فهم تنظيم الدولة.. التاريخ وجدول الأعمال

فهم تنظيم الدولة.. التاريخ وجدول الأعمال

441

بلغت أعمال العنف التي قام بها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق في عامي ٢٠٠٦ و ٢٠٠٧ ذروتها قبل أن تخف حدتها نتيجة لزيادة عدد الجنود الأمريكان عام ٢٠٠٧ مما حول مجرى الحرب لصالح أمريكا.

في أبريل عام ٢٠١٠، تم اغتيال كلا من أبو أيوب المصري وأبو عمر البغدادي في عملية مشتركة بين القوات الأمريكية والعراقية، وهو ما مهد الطريق أمام قيادة أبو بكر البغدادي للتنظيم، وقد كان القائد الجديد، الذي ولد في سامراء عام ١٩٧١، قائدًا ميدانيًا بارعًا في التكتيك الحربي في الفترة التي أعقبت الاحتلال الأمريكي للعراق، وتم اعتقاله في معسكر بوكا – وهو سجن تديره القوات الأمريكية جنوبي العراق – في الفترة من ٢٠٠٥ إلى ٢٠٠٩.

وبعد استكمال الولايات المتحدة سحب جنودها من العراق في أواخر عام ٢٠١١، ازدادت الأعمال الإرهابية لتنظيم الدولة بشكل كبير – وبخاصة هجماتها ضد الأهداف الشيعية، وفي عام ٢٠١٢ اعتمد التنظيم اسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (ويعرف أيضًا باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام)، في إشارة لطموح التنظيم في الانتقال إلى سوريا، وكان علاقات تنظيم الدولة الإسلامية مع الجماعات الجهادية الأخرى مثل جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة علاقات متوترة وكان يقوم بعملياته بشكل مستقل عنهم.

خلال عام ٢٠١٢، قام تنظيم الدولة بتنفيذ عمليات استهدفت عدة مدن خلال عدة أيام ما أسفر عن مقتل ٢٥ عراقيًا – من بينها أربعة أيام منفصلة قتل فيها أكثر من مائة عراقي.

وفي مارس عام ٢٠١٣، استولى تنظيم الدولة على مدينة الرقة السورية.

وفي الشهر التالي، أعلن البغدادي، على عكس رغبة الظواهري، اتحاد تنظيم الدولة مع جبهة النصرة، لكن قائد جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، قد رفض هذا الإجراء.

وفي أواخر عام ٢٠١٣، اتحد عدد من التنظيمات الجهادية المتناحرة لتكوين جيش المجاهدين الذي كان الغرض منه إجبار تنظيم الدولة على الخروج من سوريا، ولكن عندما أثبت تنظيم الدولة أنه أقوى من أن يتم طرده، قام الجيش السوري الحر بالتوقيع على اتفاق هدنة مع التنظيم في سبتمبر من نفس العام.

وفي يناير من عام ٢٠١٤، سيطر تنظيم الدولة على مدينة الفالوجة ذات الأغلبية السنية، والتي تقع غرب محافظة الأنبار العراقية، كما سيطر أيضًا على أجزاء كبيرة من الرمادي، عاصمة المحافظة، كما أعلن وجوده في عدة مدن صغيرة بالقرب من الحدود السورية التركية.

وفي ٣ فبراير ٢٠١٤، وبعد عدة أشهر من الاقتتال الداخلي بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة، تخلى تنظيم القاعدة عن علاقاته بتنظيم الدولة.

وفي ٩ يونيو ٢٠١٤، قام تنظيم الدولة بتحرير ألف سجين من السجون العراقية؛ وفي اليوم التالي قام باجتياح الجيش العراقي في الموصل؛ وفي ١٢ يونيو سيطر على مدينة تكريت؛ وفي ٢١ يونيو استحوذ على أربعة مدن عراقية أخرى من بينها القيم التي تقععلى الحدود مع سوريا.

وبينما استمر تنظيم الدولة في بسط هيمنته، وبخاصة في شمال وغرب العراق، اكتسب التنظيم سمعة مخيفة بسبب أعماله الوحشية التي تتمثل في الخطف والإجبار على الدخول في الإسلام والمجازر الجماعية والإعدامات العلنية بطرق مختلفة، مثل الصلب وقطع الرأس أو إلقاء الناس من فوق أسطح المباني العالية وحبس الناس في قفص ثم إشعال النار فيهم أحياء أو الضرب حتى الموت قبل سحل جثثهم، في مشاهد احتفالي في الشوارع، ففي عام ٢٠١٤، قام التنظيم ببث فيديو شهير لقطع رؤوس بريطانيين اثنين (وهما ديفيد هينيز وآلان هينينج)،

وأمريكي (وهو بيتر كاسيج) من العاملين بالإغاثة وصحفيين أمريكيين (وهما جيمس فولي وستيفين سوتلوف).

