إيران وتسييس فريضة الحج

إيران وتسييس فريضة الحج

14_05_16_11_11_ew

الامتناع عن الحج وسيلة جديدة تتخذها الحكومة الإيرانية لتسيس فريضة الحج هذا العام، فقد دأبت الحكومة الإيرانية طوال الأعوام الماضية على تسييس فريضة الحج، ولطالما كان الحجاج الإيرانيون مصدر إزعاج لحجاج الدول الإسلامية الأخرى ومصدر قلق إضافي لسلطات الأمن في المملكة العربية السعودية، بسبب ما يسمى بتظاهرات «البراءة من المشركين» التي دأب الحجاج الإيرانيون على تنظيمها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران فيرفعون خلالها شعارات الثورة الإيرانية وصور الخميني، ولطالما تساهلت السلطات السعودية ووفرت التسهيلات اللازمة للحجاج الإيرانيين للقيام بأنشطتهم في مواسم الحج المتتالية إلا أن إيران أبت أن تفصل بين الأزمة السياسية بين البلدين والشؤون الدينية مما سينعكس بالدرجة الأولى على المواطنين الإيرانيين الراغبين في الحج هذا الموسم.

وعلى رغم قطع العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران منذ يناير الماضي إلا أن السعودية وفي ضوء الاستعدادات التي تسبق الحج تنسق مع الدول العربية والإسلامية ودول الأقليات الإسلامية لمناقشة ترتيبات ومتطلبات شؤون الحجيج ومن ضمنهم إيران، ورغم قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في يناير الماضي، جرت محادثات في أبريل في السعودية بين السعوديين والإيرانيين لتحديد ترتيبات الحج. إلا أن إيران أعلنت الخميس الماضي وعلى لسان وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران «علي جنتي» أن «الظروف غير مهيأة لأداء مناسك الحج هذا العام»، متهماً السعودية بوضع العراقيل أمام الحجاج الإيرانيين. ومن جانبها سارعت السعودية للرد على الاتهامات الإيرانية مؤكدة عبر بيان صدر عن وزارة الحج والعمرة السعودية أن المملكة لا تمنع أي مسلم من أداء مناسك الحج والعمرة، محملة الحكومة الإيرانية مسؤولية «عدم قدوم مواطنيها إلى المملكة لأداء فريضة الحج هذا العام».

بالعودة إلى السلوك الإيراني فقد نتجت عن الطقوس الإيرانية في المظاهرات ومسيرات «البراءة من المشركين» حوادث تدافع وتسببت بدهس وبمقل آلاف المسلمين وحمل الحجاج الإيرانيون دون غيرهم الأسلحة البيضاء والآلات الحادة، ففي موسم الحجّ لعام 1986 تمكّنت الجمارك السعودية من مصادرة متفجرات حاول الحجيج الإيرانيون إدخالها للسعودية، وفي العام التالي ضبطت السلطات السّعودية أسلحة بيضاء بلغت 35000 آلة حادّة بين سكين وخنجر حاولوا إدخالها في موسم الحج. وفي عام 1987 حصل صدام دامٍ بين القوات السعودية والحجاج الإيرانيين وأدى تدافع الحجاج إلى مقتل 402 شخص منهم 275 حاجّاً إيرانياً و42 حاجاً من جنسيات أخرى، و85 رجل أمن سعودياً.

وكانت نتيجة الأحداث قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران وتقليل العدد المسموح من الحجاج الإيرانيين من 150 ألفاً إلى 45 ألفاً. أما طهران فقامت بمقاطعة الحج في المواسم الثلاثة التالية حتى عادت العلاقات بين الطرفين في عام 1991، وتم تحديد عدد الحجاج الإيرانيين بـ115 ألفاً مع السماح لهم بالتظاهر وفق شروط محددة وفي مكان واحد تخصصه لهم السلطات السعودية. وستمر الاتفاق بين السلطات الإيرانية والحكومة السعودية حتى حادثة التدافع في منى موسم الحج الماضي التي راح ضحيتها أكثر من 2100 حاج منهم 465 إيرانياً، فكانت الحادثة مناسبة لإيران للادعاء بعدم أهلية السلطات السعودية لإدارة موسم الحج! داعية لتشكيل لجنة إسلامية للتحقيق في الواقعة، وطالبت بإشراك أطراف عربية تنتمي لمنظمة التعاون الإسلامي في إدارة شؤون الحج!

تحرص السلطات السعودية على عمل كل ما من شأنه تسهيل أداء الحجاج للمناسك وتعمل بكل طاقاتها لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج والزوار والمعتمرين في كل موسم للحج فيما تستمر إيران في تنظيم مسيرات «البراءة من المشركين» ويبقى السؤال المنطقي: لماذا تنادي إيران بإظهار هذه البراءة فقط في مكة المكرمة، في عز انشغال المسلمين بأداء مناسك الحج؟

عائشة المري

صحيفة الاتحاد