ايران في العراق وسوريا: موت جنرال

ايران في العراق وسوريا: موت جنرال

لكثير من الطهاة يشاركون في مرجل الحرب الذي يستهلك كلا من سوريا والعراق, ولكن ربما ليس هناك أي واحد منهم يشارك بنشاط وبملعقة بطول تلك التي تشارك فيها جمهورية إيران الإسلامية. خلافا للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والذي شكلته من أجل قتال الدولة الإسلامية (داعش) بعد محاولة هذه الجماعة الإسلامية السنية المتطرفة التقدم باتجاه بغداد في الصيف الماضي, حيث اقتصر دوره على الضربات الجوية, وخلافا لروسيا والدول العربية الذين سلحوا الأطراف المتحاربة في سوريا, فقد شاركت إيران بنفسها في الصراعات المتشابكة. لم تقدم إيران الأسلحة والوقود فقط ولكنها قدمت “مستشارين” من نخبة قوات الحرس الثوري وآلافا من المقاتلين من المسلحين الشيعة الذين قامت إيران نفسها بحشدهم وتسليحهم وتدريبهم وتمويلهم في لبنان والعراق.
حدثان في العاصمة الإيرانية, طهران, في 29 ديسمبر سلطا الضوء على عمق التزام إيران في هذه الصراعات. في الصباح شارك السياسيون وقادة عسكريون بارزون في جنازة حميد تقوي. الذي قضى نحبه برصاص قناص في مدينة سامراء العراقية, العميد في الحرس الثوري وأحد أبطال الحرب العراقية الإيرانية التي وقعت فيما بين 1980 و 1989 والذي كان أحد أبرز الضباط الإيرانيين الذي لقوا حتفهم حتى الآن في العراق. وبعد ذلك بفترة وجيزة استقبل وزير الدفاع, حسين دهقان, نظيره العراقي, خالد العبيدي, وفي المؤتمر الصحفي الذي تلا لقائهما تعهد دهقان بالاستمرار في الجهود المشتركة “لتطهير” العراق من الإرهاب.
تورط إيران في الصراعات المجاورة ليس بالأمر الجديد. السيد دهقان نفسه خدم في لبنان خلال الحرب الأهلية 1975 إلى 1989. كضابط في الحرس الثوري الإيراني, ورأس حربة للثورة الإيرانية, وربما كان له فضل في تشكيل حزب الله الشيعي في لبنان, ليستغل ذلك في تفجير الثكنات الأمريكية عام 1983.
مثل هذه العلاقات الشخصية والمؤسساتية كان لها أثر كبير في استراتيجية إيران الإقليمية فيما بعد. ما كان ينظر إلى أنه نجاح لحرب العصابات التي شنها حزب الله للتخلص من احتلال إسرائيل لجنوب لبنان ساعد بصورة كبيرة في دفع إيران لرعاية جهد مماثل في العراق, من أجل طرد القوات الأمريكية بعد غزوهم عام 2003. الأداة التي استخدمتها إيران تمثلت في الميليشيات التي شنت الآلاف من الهجمات القاتلة ضد القوات الأمريكية.
كحليف مقرب للنظام في سوريا منذ الثمانينات, سارعت إيران لدعم بشار الأسد عندما انتفض الشعب ضده عام 2011. سوريا لا تشكل جسرا حقيقيا لحزب الله فقط بل هي جزء لما يعتبره الحرس الثوري محورا للمقاومة ضد الجهود الأمريكية لفرض همينتها على المنطقة.
دون مساعدة إيران ربما سقط الأسد منذ زمن؛ أكثر من ألف مسلح شيعي قتلوا في الدفاع عنه منذ 2012. كماخسرت إيران ثلاثة ضباط على الأقل في سوريا. تدعي مصادر المعارضة السورية بأن إيران أنفقت حوالي 15 مليار دولار كمساعدات, الكثير منها قدم على شكل وقود من أجل دعم االنظام السوري.
تكلفة ذلك بالنسبة لإيران – في المال والدم- لم تحسب وعلى الأرجح سوف تصبح أكثر وطأة مع انخفاض أسعار النفط. التورط الإيراني, كحال الأمريكي, ملئ بالمتناقضات. السياسيون الإيرانيون المتشددون عقائديا يوجهون اللوم إلى أمريكا على وجود مجموعات مثل داعش, حتى مع تحمل الحرس الثوري الإيراني وأمريكا عبئ القضاء عليه. الميليشيات الشيعية العراقية تهدد بمهاجمة إي “غزاة” أمريكان أو حلفاء لهم, حتى مع تمتعهم بالغطاء الجوي الذي يوفره التحالف الذي تقوده أمريكا. وفي سوريا ليس لدى إيران كالآخرين فكرة عن الكيفية التي يمكن الخروج بها من هناك. حتى مع حصوله على المساعدة الإيرانية على الأرض والقوة الأمريكية الفعالة, فإن الأسد لم يعد يملك القوة أو المصداقية لحكم أكثر من جزء محدود من بلاده المدمرة فعلا.

نقلا عن الايكونومست

http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21637416-wars-syria-and-iraq-are-sucking-iran-ever-more-tangled-conflicts-death