وبالإضافة إلى الأعمال الوحشية التي سبق ذكرها، فقد قام التنظيم أيضًا بتدمير الآثار “الوثنية” ومقتنيات المتاحف من التماثيل والمنحوتات التي لا تقدر بثمن والتي يرجع تاريخها لآلاف السنين والأضرحة القديمة التي يقدسها المسيحيون واليهود، وقال أحد أعضاء التنظيم، الذي وصف تلك الأشياء بأنها تروج للوثنية أن “النبي قد أمرنا بالتخلص من التماثيل والآثار، وقد فعل صحابته نفس الشيئ عندما فتحوا البلاد بعد وفاته”، وعندما قام تنظيم الدولة بتفجير المكتبة العامة في الموصل بالعراق، وقام بإشعال النار في عشرة آلاف كتاب وأكثر من ٧٠٠ مخطوطة نادرة، أعلن أحد المنتمين للتنظيم أن “هذه الكتب تروج للكفر وتحرض على المعاصي، ولذلك أحرقناها”.

وفي ٢٩ يونيو ٢٠١٤، أعلن تنظيم الدولة تأسيس ما قال إنها خلافة إسلامية والتي سوف يطلق عليها منذ ذلك الحين اسم “الدولة الإسلامية” وأنها لاتعترف بالحدود، ومن جانبه أعلن أبو بكر البغدادي نفسه خليفة المسلمين في العالم وبدأ في استخدام اسم “الخليفة إبراهيم”.

وبحلول يوليو ٢٠١٤، قام التنظيم باجتياح كل المدن السورية الواقعة بين دير الزور والحدود العراقية.

وفي ٨ أغسطس ٢٠١٤، أذن الرئيس أوباما بغارات جوية لاستهداف مواقع تنظيم الدولة في العراق وسوريا، ويقال إن عدد جنود التنظيم يتراوح بين ٢٠٠٠٠ إلى ٣١٥٠٠ مقاتل، ومن بين هؤلاء جهاديون أجانب من العالم العربي والقوقاز والولايات المتحدة والدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وفي ذلك الوقت، كان تنظيم الدولة أغنى تنظيم إرهابي في العالم حيث كان يمتلك ٢ مليار دولار وأصول أخرى، ففي سنواته الأولى (عندما كان يعرف بتنظيم القاعدة في العراق)، كان يعتمد في تمويله على تبرعات الأغنياء في الكويت والأردن وسوريا والمملكة العربية السعودية، وبعد ذلك أصبح تنظيم الدولة يحصل على تمويله عن طريق التهريب والابتزاز وبيع الآثار المنهوبة من الأماكن الأثرية، وسرقة مئات الملايين من الدولارات من فرع البنك العراقي المركزي بالموصل، والاستيلاء على حقول البترول شرق سوريا.

وفي ١ يناير ٢٠١٥، أصبح التنظيم يسيطر على ٤٥ مدينة منفصلة على الأقل في شمال العراق وشرق سوريا.

وفي ديسمبر ٢٠١٤، أعلن المتحدث باسم تنظيم الدولة عن نوايا الإبادة الجماعية للتنظيم: “سوف نغزو أوروبا يومًا ما، هذا ليس سؤالا عما إذا كنا سنغزوها أم لا، هي فقط مسألة وقت، الأمر مؤكد، نحن لا نعترف بالحدود. هناك فقط جبهات قتال، إن تمددنا سوف يكون سريعًا ومستمرًا، ويجب أن يعلم الأوروبيون أننا عندما نصل إليهم، فلن يكون هذا جيدًا بالنسبة لهم، فنحن سوف نصل إليهم بسلاحنا، ومن يرفض الدخول في الإسلام أو دفع الجزية، سوف يقتل – ولا يهم كثير أكانوا ١٥٠ مليونًا أو ٢٠٠ مليونًا أو ٥٠٠ مليونًا أو أكثر، سوف نقتلهم جميعًا”.

