العبادي للمطالبين بالإصلاح: لا صوت يعلو على صوت معركة الفلوجة

العبادي للمطالبين بالإصلاح: لا صوت يعلو على صوت معركة الفلوجة

_81249_o3

دعا رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، الخميس، العراقيين إلى تأجيل المظاهرات الشعبية المطالبة بالإصلاح إلى حين استكمال معركة الفلوجة، وذلك في أوضح استثمار سياسي للمعركة التي مالت أغلب التحليلات إلى أنّ موعد إطلاقها في هذا التوقيت بالذات لا يخلو أصلا من غايات سياسية.

وجاءت معركة استعادة الفلّوجة من سيطرة تنظيم داعش، التي أعلن رسميا عن إطلاقها الأحد الماضي، في أوج أزمة سياسية غير مسبوقة وصراع بين الكتل والأحزاب الحاكمة وضعت الميليشيات المسلّحة المرتبطة ببعض الأحزاب الشيعية على شفا صدام مسلّح في العاصمة بغداد.

ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية وتفاقم الأزمة الأمنية التي تجسّدت في سقوط المئات من الضحايا خلال هجمات منسوبة لتنظيم داعش على عدد من الأحياء في العاصمة العراقية، بدا الشارع العراقي مستنفرا لموجة جديدة من الاحتجاجات الغاضبة المنفلتة من رقابة بعض الجهات الدينية والحزبية وخصوصا تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي سبق له أن نجح في احتواء الاحتجاجات وقيادتها وتوجيهها.

وقبل أيام قليلة من إطلاق معركة الفلّوجة قام متظاهرون غاضبون مطالبون بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين وتحسين الأوضاع الاجتماعية والأمنية، باقتحام المنطقة الخضراء المحصنة داخل العاصمة بغداد والتي تضمّ أهم مقرات مؤسسات الدولة والسفارات الأجنبية.

وجاءت معركة الفلّوجة بمثابة متنفّس كبير وفرصة لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي ومن ورائها الأحزاب الشيعية والميليشيات المتنفّذة لتجنيد الشارع العراقي وراء صراع آخر على طريقة الشعار العربي المعروف خلال عقود خلت “لا صوت يعلو على صوت المعركة”.

وقال العبادي، خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية والعسكرية في مقر قيادة عمليات الفلوجة بحضور رئيس كل من البرلمان سليم الجبوري والوقف السني عبداللطيف الهميم ووزير التخطيط سلمان الجميلي “ندعو شبابنا إلى تأجيل تظاهراتهم إلى حين تحرير الفلوجة لأن قواتنا منشغلة بعمليات التحرير وأن هذه المعركة تتطلب جهدا كبيرا وإن التظاهرات، وهي حق لهم، تشكل ضغطا على قواتنا لتوفير الحماية اللاّزمة، وإن العدو غير تقليدي والحذر مطلوب لأن الإرهاب يستغل أي ثغرة قد تحصل”.

وأضاف “إننا بدأنا التخطيط لكيفية إعادة الاستقرار والإعمار للفلوجة قبل عملية تحريرها وهذا هو كل همنا ولا تمييز بين عراقي وآخر ونحن نشهد اليوم التفاف المواطنين حول قواتهم من جيش وشرطة وحشد شعبي وعشائري للدفاع عن العراقيين”.

المواطن العراقي اجتاز خلال المرحلة الماضية عتبة الخوف وكسر جدار الصمت على تجربة الحكم الكارثية

كما دعا العبادي إلى “وحدة العراقيين ونبذ التفرقة والحذر ممن يحاول إثارة الطائفية ومن الإعلام المضلل الذي يدس السم في العسل والذي يحاول إنقاذ الدواعش، وأن المقاتلين من أبناء المحافظات كافة يضحون بأرواحهم في معركة تحرير الفلوجة بغض النظر عن انتماءاتهم”.

وبحسب معارضين عراقيين لحكم الأحزاب الشيعية في العراق، فإنّ الاستثمار السياسي في معركة الفلّوجة استثمار ظرفي قصير المدى وضيّق الأفق.

ويرى هؤلاء أن نجاح معركة الفلّوجة، ومن بعدها معركة إنهاء سيطرة داعش على مختلف المناطق العراقية سيكون له مفعول عكسي، وأنّ مرحلة ما بعد داعش في العراق ستكون أصعب على الأحزاب الشيعية الحاكمة.

وبحسب هؤلاء فإن الاستقرار “المفترض” تحقيقه في العراق سيعني بشكل آلي انخراط مناطق ومدن شمال العراق وغربه، في موجة الاحتجاجات العارمة التي تقتصر حاليا على بغداد وعدد من مدن ومحافظات الجنوب المستقرّة.

ويرى أصحاب هذا الطرح أنّ المواطن العراقي اجتاز خلال المرحلة الماضية عتبة الخوف وكسر جدار الصمت على تجربة الحكم الكارثية القائمة منذ سنة 2003، وما عاد من الممكن أن يسكت عنها خلال الفترة القادمة.

كما يتوقّع هؤلاء أن يصرّ العراقيون في حال تحقيق انتصار ساحق على تنظيم داعش على محاسبة السياسيين الذين قادوا البلد إلى هذا الوضع وتسببوا في انهيار اقتصاده وقواته المسلّحة حتى انتهى الأمر بما يفوق ثلث مساحة البلاد محتلة من تنظيم داعش.

ومن جهتهم يخشى مراقبون من أنّ إطلاق معركة الفلّوجة جاء قبل استيفاء شروط المعركة وعلى رأسها تأمين المدنيين المحاصرين في المدينة والممنوعين من قبل عناصر داعش من المغادرة ما يشكل خطرا كبيرا على حياة ما يزيد على خمسين ألف شخص من السكان العزّل.

وأعلنت الأمم المتحدة الخميس أن نحو 800 شخص فقط تمكنوا من الفرار من مدينة الفلوجة منذ بدء العملية العسكرية الكبرى لاستعادتها من داعش بينما يعاني السكان العالقون فيها ظروفا معيشية بالغة الصعوبة.

وقالت ليز غراند منسقة البعثة الأممية للشؤون الإنسانية في العراق في بيان إن الأشخاص الذين تمكنوا من الفرار من المدينة المحتلة من قبل تنظيم داعش أفادوا بأن الظروف المعيشية في داخل المدينة رهيبة.

وتابع البيان “نحن نتلقى تقارير مؤلمة عن المدنيين العالقين داخل الفلوجة وهم يرغبون في الفرار إلى بر الأمان، لكن ذلك غير ممكن”.

واضاف بيان المنظمة أن “بعض الأسر قضت ساعات طويلة من المسير في ظروف مروعة للوصول إلى أماكن آمنة، بينما سكان مركز المدينة يعانون مخاطر أكبر لكونهم غير قادرين على الفرار”.

وقالت غراند إن “الغذاء في الفلوجة محدود ويخضع لسيطرة داعش، والدواء نفد، والكثير من الأسر تعتمد على مصادر مياه ملوثة وغير آمنة لعدم توفر خيار آخر”.

صحيفة العرب اللندنية