بعد منطقة “شنغن”.. هل تدخل تركيا “النادي الأوروبي المسيحي”؟

بعد منطقة “شنغن”.. هل تدخل تركيا “النادي الأوروبي المسيحي”؟

ChkiEK2WEAAcE9G

هل تدخل تركيا منطقة “شنغن” مكافأة لها على تنفيذ اتفاق مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، وإنقاذ الدول الأوروبية من طوفان اللاجئين؟ وهل سيكون هذا بداية لإعادة التفاوض حول دخول تركيا الاتحاد الأوروبي، وهو الطلب الذي ترفضه دول أوروبية بزعم أنه “اتحاد مسيحي” وتركيا دولة مسلمة؟ وماذا يعود على تركيا من قبول آلاف اللاجئين على أرضها وهي تستضيف قرابة الـ2 مليون لاجئ سوري؟ وهل استوفت أنقرة الشروط الـ72 المطلوبة منها؟

إصدار جوازات سفر إلكترونية

المعلومات تقول إن المفوضية الأوروبية تتجه اليوم الأربعاء، لإصدار قرار توصية يحث على إعفاء المواطنين الأتراك من طلب تأشيرة الدخول إلى دول منطقة “شنغن” نهاية حزيران/ يونيو المقبل كحد أقصى، إذ من المقرر أن تنشر المفوضية الأوروبية تقريرها الثالث المتعلق بتطبيق خارطة طريق عملية إلغاء التأشيرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ومن المنتظر أن يوصي التقرير برفع التأشيرة نهاية يونيو/ حزيران عن المواطنين الأتراك، انطلاقا من إيفاء تركيا للشروط الـ72 التي حددها الجانب الأوروبي، ويُتنظر أن يطلب التقرير من الجانب التركي اتخاذ خطوات في مواضيع، مثل “إصدار جوازات سفر إلكترونية” -وهو جواز ورقي يحوي شرائح إلكترونية دقيقة تضمن بيانات المسافر- ورفع أنقرة لتأشيرات دخول مواطني الاتحاد الأوروبي إليها، إضافة إلى حماية المعلومات الشخصية لمواطني الاتحاد.

زيادة طلبات اللجوء

قرار المفوضية الأوروبية سيدخل حيز التنفيذ في حالة مصادقة البرلمان ومجلس الاتحاد الأوروبي عليه، وستقوم لجنة الحريات المدنية والعدالة والداخلية في البرلمان الأوروبي بمناقشة القرار، وعقب تقديم تعديلاتها يعرض على الجمعية العامة للبرلمان من أجل المصادقة عليه، إذ يكفي مصادقة “النصف + 1” لتمريره، لكن يمكن أن تطرح دول أوروبية على رأسها فرنسا وألمانيا، إجراء تعديلات تتيح تعليق رفع التأشيرة إن اقتضت الحاجة للبلدان المعفاة من التأشيرة بشكل عام، فضلا عن إمكانية وقف العمل برفع التأشيرة، في حالات مثل ارتفاع أعداد القادمين إلى دول الاتحاد بغرض السياحة، ورغبتهم في البقاء فيها بشكل غير قانوني، فضلاً عن زيادة طلبات اللجوء إلى تلك البلدان، وحدوث قصور في اتفاقية إعادة قبول المهاجرين.

الضوء الأخضر

ومع عدم إعطاء المفوضية الأوروبية الضوء الأخضر لمثل هذه التعديلات، إلا أنه من المحتمل أن يدرجها البرلمان الأوروبي في نص القرار، وتفاديا لذلك، يشكل تشاور النواب الأتراك مع نظرائهم في البرلمان الأوروبي أهمية قصوى، وبعد اعتماد القرار من قبل البرلمان مع التغييرات المحتملة، سيعرض على مجلس الاتحاد الأوروبي، حيث يتوجب الحصول على موافقة 55% من الأعضاء لتمريره، وهذا يعني الحصول على موافقة 16 عضوا من أصل 28، شريطة أن يشكل مجموع سكان الدول الموافقة ما نسبته 65% من عدد سكان الاتحاد الأوروبي، وفي حال المصادقة على رفع التأشيرة، تقوم الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي بنشره ويدخل حيز التنفيذ رسميا.

