الماليزيون والنكبة.. أبعاد إنسانية وتاريخية

الماليزيون والنكبة.. أبعاد إنسانية وتاريخية

النكبة
احتلت ذكرى نكبة فلسطين أهمية غير عادية في الأوساط الماليزية هذا العام، فنظمت فعاليات كثيرة شعبية وأكاديمية وسياسية، في وقت عزا فيه مراقبون هذا الاهتمام إلى زيادة وعي الماليزيين بالقضية الفلسطينية، وتكرار العدوان الإسرائيلي على غزة، والأحداث المتعاقبة في المنطقة العربية، وتنامي شعور قوي بأن الشعب الفلسطيني يشرب من كأس الاستعمار البريطاني نفسها التي شرب منها الماليزيون قبل استقلالهم عام 1957.

وشكلت المشاركة في علاج جرحى العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008 دافعا إنسانيا غير مسبوق بالنسبة لطبيب الأطفال موسى نور الدين، الذي عاد إلى ماليزيا ليشكل تحالفا من المؤسسات غير الحكومية لمساعدة الشعب الفلسطيني.

ويقول الدكتور نور الدين إن أكبر تحد كانت تواجهه هذه المؤسسات الناشئة هو نقص الخبرة، سواء في مجال العمل الإغاثي والإنساني أو في مجال القضية الفلسطينية نفسها بسبب البعد الجغرافي واختلاف الأجواء السياسية والاجتماعية.

ويضيف نور الدين في حديثه للجزيرة نت أن فكرة مساندة الشعب الفلسطيني على أسس إنسانية محضة تطورت بسرعة، ليتم تشكيل مؤسسة عالمية لمساعدة الشعب الفلسطيني، أُطلق عليها اسم “فيفا فلسطين” (تحيا فلسطين)، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة تلقت دعما كبيرا من قبل الناشط السياسي البريطاني جورج غالاوي، وغيره من النشطاء الأوروبيين.

ويؤكد طبيب الأطفال الماليزي أن الهدف من أنشطته الإنسانية المتعددة هو إشراك غير المسلمين من مسيحيين وبوذيين وهندوس في الكفاح من أجل تحرير فلسطين وإنصاف الشعب الفلسطيني.

من جهته، يرى نائب رئيس الاتحد العالمي لعلماء المسلمين عبد الهادي أوانغ أن القضية الفلسطينية مسألة مبدأ لا يخضع لمناقصات، وأن كفاح الإسلاميين والعلماء منذ استقلال ماليزيا حال دون اعترافها بالكيان الصهيوني.

ويقول أوانغ للجزيرة نت رغم أن الأحزاب الإسلامية تجلس في صف المعارضة، فإنها تحظى بقاعدة شعبية عريضة، ففي مقابل دعوات التطبيع مع إسرائيل فإن الحكومة الماليزية اضطرت إلى منع سفر الماليزيين إليها، ونص هذا المنع في جوازات السفر.

وعزا أوانغ -الذي يشغل منصب نائب رئيس رابطة علماء المسلمين- زيادة اهتمام الماليزيين بالقضية الفلسطينية إلى الانتفاضة نفسها التي تتجدد أشكالها بين حين وآخر بما يجعل القضية حية بشكل دائم.

كما ربط هذا الاهتمام أيضا بدخول الإنترنت والإعلام الجديد دائرة الصراع، حيث لم يعد بالإمكان التعتيم الإعلامي على ما يصل للشعب الفلسطيني، بالموازاة مع الشعور بإهمال العرب القضية الفلسطينية بسبب المشاكل التي تعاني منها المنطقة العربية.

بين الاحتلال والاستعمار
وحاول الكاتب الماليزي خالد جيمات توضيح أساسيات القضية الفلسطينية في كتاب دشنه باللغة المحلية في الذكرى 68 للنكبة بعنوان “عشرون سؤالا عن الانتفاضة”.

ويقول جيمات إن الكتاب يجيب عن أسئلة أساسية تشغل الماليزيين حول القضية الفلسطينية، ويلخص تجربته الشخصية مع القضية، حيث زار فلسطين عدة مرات ولامس مشاعر الشعب الفلسطيني في كل من غزة والضفة والمهجر.

وكغيره من السياسيين والمفكرين الماليزيين يستذكر جيمات حقبة الاستعمار البريطاني قبل استقلال ماليزيا، ويقول للشعب الماليزي إنكم حصلتم على الحرية والاستقلال، لكن الشعب الفلسطيني ما زال يرزح تحت الاحتلال منذ نحو سبعة عقود.

ويضيف في حديثه للجزيرة أن الفرق بين الاستعمار البريطاني والاحتلال الإسرائيلي هو أن الأول لم يستهدف إفناء الشعب وإنما سلب الثروات، أما الثاني فيستهدف السكان الأصليين تهجيرا وتقتيلا وسلبا لثرواتهم.

وينبه جيمات إلى الخلط الذي يحاول ماليزيون إظهاره بإسقاط واقع ما بعد استقلال بلادهم على القضية الفلسطينية، حيث أمكن التعايش مع الأقليات التي جلبها الاستعمار مثل الصينيين والهنود.

ويرد على الخلط بأن المشكلة في فلسطين تكمن في الاحتلال وسياساته، وليس مع عرق أو دين، بينما نال الماليزيون استقلالهم وتعايشوا مع الآخرين ضمن خياراتهم، مبينا أن ما يطلبه الشعب الفلسطيني هو أبسط حقوق الحرية والاستقلال.

سامر علاوي

الجزيرة نت