الغرب يتعهد مجددا بإقامة علاقات تجارية مع إيران دون أفعال تذكر

الغرب يتعهد مجددا بإقامة علاقات تجارية مع إيران دون أفعال تذكر

_80768_100

سعت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، أمس، إلى طمأنة المؤسسات المالية والشركات الأجنبية إلى إمكانية القيام بتبادل تجاري مع إيران بعد الاتفاق النووي الذي تم في يوليو الماضي.

وأكدت الدول الأربع الكبرى التي شاركت في المفاوضات إلى جانب روسيا والصين في بيان أنها لن تقف عائقا أمام الأنشطة التجارية المسموح بها مع طهران “طالما احترمت القوانين السارية”.

ويقول خبراء اقتصاد إن هذه الخطوة لن تساعد إيران في جلب الاستثمارات الأجنبية لأن الغرب يتحدث فقط عن الأموال المجمدة ولم يعد لحد الآن سوى 20 بالمئة من هذه الأموال وأن كل حصلت عليه ايران من أموال لن ينقذ اقتصادها.

وبموجب الاتفاق النووي الموقع مع إيران والذي بدأ تطبيقه في فبراير الماضي، رفعت الدول الغربية الجزء الأكبر من العقوبات التي كانت مفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي. لكن واشنطن أبقت على عدة عقوبات ردا على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.

ووافقت طهران على الحد من برنامجها النووي في مقابل رفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لعقوبات اقتصادية ومالية فرضت عليها بسبب جهودها لتخصيب اليورانيوم.

ومع رفع بعض العقوبات أبرمت إيران صفقات لا يقل إجمالي قيمتها عن 37 مليار دولار مع شركات من بينها إيرباص لصناعة الطائرات وبيجو لصناعة السيارات ودانييلي الإيطالية للصلب.

وبالتوازي مع ذلك تسعى الحكومة الإيرانية إلى إبرام صفقات نفطية مع الشركات العالمية العملاقة في مجال الطاقة بهدف الاستثمار في حقول النفط لجني أموال تساعدها على تجاوز أزمتها الاقتصادية التي تمر بها منذ أكثر من عقد.

ولا تزال واشنطن تقيّد التعامل مع إيران بسبب مخاوف تتعلق بالإرهاب وحقوق الإنسان. ويحظر على البنوك الأميركية إجراء أنشطة مع إيران.

ومن المفارقات أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تتعرض لانتقادات في الولايات المتحدة تأخذ عليها سرعة التحرك للسماح لإيران بالعودة إلى أحضان المجتمع الدولي بعد الاتفاق النووي. ورغم تدفق الاستثمارات على إيران من الغرب إلا أن الغموض الذي يكتنف قواعد العقوبات، يثني بعض الشركات عن إجراء أنشطة مع طهران.

ويقول المحامون المعنيون بالتعامل مع قواعد العقوبات، إن الحصول على إجابات من الحكومة بشأن الأنشطة الممنوعة والمسموح بها، قد يكون صعبا.

وبينما تعهدت الدول بتوضيح قواعد الاستثمار، فإن طهران حثت أيضا على خلق مناخ أكثر جذبا للمستثمرين.

واستأنفت البنوك الأوروبية التي تملك فروعا في الولايات المتحدة ببطء الأعمال مع إيران خشية ملاحقات قضائية في الولايات المتحدة، لكن البيان وفق خبراء اقتصاد أعطى الضوء الأخضر للأنشطة التجارية.

وكان محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف قد أشار، الخميس، إلى أن جهود بلاده لتوحيد سعر الصرف الرسمي لعملتها مع سعر السوق السوداء، يعرقلها غياب التقدم لإعادة دمج إيران ضمن أسواق المال العالمية.

وقال سيف لوكالة رويترز في مقابلة على هامش مؤتمر يورومني في إيران “كنا نتوقع أن يكون بمقدورنا الاندماج مع الأسواق العالمية والاستفادة من الموارد المتاحة خلال فترة زمنية معقولة. لكن للأسف لم يحدث ما كنا نتوقعه”.

وأكد صناع السياسة النقدية في وقت سابق أنهم يخططون لتوحيد السعرين الرسمي وغير الرسمي وكان من المقرر أصلا أن تبدأ العملية بعد نحو ستة أشهر من تنفيذ إيران لاتفاقها المبرم مع القوى العالمية.

ويقل النمو الاقتصادي الإيراني كثيرا عن المعدلات التي تستطيع البلاد تحقيقها بسبب تأثير العقوبات وتدني أسعار الطاقة وارتفاع أسعار الفائدة. لكن هناك توقعات بوصول معدل النمو السنوي إلى 8 بالمئة على مدى السنوات الخمس المقبلة.

ولفت سيف أيضا إلى أن بلاده في طريقها لخفض التضخم إلى أقل من 10 بالمئة خلال السنة المالية التي تنتهي في مارس المقبل من حوالي 11 بالمئة حاليا.

وفي خضم ذلك، تدرس شركات غربية من بينها شركة بومجرانيت انفستمنت السويدية القيام بطرح عام أولي لتمويل استثمارات في إيران، وذلك في خطوة ستكون الأولى من نوعها منذ رفع العقوبات الدولية عن طهران.

لكن الاحترازات التي تأخذها لتوضيح أن معاملاتها سليمة تظهر الوقت والتكلفة اللازمين حتى لعملية بهذا الحجم الصغير، ولهذا تتوخى انفستمنت التي تأسست في السويد عام 2014 الحذر أثناء دخولها السوق الإيرانية.

وقال فلوريان هلميش، الرئيس التنفيذي للشركة في تصريحات لرويترز، أثناء زيارة إلى لندن الاثنين الماضي، إن الشركة التي جمعت مليون دولار من المستثمرين الأوروبيين منذ 2014، توقعا لرفع العقوبات، تأمل في إطلاق طرحها العام الأولي في السويد خلال 12 شهرا لتمويل استثمارات في قطاع التكنولوجيا الاستهلاكية بإيران.

ورفض الكشف عن حجم ما قد تجمعه الشركة لكن لن يسمح للمواطنين الأميركيين والكنديين ولا لشركات البلدين، بالاكتتاب في الطرح.

وستجري كل المعاملات باليورو تفاديا لانتهاك الحظر المفروض على المدفوعات الدولارية من إيران وإليها عبر المؤسسات المالية الأميركية، وهو الحظر الذي مازال يثير مخاوف البنوك الأوروبية بعد أن فرضت واشنطن على بعضها غرامات ضخمة بسبب تعاملها مع طهران. لكن التحدي الرئيسي لأي شركة أجنبية سيكمن في فحص الشركاء الإيرانيين للتأكد من أنهم ليسوا على القائمة السوداء الأميركية.

صحيفة العرب اللندنية