مسرحية إيرانية غير مستكملة شروط العرض

مسرحية إيرانية غير مستكملة شروط العرض

index

إيران تريد حشر نفسها ودس أنفها في كل موضوع إقليمي وفي كل ملف إسلامي، ظنا منها أنها تستطيع تحقيق شيء مما تتطلع إليه من دورٍ محوري في التحكم بسلوك دول المنطقة وفرض قناعاتها ومعتقداتها على العرب والمسلمين في كل مكان، ولهذا وفي حرب استباقية فتحت فوهات مدافع منابرها المذهبية والسياسية والإعلامية على المملكة العربية السعودية، متهمة إياها بأنها هي التي منعت الإيرانيين من تأدية مناسك الحج للعام الحالي وهذا كذب رخيص لأن السعودية لم تمنع أحدا ولا يجوز لها أن تمنع أحدا من تأدية هذه الشعيرة.
ولأن إيران لا تستحي أبدا حتى لو تم ضبطها في زنا الوصلة الدعائية الفاضحة، فإنها تواصل من دون حياء ممارسة الرذيلة بأبشع صورها خاصة عندما يتعلق الأمر بأي شأن إسلامي، لأن إيران تحت عباءة الولي الفقيه تصّر على مواصلة الإساءة إلى الإسلام الحنيف وذلك بأن تدخل في روع الناس أن الكذب والافتراء والبهتان بضاعة إسلامية، وهذا هو دورها عبر التاريخ، فقد أدخلت البدع والخرافات في الدين الحنيف حتى تحولت صورته إلى استعراضات مثيرة للسخرية والتندر لما فيها من ممارسات مجوسية صورتها إيران على أنها هي الأصل في الدين وما عداها فهي فروع ليست ملزمة لأحد، ولا نريد استعراض كل مظاهر الشرك التي تدفع بها إيران وحوزاتها ومعمموها إلى صدر المشهد العقائدي العام، ولتقول من آمن بما نقول ونطرح فقد اهتدى، ومن سفهه فقد ضل ضلالا بعيدا.
إيران ظنت أن المملكة العربية السعودية على استعداد للتخلي عن المناسك الصحيحة التي سار عليها المسلمون منذ أن قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم، وبالتالي فإن طلبات إيران لن تجد طريقها نحو التنفيذ حتى لو منعت إيران مواطنيها من الذهاب إلى الديار المقدسة.
ومع أن فقه قم لا يأخذ بالقياس كواحد من الأصول، إلا أن إيران وفي كل خطوة تفكر في الإقدام عليها، تضع تجربة استطاعت فيها تحقيق مكسب مؤقت من خلال فكرة صناعة السجادة الكاشانية أو الأصفهانية التي تستغرق دهرا، أي المماطلة حتى إيصال الطرف الآخر إلى القرف من مواصلة الحوار فيعطي لها ما تريد، إيران تضع هذا المنهاج دستورا لها ولأنصارها، وربما تظن أنها نجحت في قضية الرهائن الأمريكان الذين احتجزتهم في سفارة بلادهم في طهران عام 1979، أو الرهائن الغربيين الذين اختطفتهم مليشياتها مثل حزب الله اللبناني الإرهابي أو المليشيات التي يحمل بعض عناصرها الجنسية العراقية، في فرض رأيها على الطرف المقابل فانتزعت منه ما تريد، ولهذا جربت هذا النهج في مفاوضاتها مع 5+1 بشأن برنامجها النووي واعتقدت أن حققت شيئا مهما، ففرضت على عملائها الحوثيين ممارسة نفس اللعبة في مباحثات الكويت، وما عرفت إيران أن تعّرف المجتمع الدولي على الأساس الذي تعتمده في مفاوضاتها أفقدها قابليتها على إنجاز أهدافها، لأن الطرف أو الأطراف الأخرى سوف لن تجد ضيرا في ممارسة اللعبة نفسها طالما أنها ترى أن إيران تخسر مع الوقت.
إيران تريد تحويل مواسم الحج إلى “تشابيه” من التي يتم تنفيذها في مواكب اللطم والأحزان التي تغطي أكثر من نصف سنة المسلمين، وكأنها تريد أن تقول للناس أن الحزن فرض وإن الفرح محرّم، ولا أظن أنها بحاجة إلى أن تستند على نص، فالكليني والمجلسي وغيرهما أنجبوا من هو أشد منهم كفرا وتلفيقا ووضعا للأحاديث المضحكة، إيران تريد أن تتم قراءة دعاء “كميل بن زياد النخعي” وكأن قراءة هذا الدعاء المحمّل بعبارات أشبه ما تكون بخربشات طفل على الرمل، أولى من قراءة سورة من القران ألكريم.
إيران تريد من السعودية أيضا الموافقة على عقد تجمعات خارج المناسك وفي البيت الحرام وهو ما يسمى بتجمع البراءة من المشركين، ولا أحد يعرف من هو أكثر من الإيرانيين من أتباع الولي الفقيه شركاً بالله، فهل تريد إيران أن تتبرأ من نفسها ومن معتقداتها؟ أم هي خدعة لتحويل مسار الحج وما فيه من قدسية إلى مآتم وكرنفالات متداخلة مع بعضها، كي فقد المسلمون أمام العالم آخر حصون النقاء في هذه الأمة؟ أم تريد أن تفرض على المسلمين نصوصا بشرية لأناس لم يعرف عنهم الصدق والورع وربما لا يعرفون كيفية الوضوء بدلا من النص القرآني؟
إيران وببساطة تريد تجريد الحج من جانبه الديني وتحويله إلى مسرحية كوميدية ثم تصورها بفلم روائي تسعى للحصول على جائزة الأوسكار بسببه.
إن وجد المفاوض الإيراني أي تهاون من قبل المفاوض السعودي في المبادئ التي لها قوة النص القرآني، فسوف يتمدد في طرح ما يريد وعندها لن نستغرب أن نسمع طلبا بتعليق الصور الشخصية على الكعبة تبدأ بصور مزعومة لعلي بن أبي طالب أو الحسين رضي الله عنهما، ثم لا تتوقف عند عرض صور “أبو لؤلؤة والكليني والمجلسي والخميني وخامنئي”.
أما ما تخطط له حوزة قم وربما حوزات أخرى لا تقل سوء عنها في المسجد النبوي الشريف، فهو نبش قبري صاحبي الرسول الكريم، أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حقدا منها على من بدأ بمعركة القادسية ومن أنهاها بالانتصار العظيم في إزالة دولة ساسان.
هذا جزء ضئيل من مخطط هؤلاء، فما علينا ألا رفض الطلبات الصغيرة كي لا نعطي إغراء للإيرانيين بمزيد من الطلبات التي لن تعرف لها حدودا، وإلا فسنرى أنفسنا ونحن وسط حديقة حيوانات على اليابسة فيها وحوش ضوارٍ وفي بركتها تماسيح وأسماك قرش تنتظر كل مغفل وضع نفسه بين هذين الخيارين.

د.نزار السامرائي