في يناير عام 2015، يورجن تودينهوفر، وهو أول مراسل غربي يؤخذ ضمن مجموعة مقاتلين لتنظيم الدولة ولم يتم قتله في تلك العملية، قام بمناقشة ملاحظاته حول المجموعة الإرهابية عبر قناة الجزيرة، وقال “كنت دائمًا أسألهم عن قيمة الرحمة في الإسلام”، ولكن “لم أرَ أية رحمة في سلوكهم”، وأضاف تودينهوفر “هناك شيء لا أفهمه على الإطلاق، وهو الحماس في خطتهم للتطهير الديني، يخططون لقتل غير المؤمنين، كما أنهم سيقتلون الديمقراطيين أيضًا لأنهم يعتقدون أن المسلمين غير التابعين لداعش يضعون قوانين للبشرية فوق وتعاليم الإله، هم يتحدثون عن قتل مئات الملايين، كانوا متحمسون لذلك، وأنا فقط لا أستطيع استيعاب وفهم ذلك”.

وقد توسع تودينهوفر في ملاحظاته عن داعش من الداخل في كتابه: عشرة أيام في الدولة الإسلامية، والذي نشر في أبريل 2015، وهنا، وكذلك في مقابلات لاحقة، أدلى بهذه التصريحات:

* “يخطط الإرهابيون لقتل مئات الملايين من الناس، والغرب يستهين بقدرات وقوة داعش؛ فداعش تنوي أن تضع يدها على الأسلحة النووية”.

* “إن داعش تعتبر تسونامي نووي تعد لأكبر عملية تطهير ديني في التاريخ”.

* “إنهم يملكون الآن أرض أكبر حجمًا من المملكة المتحدة، ويدعمهم الحماس الشره والذي لم أرَ له مثيل من قبل في مناطق الحروب، ففي كل يوم هناك مئات المقاتلين على استعداد للمشاركة، وهم العدو الأكثر وحشية والأكثر خطورة والذي لم أرَ مثله بحياتي”.

* “إنهم وحشيين للغاية، ليس فقط في قطع الرؤوس؛ أنا أتحدث عن فلسفة التطهير الديني، فهذه هي فلسفتهم الرسمية؛ إنهم يتحدثون عن 500 مليون شخص واجب عليهم الموت”.

  • *”مئات الملايين من الناس يجب القضاء عليهم في مسار هذا التطهير الديني”.

* “هذه أكبر استراتيجية للتطهير الديني سبق التخطيط لها في تاريخ البشرية”.

* “جميع المسلمين الذين يروجون للديمقراطية، ينبغي أن يكون مصيرهم القتل؛ لأنهم – ومن وجهة نظر داعش – يعملون على تعزيز قوانين بشرية تعلو على شريعة الله”.

* “داعش على ثقة تامة من الانتصار في المعركة”.

“الغرب يسيء تقدير الخطر التي تشكله داعش على نحو مخيف”.*

* “مقاتلين داعش أكثر ذكاء وخطورة مما يعتقد قادتنا، ففي تنظيم الدولة، هناك حماس واضح وثقة بالنصر، لم أشهده في العديد من مناطق الحرب”.

* “داعش تريد أن تقتل جميع غير المؤمنين والمرتدين واستبعاد النساء والأطفال، جميع الشيعة واليزيدية والهندوس والملحدين المشركين يجب قتلهم”.

“داعش تريد غزو العالم”. *

وبحلول فبراير عام 2015، حققت داعش نجاحات كاسحة في ليبيا، وأخذت العديد من المدن الساحلية ( على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط) في هذه البلد، وفي 18 فبراير، هددت الجماعة الإرهابية بإغراق أوروبا بعدد 500,000 من المهاجرين من ليبيا وذلك في هجوم “نفسي” ضد الغرب.

وفي 31 أكتوبر 2015، انفجرت قنبلة زرعتها داعش داخل طائرة ركاب روسية في الجو فوق شبه جزيرة سيناء المصرية، مما أسفر عن مقتل 224 شخصًا كانوا على متنها.

في 13 نوفمبر 2015، ثلاثة فرق من إرهابيين داعش نفذوا هجمات في سبعة مواقع متفرقة في باريس بفرنسا، مما أسفر عن مقتل 129 شخصًا على الأقل وإصابة 325 على الأقل، حيث اعتدى المهاجمون على فرقة موسيقية ومقهى ومتفرجين في ملعب لكرة القدم، كما قتل سبعة من الثمانية الإرهابيين في المذبحة، بما في ذلك الستة الذين فجروا أنفسهم بأحزمة ناسفة، وفي بيان صدر بعدة لغات في أعقاب الهجمات أعلنت الجماعة الإرهابية:

“في غزوة مباركة يسر الله لها أسباب التوفيق، انطلقت ثلة مؤمنة من جند الخلافة أعزها الله ونصرها، مستهدفين عاصمة العهر والرزيلة، وحاملة لواء الصليب في أوروبا (باريس)، فتية طلقوا الدنيا وأقدموا على عدوهم يبتغون القتل في سبيل الله نصرة لدينه ونبيه صلى الله عليه وسلم وأوليائه، وإرغامًا لأنف أعدائه، فصدقوا الله نحسبهم كذلك، ففتح الله على أيديهم وألقى في قلوب الصليبيين الرعب بعقر دارهم.

