كيف تنظر الصين إلى قضايا الشرق الأوسط؟

كيف تنظر الصين إلى قضايا الشرق الأوسط؟

441

مذ بدأت الصين مشوارها فيما أطلق عليها سياسة الإصلاح والانفتاح قبل أكثر من ثلاثة عقود, دأبت قيادتها على التصريح في كل مناسبة بأن ما تتخذه من مواقف سياسية تجاه مختلف القضايا على المستويين الإقليمي والدولي, لا بد أن يصب في مصلحة التنمية الاقتصادية المحلية.
وأدت هذه السياسة إلى جعل انخراط هذا العملاق الآسيوي في قضايا الشرق الأوسط خلال العقود الماضية؛ محدودا ولا يتجاوز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول المنطقة.
وبعدما امتدت مصالحها وانتشرت مشاريعها الاقتصادية في عدة مناطق بالعالم, يبدو أن الصين أيقنت أخيرا -كما يرى متابعون- أن التمترس خلف الأسوار والتغني بعلاقات الصداقة والتنمية السلمية, لن يكون كافيا لحماية تلك المصالح.

حل الأزمات
وهو ما ذهب إليه مدير معهد السياسة العامة في جامعة جنوب الصين للتكنولوجيا لي مينغ بو, عندما قال إن عدم تدخل الصين المباشر سابقا في منطقة الشرق الأوسط سببه أنها اعتمدت في الماضي على الذات لبناء قوتها الاقتصادية والعسكرية، ولم تكن مؤهلة للتدخل في شؤون تلك المنطقة.

ويرى لي في حديثه للجزيرة نت أن الأمر الآن مختلف, فقد أصبحت الصين ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم وهي قادرة على المشاركة في حل أزمات الشرق الأوسط, “بل ويجب عليها فعل ذلك لأنها فقط بذلك تستطيع أن تتجاوز كونها قوة إقليمية لتصبح قوة عالمية بتحملها مسؤولياتها الدولية كدولة كبرى”.

وفي إجابته على سؤال عن الأسباب الكامنة وراء تردد الصين في الانخراط المباشر في القضايا العربية والأزمات التي تعصف بالمنطقة ما بعد الربيع العربي، قال لي إن مؤسسات الفكر والتخطيط الإستراتيجي المؤثرة في قرارات السياسة الخارجية الصينية تعارض تدخل بكين المباشر في قضايا الشرق الأوسط المعقدة جدا في نظرهم.

وأضاف أن ذلك يعود إلى حساسية الأوضاع في منطقة “شنغيانغ” ذات الأغلبية الإيغورية المسلمة في شمال غرب البلاد، التي “ربما لها ارتباط -ولو كان جزئيا- في ما يحدث الآن بالشرق الأوسط”.

حماية المصالح
وينظر القادة الصينيون إلى الشرق الأوسط على أنه بؤرة إنتاج النفط محرك عجلة البلاد الاقتصادية, كما يحتل العالم العربي موقعا رئيسيا على خارطة “مبادرة الحزام والطريق” التي تبنتها القيادة الصينية خلال الأعوام الأخيرة, والتي بموجبها تنوي توسيع تجارتها واستثماراتها عبر آسيا وأفريقيا.

وأوضح رئيس المعهد الدولي للاتصالات في جامعة “شينخوا” لي شي غوانغ أن الصين هي المستورد الرئيسي للنفط من الشرق الأوسط، ويعتبر أمن الطاقة بالنسبة لها مشكلة كبيرة، ومن ناحية أخرى فإن خطوط النقل البحري تتم عبر البحار في المنطقة العربية، لذلك فإن ضمان الأمن البحري أمر بالغ الأهمية، ومن البديهي أن تكون للصين هناك رؤية إستراتيجية أكبر.

ومن يتابع السلوك الصيني تجاه المنطقة يلاحظ عدم تطلعها إلى ترسيخ قدمها في المنطقة بالطريقة الأميركية أو الروسية، إذ إن دور الصين في الشرق الأوسط سيتركز مستقبلا -كما يقول تانغ جي تشاو من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية للجزيرة نت- في التنمية الإقليمية وإحلال الأمن والسلام على طول خط التعاون الذي رسمته الصين في مبادرة “الحزام والطريق”.

وهو ما يظهر واضحا في القضية السورية وفقا للأستاذ في معهد العلاقات الدولية بجامعة “شينخوا” وانغ بينغ الذي قال إن التصريحات وإبداء وجهات النظر هو أقصى ما يمكن أن تقوم به الصين حاليا تجاهسوريا.

ناصر عبدالحق

الجزيرة