هل يصبح شرط “مكافحة الإرهاب” الأوروبي عائقا أمام تركيا لمنطقة الشنغن

هل يصبح شرط “مكافحة الإرهاب” الأوروبي عائقا أمام تركيا لمنطقة الشنغن

1463166935739

يبدو أن اتفاق إلغاء التأشيرات وصل إلى طريق مسدود بعد أن وضعه الاتحاد الأوروبي كشرط مقابل تغيير تركيا لقوانين مكافحة الإرهاب لديها. إنها خطوة سيئة يمكنها أن تعرقل خارطة الطريق لعملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وربما تقضي على أهم خطوة في العملية وهي اتفاقية اللاجئين.

بعد مفاوضات استمرّت عدة أشهر توصّلت تركيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بإلغاء التأشيرات بين الجانبين. وهذا الاتفاق جزء من التدابير المتّخذة في إطار خارطة الطريق التي شملت عدة ملفات من أبرزها اتفاقية اللاجئين بين الجانبين. حيث بدأت تركيا اعتبارا من 20 مارس الماضي بإعادة اللاجئين الذين حاولوا التسلّل إلى أوروبا بطرق غير شرعية عبر أوروبا واليونان، واستبدال كل لاجئ حاول التسلل بطريقة غير شرعية إلى أوروبا بلاجئ مقيم شرعياً في تركيا.

هذه الاتفاقية وغيرها من التدابير خفّضت أعداد اللاجئين الذين يحاولون التسلّل كل يوم عبر البحر من تركيا إلى اليونان من 5000 آلاف كان يغرق العديد منهم في البحر إلى 100 متسلّل يوميا. وستظل اتفاقية إعادة قبول اللاجئين سارية المفعول طالما الأزمة السورية مستمرة. بعد هذه الاتفاقية لم تعد دول الاتحاد الأوروبي تشعر بضغط آلاف المهاجرين غير الشرعيين الذين كانوا يظهرون بشكل مفاجئ ومكثّف في شوارع المدن الأوروبية.

منّة وتفضّل أم حق؟

إلغاء تأشيرة دخول الأتراك إلى أوروبا  هو جزء من هذا الاتفاق، في الحقيقة إن هذا الموضوع مطروح للتفاوض منذ 2013. وكان من المتفق أن تصبح الاتفاقية سارية المفعول في شهر أكتوبر من هذا العام لكن تم تقديم التوقيت إلى شهر يونيو كإثبات لحسن النوايا.

لكن إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي تعتقد أن هذا منّة منها لتركيا التي قدّمت الكثير مقابل ذلك، فعليها أن تعيد التفكير في الموضوع مرة أخرى. تركيا ترحّب بإلغاء التأشيرة والانضمام إلى منطقة شنغن لكن لن تقبل أن يكون ذلك على حساب أمنها القومي ومصالحها. من المفترض أن تكون تركيا ضمن منطقة شنغن وتُلغى التأشيرة لدخول مواطنيها إلى الاتحاد الأوروبي منذ زمن طويل، وهذا الخطأ ناتج عن تفكير الاتحاد الأوروبي فليس من المعقول أن تُلغى التأشيرة بين الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى من الخليج حتى أمريكا اللاتينية وتبقى قائمة مع تركيا التي لديها اتفاق جمركي مع الاتحاد الأوروبي، ولديها ما يقرب من 5 ملايين مواطن في أوروبا.

قوانين مكافحة الإرهاب في تركيا التي تحارب الإرهاب في عدة جبهات يمكن إعادة النظر فيها ضمن مفاوضات حصول تركيا على العضوية في الاتحاد الأوروبي. ولكن من سوء التقدير السياسي أن يتم تقديمها كشرط مسبق لإلغاء التأشيرة.

لا يمكن لتركيا تعديل قوانين مكافحة الإرهاب لديها في الوقت الذي تحارب فيه الإرهاب في عدة جهات مع حزب العمال الكردستاني وداعش والجبهة الشعبية الثورية وغيرها من المنظمات الإرهابية. على مدى 8 أشهر مضت فقدت تركيا أكثر من 400 جندي من القوات الأمنية ومن المدنيين، فبالأمس فقط قتل حزب العمال الكردستاني 6 جنود في جوكورجا وهكاري وتوفي اثنان آخران عند تحطم المروحية التي كانت تقلّهم. وشن حزب العمال الكردستاني عدة هجمات على قوات الأمن والمدنيين في ديار بكر وهكاري وماردين وأنقرة وإسطنبول مما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص. كما أن مدينة كيليس تحت هجمات صاروخية ينفّذها داعش من سوريا.

حق مكافحة الإرهاب

تركيا عازمة على إزالة هذه التهديدات الإرهابية سواء تلقّت الدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي أم لم تتلقاه. والسؤال هنا كيف للاتحاد الأوروبي أن يطلب من تركيا أن تغيّر قوانين الإرهاب لديها في حين أن التهديدات الإرهابية تحيط بها من كل جانب، وتتحمل أعباء الحرب السورية في الوقت الذي يكون فيه حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش نشيطين في مهاجمتها. الاتحاد الأوروبي لم يطرح مطالب مماثلة على فرنسا وبلجيكا اللتان أخذتا بتدابير صارمة لمواجهة الإرهاب عقب هجمات باريس وبروكسل. بل إنه لا يوجد موضوع للنقاش من هذا القبيل. نحن نؤيد هذه الدول في حربها ضد الإرهاب بجميع صوره وأشكاله لكن في المقابل من حقّنا أيضا أن نحظى بالتأييد والدعم من قبل حلفائنا الغربيين في حربنا مع الإرهاب سواء كان تنظيم داعش أو حزب العمال الكردستاني.

يتعين على أوروبا أن تراجع مواقفها تجاه حزب العمال الكردستاني الذي يسرح ويمرح في بلدانها ولديه عشرات المنظمات التي تقوم بالحشد وجذب عناصر جديدة للانضمام إلى صفوفه وتجمع الأموال والدعم له في أوروبا وإرسالها إليه، بدلا من الضغط على تركيا لتعديل قوانين مكافحة الإرهاب. تخيل لو أن تركيا أو أي دولة إسلامية أخرى سمحت لمنظمة إرهابية كداعش أو غيرها بالحشد والتجنيد وجمع الأموال في أراضيها؟ ما الذي كان سيحدث.

تركيا تسعى لتنفيذ خارطة الطريق وتساعد في احتواء أزمة اللاجئين، وحصول مواطنيها على السفر بدون تأشيرة إلى منطقة شنغن هو جزء طبيعي من هذه العملية، لكن لا يمكن أن تُفرض على تركيا مطالب تأتي على حساب مصالحها وأمنها القومي. الشيء الذي يجدر بالاتحاد الأوروبي أن يقوم به هو دعم تركيا في حربها على الإرهاب بدلا من طرح مطالب تعجيزية من شأنها أن تشجع الإرهاب والجماعات الإرهابية ومؤيديها ضد تركيا وأوروبا على حد سواء.

إبرلاهيم كالين

تركيا بوست