أزمة تدفق اللاجئين

الجريدة الرسمية التركية، نشرت قرار الحكومة برفع التأشيرة عن مواطني بلدان منطقة “شنغن”، على أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارا من تاريخ رفع تأشيرة دخول المواطنين الأتراك إلى تلك البلدان، ورغم الموافقة على أن تركيا دولة مرشحة لعضوية الاتحاد عام 1999 فإن محادثات رفع التأشيرة لم تبدأ إلا في 16 كانون الأول/ سبتمبر 2013، لتصدر المفوضية الأوروبية في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2014 أول تقريرها حول المسألة، إلا أن مرحلة رفع التأشيرة اكتسبت مؤخرا، زخما مع بروز أزمة تدفق اللاجئين والمهاجرين على الواجهة.

إجراء تعديلات قانونية

مارس الماضي، أصدرت المفوضية تقريرها الثاني حول رفع التأشيرة، أشار إلى أن تركيا حققت تقدما كبيرا حول المعايير التي تم تحديدها مسبقا، وتصدّرت مسألة رفع التأشيرة القمة التركية الأوروبية الثانية التي عقدت في 18 مارس الماضي، حيث حُدد تاريخ نهاية حزيران القادم، كحد أقصى لإلغاء التأشيرة عن المواطنين الأتراك، بينما بدأت تركيا في إجراء تعديلات قانونية متعاقبة من أجل الإيفاء بالمعايير، وفي حال رفع التأشيرة سيتمكن المواطنون الأتراك اعتبارا من نهاية حزيران، دخول دول منطقة “شنغن” دون الحاجة لاستصدار تأشيرة دخول إلى تلك البلدان، إضافة إلى إمارة موناكو، وجمهورية سان مارينو والفاتيكان، إذ يمكن للأتراك المتوجهين إلى تلك البلدان بغرض السياحة البقاء فيها لمدة 180 يوما.

إلغاء تأشيرة الدخول

الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، قالت إن “المفوضية الأوروبية ستوصي بإلغاء تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك إلى دول منطقة شنغن، حال تنفيذ كل المعايير المتفق عليها بين الجانبين”، وأوضحت أنه “لا يوجد سبب لقلق المسؤولين الأتراك بخصوص الاتفاق، ففي حال تنفيذ المعايير المطلوبة، سنوصي بإلغاء التأشيرة، مثلما فعلنا قبل ذلك مع دول أخرى”، ولفتت إلى أهمية مواصلة تنفيذ تركيا للمعايير المطلوبة “مثلما فعلت في الأسابيع الماضية، حتى لا تلجأ المفوضية إلى التراجع عن التوصية”.

إعادة قبول المهاجرين

رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، قال إن “تركيا طرف جاد، وعندما تتعهد تُنفذ، وإذا لم ينفذ الاتحاد الأوروبي الخطوات الضرورية بهذا الصدد، فلا يمكن أن يُنتظر من تركيا الالتزام بالاتفاق (إعادة قبول المهاجرين)”.

ردع مهربي البشر

وحول مكافحة الهجرة غير الشرعية، أوضح داوود أوغلو أنهم يتخذون قرارًا “يتطلب الشجاعة” في قبول عودة كل مهاجر غير نظامي انطلق من الأراضي التركية، دون النظر إلى جنسيته، مضيفًا أنهم يقومون بذلك وهم على ثقة بأن الاتحاد الأوروبي سيستقبل لاجئًا سوريًّا من تركيا، مقابل كل مهاجر سوري تقبل بلاده عودته إليها من الجزر اليونانية.

ولفت رئيس الحكومة التركية إلى أن بلاده تريد ردع مهربي البشر، مؤكدًا أنها أكثر بلد يستقبل اللاجئين حاليًّا، وحول المقترحات التي قدمها إلى الزعماء الأوروبيين بخصوص حل أزمة اللاجئين، قال داوود أوغلو إنهم قدموا “مقترحات جديدة وبناءة”، لافتًا إلى أن القرارات المتخذة في القمة السابقة بين بلاده والاتحاد الأوروبي سوف توضع حيز التطبيق.

قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي

قال إن رؤساء جميع الهيئات الأوروبية قدموا وعودا بخصوص رفع التأشيرة المفروضة على المواطنين الأتراك لدى دخولهم دول الاتحاد الأوروبي، في أواخر حزيران/ يونيو، وكذلك بخصوص فتح فصول جديدة متعلقة بمعايير قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تقديم الدعم المالي لها، وفي ما يتعلق بالدعم المالي الذي سيقدمه الاتحاد الأوروبي إلى تركيا، قال داوود أوغلو “تركيا لا تطلب نقودا من أحد، تركيا تنفق من ميزانيتها على اللاجئين، ما نريده هو تقاسم عبء اللاجئين السوريين بشكل عادل”.

ولفت داوود أوغلو إلى أن التعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي لا يقتصر على أزمة اللاجئين والموضوعات الإنسانية، بل إن بلاده تسعى أيضا إلى إحداث تقدم في عملية انضمامها إلى النادي الأوروبي الموحد، حيث ترغب في فتح 5 فصول جديدة للتفاوض، وتنتظر من الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوة بهذا الصدد في أقرب وقت ممكن.

منطقة شنغن

منطقة شنغن، هي المنطقة التي تضم 26 دولة أوروبية، والتي ألغت جواز السفر وضوابط الهجرة على الحدود المشتركة الداخلية بينهما، وهي بمثابة دولة واحدة لأغراض السفر الدولي، مع وجود سياسة تأشيرات مشتركة. وسميت بمنطقة شنغن بعد أن تم الانتهاء من اتفاق شنغن، ألغت الدول في المنطقة الرقابة على الحدود الداخلية مع أعضاء دول شنغن الأخرى، وتعزيز الرقابة على الحدود الخارجية مع الدول غير الأعضاء في شنغن، وتتألف منطقة شنغن من 26 دولة، 22 منها هي من دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى 4 دول أعضاء في رابطة التجارة الحرة الأوروبية- (الإفتا) أيسلندا، ليختنشتاين، النرويج، وسويسرا، هذه الدول مجتمعة تشكل منطقة شنغن، وهناك 6 دول تنتمي للاتحاد الأوروبي لكنها ليست ضمن منطقة شنغن وهي: بلغاريا كرواتيا قبرص رومانيا أيرلندا والمملكة المتحدة، الدول الأربعة الأولى ملزمة قانونيا للانضمام إلى منطقة شنغن وتسعى من أجل ذلك، في حين أن أيرلندا والمملكة المتحدة قررتا عدم الانضمام إلى هذه المنطقة. كما توجد 3 دول صغيرة هي بحكم الأمر الواقع ضمن هذه المنطقة لأنها لا تملك السيطرة على حدودها مع دول المنطقة وهي: موناكو وسان مارينو والفاتيكان.

مكافحة الهجرة غير الشرعية

تركيا والاتحاد الأوروبي وقعتا في 18 مارس/ آذار 2016، في العاصمة البلجيكية بروكسل على اتفاق يهدف لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، حيث تقوم تركيا بموجب الاتفاق الذي بدأ تطبيقه في 4 إبريل الماضي، باستقبال المهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية ممن تأكد انطلاقهم من تركيا، وسيجري إيواء السوريين الذين تمت إعادتهم في مخيمات ضمن تركيا، وإرسال لاجئ سوري مسجل لديها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مقابل كل سوري معاد إليها، ومن المتوقع أن يصل عدد السوريين في عملية التبادل في المرحلة الأولى إلى 72 ألف شخص، في حين أن الاتحاد الأوروبي سيتكفل بمصاريف عملية التبادل وإعادة القبول، وتشكك جماعات حقوقية في مدى سلامة هذا الاتفاق من الناحية القانونية، قائلة إن تركيا ليست بمكان آمن لعودة المهاجرين، لكن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، أكد أن الاتفاق بدأ في إظهار بعض النتائج الإيجابية، وأشاد بحكومة تركيا، واصفا إياها بأنها “ضربت أفضل مثال للعالم في معاملة اللاجئين”.

عبداللطيف التركي

التقرير