خيار الغرب على خوض حرب الإجهاد الاقتصادي دمر إيران

خيار الغرب على خوض حرب الإجهاد الاقتصادي دمر إيران

iran-money

في صراعه مع إيران، كان الغرب يملك خيارين، الأول: هو استخدام العنف، ولديه من قدرة التدمير ما يكفي، والثاني: هو إجهاد جبهة الاقتصاد، وقد اختار الثاني، ليس لأنه أسرع، وإنما لأنّ الأول كان غير مأمون النتائج، وتكاليفه باهظة.
وأصيب الاقتصاد الإيراني بضرر فادح جراء العقوبات الغربية، تضررت البنى التحتية لقطاع النفط، وانخفضت صادراته إلى أكثر من النصف، وارتفعت معدلات البطالة والتضخم، وانخفض السعر الرسمي لصرف الريال الإيراني من أكثر قليلاً إلى 12 ألف ريال لكل دولار أمريكي في عام 2013، إلى نحو 35 ألف ريال لكل دولار أمريكي حالياً.
إن ضغوط الوضع الاقتصادي غيرت المزاج السياسي لصالح من يرغبون في الوصول إلى حلول وسط مع الغرب، وفاز الرئيس روحاني في جولة الانتخابات الأولى في عام 2013، وبشكل غير متوقع، وبلغت المفاوضات مع الغرب نتائجها الإيجابية في صيف عام 2015، وتبعها تغيير جوهري في تركيبة البرلمان وتركيبة مجلس الخبراء لصالح المعتدلين خلال العام الجـاري.
ووفقـاً لوحدة المعلومات لمجلة الإيكونومست -EIU أبريل 2016-، اكتسب الاقتصاد الإيراني عناصر قوة بدءاً من عام 2016، فبعد نمو حقيقي سالب بحدود -0.9% في عام 2015، متوقع له نمو موجب بحدود 4.9% في عام 2016، وبمعدل بحدود 5% حتى عام 2020، ونصيب إيرادات النفط في تمويل موازنة 2016/2017 لا يزيد عن 25% فقط، وتم تحرير نحو 32 مليار دولار أمريكي مجمدة، وسوف تزيد صادرات إيران النفطية بنحو 700 ألف برميل مع نهاية العام الجاري. وتنوي إيران فتح اقتصادها للاستثمار الأجنبي المباشر، وتستهدف جذب ما بين 30-50 مليار دولار أمريكي سنوياً، ووقعت في يناير الفائت مذكرة تفاهم مع شركات إيطالية وفرنسية لاستثمار ما قيمته 55 مليار دولار أمريكي، ووقعت طلباً لشراء 118 طائرة تجارية.
وتملك إيران نحو 157.8 مليار برميل احتياطات نفطية، ونحو 18.2% من احتياطي الغاز العالمي، أي الثانية في حجم احتياطاتها بعد روسيا، ويتمحور تركيزها على إغراء شركات النفط العالمية بمنحها عقود أطول أجل ومعدلات ربحية أعلى لتطوير قطاع تلك الثروة الذي أصيب بشدة في حقبة العقوبات.
ومن مصلحة الإقليم أن تزدهر إيران، فالبلد حاضن لنحو 79.1 مليون نسمة، ولا يفصلها سوى بضعة كيلومترات عن دول الإقليم، وكادت تصل إلى ربيعها لولا تغيرات عام 2013، ولكن، نجاح جناحها المعتدل دونه والإنجازات عقبات جوهرية.
فالحكومة والبرلمان، حتى وإن دانتا للمعتدلين، تظل السلطة لا تقررها تماماً نتائج الانتخابات، فهناك سلطة المرشد الأعلى ولي الفقيه، وهي سلطة شبه مطلقة، وهناك مجالس تعمل مصافي لضبط التغيير الديمقراطي في حدود لا تسمح بتغيير جوهري، وهناك مؤسسات اقتصادية وعسكرية تتدخل، وربما بعنف، إن مست مصالحها.
وهناك فيما يبدو قناعة لدى كل دول الإقليم بأن وضع الإدمان على النفط بات غير مستدام، ولديها شعور بأن تكاليف دروب العنف في مواجهة بعضها البعض بات غير محتمل مالياً وبشرياً. والمؤكد أن ازدهار أي دولة في المنطقة يعتمد على تغيير جوهري في سياساتها المالية والاقتصادية، وحتى السياسية، وأن أي مكاسب سوف تتحقق بعدها سوف تعني انحسار ميلها إلى العنف، لأنه بات لديها ما تخاف عليه. لذلك، علينا أن ننظر إلى التغييرات الإيجابية الحادثة في إيران نظرة إيجابية، ومن مصلحتنا كما فعل الغرب تبني علاقات إيجابية معها لعلها تؤدي إلى تقوية فصيل يؤمن بالشراكة العادلة في المنطقة ويحميها من ذلك التعصب الطائفي البغيض، ويؤمن بتبادل المصالح الاقتصادية، أما البديل، فسيكون مدمراً لكل الأطراف.

نقلا عن اخبار الخليج