معاهدة سايكس بيكو.. مئة عام على تقسيم الشرق الأوسط

معاهدة سايكس بيكو.. مئة عام على تقسيم الشرق الأوسط

_80320_pa3

تتهم معاهدة سايكس بيكو التي رسمت حدود الشرق الأوسط الحديث بأنها سبب مشاكل هذه المنطقة. ولا تزال المعاهدة محلّ انتقادات منذ توقيعها قبل قرن من الزمن. وهي انتقادات قال عنها المؤرخان هنري لوران وجان بول شانيولو أنها محقة في بعض الجوانب ومخطئة في أخرى.

هل الشرق الأوسط الحالي هو الوريث المباشر لهذه المعاهدة؟

– يوضح هنري لوران، الأستاذ في معهد كوليج دو فرانس، أن حدود سايكس بيكو، التي أعادت تقسيم الإمبراطورية العثمانية تم التفاوض حولها بين 1916 و1922، وخارطة سايكس بيكو الأولى “لا علاقة لها” بالحدود الحالية.

وتتهم هذه المعاهدات بأنها جزّأت العالم العربي، لكن النص الأول يتحدث عن إقامة “دولة أو عدة دول عربية” على الأراضي التي قسمت إلى منطقتي نفوذ فرنسية وبريطانية.

وذكر الباحث بأن الاتفاقات لم تشر إلى “دولة يهودية ولا إلى لبنان”. وكان يفترض أن تكون فلسطين وكذلك الموصل جزءا من منطقة النفوذ الفرنسية.

لكن فرنسا تخلت عنها في 1918 تحت ضغط بريطانيا، وتخلت عن كيليكيا (في تركيا الحالية) عندما حرر القوميون الأتراك بقيادة مصطفى كمال أتاتورك الأناضول بين 1919 و1922.

وبقيت الاتفاقات المبدئية التي أبرمتها باريس ولندن، تحمل اسمي الدبلوماسيين اللذين أعداها البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرنسوا جورج بيكو. وقال لوران إن اختيار اسم “سايكس بيكو اختراع بريطاني للتقليل من أهمية الاتفاق لأنهم ما كانوا يريدون الالتزام به”. وفي 1922، أكدت عصبة الأمم على الانتداب -أو الاستعمار لمدة محددة- البريطاني على فلسطين والضفة الشرقية للأردن والعراق، والفرنسي على سوريا ولبنان، ومنه ولدت الدول الحالية.

هل يدفع الشرق الأوسط ثمن هذه الحدود التعسفية؟

“نعم، إلى حد ما” كما يجيب جان بول شانيولو المؤرخ ومؤلف أطلس الشرق الأوسط. ويضيف “على المستوى الرمزي، ترتبط اتفاقات سايكس بيكو بفكرة قوية في الذاكرة الجماعية لشعوب المنطقة هي الإهانة. نجد بعد عقود مشاكل مختلفة لكن جذورها موجودة في مكان ما في اتفاقات سايكس بيكو”.

في المقابل يرى لوران أنه “يجب الكف عن لعب دور الضحية”. ويضيف أن القوميين العرب أدانوا هذه الحدود التسعفية “لكن لم يتم التشكيك فيها بجدية لأنها كانت تناسب الجميع”.

ويتابع أن عدم الاستقرار الحالي “مرتبط خصوصا بنظام سياسي يبقي الحياة السياسية في المنطقة في لعبة تدخل ومشاركة قوى إقليمية ودولية” منذ القرن الثامن عشر.

من هم أكبر الخاسرين من هذه الاتفاقات؟

يرى جان بول شانيولو أنهم الفلسطينيون والأكراد. ويقول “فرضت تقسيمات تعسفية للأراضي وتم تناسي قوميات”، مضيفا أن “الأكراد كادوا يحصلون على دولة عبر معاهدة سيفر (أغسطس 1920) لكن توازن القوى على الأرض غيّر الوضع”. أما بالنسبة إلى الفلسطينيين، فلم تقض على آمالهم معاهدة سايكس بيكو بل إعلان بلفور في الثاني من نوفمبر 1917 الذي وعد بإقامة “وطن قومي لليهود” في فلسطين.

هل ما زال تعديل هذه الحدود ممكنا؟

يرى جان بول شانيولو أن “سايكس بيكو فرضت حدودا على الشعوب ويجب إعادة الأمور إلى نصابها”. وهو يدافع عن حق الفلسطينيين في إنشاء دولة ويرى أن من حق أكراد العراق ممارسة حقهم في تقرير المصير “وإن كانت الشروط لم تجتمع بعد لإنشاء دولة كردية”.

صحيفة العرب اللندنية