حيث قام ثمانية أخوة ملتحفين أحزمة ناسفة وبنادق رشاشة باستهداف مواقع منتخبة بدقة في قلب عاصمة فرنسا، منها ملعب (دي فرانس) أثناء مباراة فريقي ألمانيا وفرنسا الصليبيتين حيث كان معتوه فرنسا (فرانسوا أولاند) حاضرًا، ومركز (باتلكون) للمؤتمرات حيث تجمع المئات من المشركين في حفلة عهر فاجرة، وأهدافًا أخرى في المنطقة العاشرة والحادية عشر والثمانية عشر وبصورة متزامنة، فتزلزلت باريس تحت أقدامهم، وضاقت عليهم شوارعها، وكانت محصلة الهجمات هلاك ما لا يقل عن مائتي صليبي وإصابة أكثر من ذلك ولله الحمد والمنة والفضل.

ولتعلم فرنسا ومن يسير على دربها أنهم سيبقون على رأس قائمة أهداف الدولة الإسلامية، وأن رائحة الموت لن تفارق أنوفهم ما داموا قد تصدروا ركب الحملة الصليبية، وتجرأوا على سب نبينا صلى الله عليه وسلم، وتفاخروا بحرب الإسلام في فرنسا، وضرب المسلمين في أرض الخلافة بطائراتهم التي لم تغن عنهم شيئا في شوارع باريس وأزقتها النتنة، وإن هذه الغزوة أول الغيث وإنذار لمن أراد أن يعتبر، والله أكبر”.

وفي أوائل عام 2016، انتشر في أوروبا دليل يدوي لإرهاب داعش يحمل رسوم توضيحية لمباني محترقة على غلافه، كان تحت عنوان إرشادات السلامة والأمان لمجاهدين الذئب الوحيد، ويهدف هذا الكتيب للعملاء الذي تسللوا بالفعل للغرب؛ فهو يعلم المجاهدين كيفية التكيف مع البيئة المحيطة بهم وتجنب رصدهم قبل تنفيذ الهجمات الإرهابي، ويشمل التعليمات التالية:

* “إن كنت تستطيع تجنب اللحية، وارتداء القميص، واستخدام المسواك وحمل كتاب الأذكار معك، فهذا أفضل”.

* “يجوز لك أن ترتدي قلادة تظهر الصليب المسيحي”.

* “كما تعلمون، فالمسيحيين أو حتى الملحدين الغربيين ذوي الخلفية المسيحية يتردون الصلبان على القلادات الخاصة بهم”.

* “ولكن لا ترتدي قلادة الصليب إن كنت تحمل اسم مسلم على جواز سفرك، فهذا قد يبدو غريبًا”.

* “إن كنت ترغب في استخدام العطور، لا تستخدم العطور الزيتية غير الكحولية والتي يستخدمها المسلمون، استخدم بدلا منها العطور الكحولية عامة كما يفعل الجميع، وإذا كنت رجلاً، استخدم العطور للرجال”.

“إن كنت ترتدي ساعة، لا ترتديها في يدك اليمين، حيث يعد هذا دليل على أنك متدين”.

* “إن كان لديك خاتم خطوبة أو شيء من هذا القبيل، فمن الأفضل ارتداء واحد من الذهب أو الأفضل من ذلك، لا ترتدي أية خاتم على الإطلاق”.

*”الخاتم الفضة يمكن أن يشير على أنك متدين، حيث يحرم الإسلام لبس الخواتم الذهب للرجال”.

وعلاوة على ذلك، فدليل داعش يعتمد بشكل كبير على “أهمية عنصر المفاجئة عند شن هجوم لإحداث أقصى حد من التأثير”، وهذا ما يفسر أيضًا كيف أن النوادي الليلية، الممتلئة بالموسيقى الصاخبة وأناس في حالة سكر، هي الأماكن المثالية لمناقشة الخطط الإرهابية دون أن يتم التجسس عليهم أو التسجيل لهم.

التقرير