف الدولي سيكون مستعدا لبدء عملية استعادة الموصل في يونيو القادم، محذرا من قرار خفض تمويل البنتاغون وتأثيره على سير العملية العسكرية في العراق وفي مناطق أخرى.

كما كشف أن القوات العراقية المشاركة في العملية تشمل ألوية عراقية من الجنوب وأخرى كردية من شمال العراق.

ومن جهته، توقع المتحدث باسم القيادة المشتركة للتحالف الدولي الجنرال ستيف وارن، أن تقطع القوات العراقية طريق الإمداد عن التنظيم من جهة الجنوب قبل بدء عملية الموصل، إلا أنه لفت إلى أن العملية تتطلب نحو سبعة إلى عشرة ألوية عراقية أي ما يعادل 25 ألف مقاتل.

صحيفة العرب اللندنية